-
عندما تتساوى تركيا وإسرائيل في الاحتلال والضمّ
مناسبة الحديث، تصريحات تركيّة جديدة على لسان المتحدّث باسم الرئاسة التركيّة، إبراهيم قالن، والتي استنكر فيها التهديدات الإسرائيليّة بضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلّة، عام 1967، زاعماً رفض أنقرة لتلك المخططات.
وقال قالن، في تغريدة على صفحته في موقع “تويتر”، أمس الثلاثاء: “نرفض المخطّطات الإسرائيليّة الساعية لضم الضفة الغربيّة، ونطالب المجتمع الدولي باتّخاذ موقف ضدّها”، مضيفاً: “الاحتلال والضم كلاهما جريمة، وتركيا ستدعم كافة الخطوات التي سيتم اتّخاذها ضدّ سياسة احتلال وضم الأراضي الفلسطينية”.
قالن وماذا عن الضم في شمال سوريا؟
ولربما كان الحديث التركي له طعم، لو لم تتحوّل من جهة تدّعي دعم السوريين في حراكهم ضدّ النظام المستبدّ في دمشق، إلى جهة تفرض أجنداتها على أقطاب المعارضة السورية، مُقصيّةً مكوّنات عديدة من السوريين، وداعمة لأخرى بالعتاد والسلاح والمال والعدّة والطبابة والإغاثة.
حتّى بات مُدركاً لدى جميع السوريين حتى المعارضين منهم، أنّ الجسد الأكبر للمعارضة والمُمثل في ما يسمى بـ”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، لم يعد إلا بيدقاً تركياً يُحرّكه سيّده في أنقرة، وفقاً لأهوائه ومصالحه، وإلا فما مصلحة السوريين في اقتتال بيني شمال سوريا بحجة محاربة الانفصاليين، وإذ بهم من يدّعون الدفاع عن وحدة البلاد وهم يُحوّلون العلم التركي إلى رمز مُقدس يُحرّم التطرّق إليه بأيّ شكل، شأنه شأن صور أردوغان واللغة والعملة التركيتين، بجانب الارتباط المؤسساتي بين المجالس المحليّة التي تتبع بالاسم للمعارضة، وبالفعل إلى الولايات التركيّة كأي بلدة ضمن كلس وغازي عنتاب وهاتاي، حتى أضحى الزائر لها غير مدرك أنّه في أرضٍ سوريةٍ أساساً.
كما بات جلياً أنّ الدعم التركي الوافر للمعارضة السورية التي كانت منذ بدء الصراع المسلّح في البلاد، عقب تحوّلها عن مسار المظاهرات السلمية، بأنّه كان على تخطيط مسبق، ولم يكن يوماً لسواد عيون “الثوار السوريين” كما كانت تدّعي أنقرة أو نصرة للمستضعفين، أو غيرها من الشعارات الطائفية التي مزّقت أنقرة عبرها المجتمع السوري على أساس طائفي وعرقي، فأضحت البلدات السورية تُحلّل دماء بلدات مجاورة لها على مدار السنين، لأنّها تنتمي لمكونات طائفيّة أو عرقيّة مختلفة عنها.
بل كان ذلك الدعم في الحقيقة سعياً من أنقرة لتحويل سوريا إلى مستعمرة تركية، عبر إسقاط النظام الحاكم في دمشق، وتولية أنصارها من تنظيم الإخوان المسلمين على سدّة الحكم، الذين كانوا سيكفلون لها بكل تأكيد، تمرير كافّة أجنداتها أكانت سياسيّة أم اقتصاديّة.
ولكن وعقب فشل التنظيم وأعوانه من التشكيلات المسلّحة التي كانت تتبع له بشكل مباشر أو مستتر، أضحى ليس في مقدرة أنقرة سوى السعي لقضم الأراضي السورية المحاذية لها على الحدود، بعمق 35 كم داخل الأراضي السورية، وهو ما سيحقّق لها أهداف عديدة، أبرزها التطهير العرقي بحقّ المكوّن الكُردي في شمال سوريا، كما حصل في عفرين إبّان الهجوم عليها العام 2018، ومن ثم ما حصل في مدن تل أبيض ورأس العين العام 2019، والتي هُجّر منها مكوّنات مختلفة عرقياً، نتيجة الجرائم التي ارتكبها مسلحو أنقرة ممن يسمّون أنفسهم بــ”الجيش الوطني السوري”.
قالن وماذا عن الاحتلال في ليبيا؟
أما في ليبيا، فيتكرّر الاسم السابق نفسه، لكن على بعد ألفي كيلو متر من أرضهم التي يدّعون أنّهم ثوار عليها، والغريب أنّ “الجيش الوطني السوري” لم يخض أي معارك رسميّة مع قوّات النظام السوري، ولم يسبق أبداً أن “حرّر” بلدة أو قرية من النظام الذي يدّعي الثورة عليه، لكنه في الوقت نفسه جاهز لكي يرسل آلاف المسلحين بحجّة مناصرة الليبيين الذين ناصروهم، مع العلم أنّ وجع السوريين الأكبر كان من تدخل من يسمّون أنفسهم بالـ”مجاهدين”، من الجماعات التكفيرية كـ(التركستاني، النصرة وداعش) وغيرها من المجاميع التكفيرية.
وإن كانت الذريعة التركية في سوريا، قد تجد لدى المناصرين لتنظيم الإخوان المسلمين ما يبرّرها بحجة “الحفاظ على وحدة البلاد” المزعومة من قبلهم، فهؤلاء أنفسهم لم يجدوا ما يبرّرون به الغزو التركي للأراضي الليبية، حتّى خرج أحد متزعمي ما يعرف بـ”الجيش الوطني السوري” ويُكحلها بالقول إنّهم “فداء للخلافة العثمانية”.
ليختزل ذلك الاقتباس، كامل اللوحة الواقعة في سوريا وليبيا من قبل “خَدَم العثمانيّة”، الذين لم يعد من اللائق بهم الحديث عن الوطنية السورية أو الوطنية الليبية، كما هو الحال مع أنقرة التي جنّدت هؤلاء المسلحين أو غيرهم، ليبرّروا احتلالها أراضي دولة ذات سيادة، أو قضم أراضي دولة مجاورة لها ذات سيادة، وبالتالي لا يليق ولا يحقّ لها الحديث عن المبادئ والأخلاق والقانون الدولي، وهي التي تمارس الاحتلال والقضم عينه المُمارس من تل أبيب.
ليفانت-خاص
تحرير وإعداد: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!