-
مُدَّعٍ يؤكد رؤيته قتلى تحت التعذيب ويتهم رسلان بقتل وإخفاء أخيه
لونا وطفة
" أريد أن أؤكد للمحكمة بأنني لستُ شاهداً بل أنا مدعٍ، وأتهم رسلان مباشرةً بجريمة اعتقال شقيقي الطبيب حيَّان محمد محمود وإخفاء مصيره حتى هذه اللحظة. وحسب ما توارد لنا من أنباء -إن كانت صحيحة- اتهمه بقتله تحت التعذيب". بهذه الكلمات وبنبرةٍ قوية وبعد تلاوة التلقينات القانونية عليه من قبل القاضي الأولى، ابتدأ الشاهد والمدعي حسان محمد محمود شهادته في الجلسة الخامسة والثلاثين من محاكمة المتهمين أنور رسلان وإياد الغريب اليوم بتاريخ السادس من شهر تشرين الأول لعام 2020.
أكمل المدعي الحديث عن نفسه بعد أن طلبت منه القاضي ذلك فقال أنه يبلغ من العمر 52 عاماً وأنه اعتقل مرتين لدى النظام السوري من مدينته السَّلميِّة لأنه كاتب ولأنه شارك في المظاهرات السِّلمية واشترك بالعمل الإعلامي بتنسيقية مدينته عام 2011. الاعتقال الأول من قِبل المخابرات الجوية بتاريخ 03.05.2012 وأُفرج عنه في اليوم العاشر من ذات الشهر، والثاني من قِبل الأمن العسكري بتاريخ 16.07.2012 وأفرج عنه بتاريخ 29.07.2012، وأخبرهم أنه عُذِّب تعذيباً شديداً لدرجة أن جيرانه رأوا علامات التعذيب على جسده عندما أفرج عنه من الاعتقال الأول، وبأن جريدة الشرق الأوسط ومراسلون بلا حدود كتبوا حينها عن اعتقال النظام له.
أخبر السيد حسان القضاة عن رؤيته لجثث قتلى تحت التعذيب في اعتقاله الأول، تحديداً في مطار حماه، أما في اعتقاله الثاني فلم يرَ جثثاً أو تعذيباً ولم يُعذَّب، بيد أنه رآهم يسكبون ماءً مغلياً على سيدةٍ معتقلةٍ لديهم.
وعن الاعتقال الأول أخبر السيد حسان القضاة أن العساكر قاموا بضربه بشدة في السيارة بعد اعتقاله وقبل وصوله إلى الفرع على يديه بشكل أساسيٍ لأنه كاتب. وصل بعدها إلى فرع الجوية ووضع بزنزانة مساحتها 18 م² وجد فيها ما يقارب الخمسة وسبعون معتقلاً العديد منهم كان ينزف ويحتضر. ثم تحدث عن الظروف الصحية والطعام السيء في الفرع وعن ضربهم للمعتقل عند الخروج إلى المرحاض مرة واحدة في اليوم. ثم أخبرهم أنه وفي منطقة المراحيض رأى سبع جثث ومعتقليَن اثنين آخرين كانا معلقين وبدا عليهما أنهما يلفظا أنفاسهما الأخيرة، وأيضاً في زنزانته توفي اثنين من المعتقلين وجاء السجَّان لأخذهما بعد مضي 12 ساعة على وفاتهما.
بعد حديثه قليلاً عن عائلته ودراسته أكمل السيد حسان عن أخيه حيَّان المُعتقل من قِبل أمن الدولة/فرع الخطيب، فقال بأنه كان على وشك السفر إلى أمريكا لاستكمال دراسته هناك بعد أن تخرَّج وكان الأول على دفعته في كلية الطب في حلب، ولكنه قرر أثناء استكمال اجراءات السفر أن يختص في مشفى المجتهد بمجال الداخلية والقلبية. أثناء وجوده في المشفى سكن معه طبيبٌ آخر يدعى إ.ش ويعمل كما قال حسان مخبراً للنظام. قبل يومين من اعتقال حيَّان نشب خلافٌ بين حيَّان و إ.ش بسبب رأي الأخير بضرورة قتل كل المتظاهرين السلميين وإبادتهم. عرف أهل حيَّان من باقي الأطباء في المشفى بعد اعتقاله أن الطبيب إ.ش أخبر مدير المشفى بطبيعة الخلاف الذي حدث بينه وبين حيَّان الأمر الذي أدى لاعتقاله بعد يومين من هذه الحادثة. يكمل حسان أنه وفي ذات اليوم الذي اعتقل فيه حيَّان من جهة أمن الدولة بدمشق، اعتقل هو الآخر من جهة الأمن العسكري "أي اعتقاله الثاني" في السلميَّة.
صورة من الانترنت لشهادة تخرج المعتقل والمغيَّب قسرياً حيَّان محمد محمود.
سُئل السيد حسان بعد ذلك عن تواصله بعد خروجه من المعتقل مع أحد المعتقلين السابقين لدى فرع الخطيب ويدعى ع.ح والذي تم بناءً على منشور فيس بوك قام الأخير بكتابته ونشره ثم قام السيد آكاد الجبل المعروف لدى السوريين بمشاركته في صفحته حيث رآه السيد حسان وطلب من السيد آكاد الجبل أن يضعه على تواصل مع كاتب المنشور وهو ما حدث. تشارك هذه المحادثة -والتي أحضرها حسان مطبوعة لإعطائها للمحكمة- المعتقل السابق ع.ح والذي قال أنه كان مع حيَّان في لحظاته الأخيرة، والسيد حسان وأخٌ آخر لحسان يعمل كطبيب لأجل معرفة الحالة الصحية التي كان عليها حيَّان قبل قتلهم له. أخبرهم ع.ح أن حيَّان عُذِّب كثيراً، وبعد اعتقاله بيومين نشب خلافٌ بينه وبين سجين آخر يدعى م.ع كان رئيساً للمهجع وشبيحاً أيضاً حيث قام بضرب حيَّان ضربةً واحدةً فقط. بعد ذلك وعندما أرادوا إيقاظ حيَّان لتناول الإفطار كان تنفسه قد توقف وبدأ الزبد يخرج من فمه. جاء السجَّان بعد مدة من إخبار المعتقلين له بأن حيَّان قد توفي وأخذه ثم عاد لاستدعاء ع.ح وأخذه إلى مكتب مساعد أول يدعى أبا صخر من مدينة صافيتا، طلب الأخير من المعتقل كتابة إقرار أن حيَّان توفي من تلقاء نفسه ولم يتعرض للتعذيب. يظن السيد حسان أنه لازال هناك أمل بسيط في رواية هذا المعتقل لأنه لم يرَ حيَّان بعد سحبه خارج الزنزانة فربما تم إنقاذه، وأن إرغامهم له على كتابة إقرار بوفاة حيَّان قد يكون أسلوباً من أساليبهم في إخفاء الأشخاص قسرياً. أخبره هذا المعتقل أيضاً أن في زنزانته وحدها في فرع الخطيب توفي سبعةُ أشخاص آخرين غير حيَّان.
سُئل الشاهد عن اتباعهم لطرقٍ أخرى في سبيل معرفة مصير حيَّان فأجاب بأنهم تواصلوا أيضاً مع أحد أقاربهم وهو زوج ابنة عمه ويدعى م.ف، كان يعمل محققاً تحت إمرة رسلان مباشرةً، حيث أخبرهم أولاً باعتقال حيَّان وبأن أموره جيدة وسيخرج بعد عدة أيام ليتفاجئوا لاحقاً باتصالٍ منه بعد ثلاثة أيام وإخبارهم أن حيَّان مات وقام بتهديدهم بعدم السؤال عنه أو الحديث عنه بالمطلق وإلا سيقومون باعتقال شقيقٍ آخر له.
تواصل حسان أيضاً مع شخص في الأردن يدعى ف.ج بعد انشقاق رسلان ليقوم بالتواصل معه وسؤاله عن حيَّان فأخبره رسلان حينها أن حيَّان مات على أغلب الظن لشدة التعذيب الذي طاله.
وأيضاً تواصل مع أحد المنشقين من فرع الخطيب ويدعى ف.ح بعد ظهوره على شاشة التلفاز وقوله أنه هرَّب سجلات لأسماء أشخاص قتلوا تحت التعذيب في فرع الخطيب، وطلب منه البحث عن اسم شقيقه فوجده ضمن السجلَّات تحت الرقم (71) وقام بإرسال صورة السجل لحسان الذي أحضره للمحكمة أيضاً وعُرضَ على شاشة العرض في قاعة المحكمة متضمناً اسم حيَّان الكامل ورقم 71 بجانبه مع رقمين آخرين قال حسان أنهما رقمي الجثة ورقم البراد الذي وضعت جثته فيه.
ذكر له هذا المنشق أن السجلات وُضعت لحصر عدد القتلى زمنياً. سُئل السيد حسان عن معرفته بهذا المنشق فقال أنه لا يعرف عنه أكثر من كونه منشقاً ويعيش في تركيا. وعن موقف المنشق ف.ح من اعتقال رسلان أجاب السيد حسان بأن ف.ح يدافع عن رسلان لأسباب طائفية فقط لكون رسلان سُنِّي ويعتبر أنه وبعد انشقاق رسلان يجب علينا كسوريين أن ننسى كل ما فعله سابقاً.
كانت هذه الطرق بعضاً مما ذكره السيد حسان عن محاولاتهم الوصول لمعلومات أكيدة عن أخيهم، تضمن ما قاله أيضاً محاولات ابتزاز واستغلال ودفعهم لملايين الليرات دون جدوى.
سُئل الشاهد عن شاهدة سابقة في هذه القضية وتدعى ل.م وعن علاقته بها فأخبر المحكمة أن علاقته بها سطحية وبعيدة وبأنهم تواصلوا معها أثناء وجودها في الأردن لتتواصل مع رسلان وتسأل عن حيَّان بيد أنها لم تأتهم بأي معلومات.
تحدث أيضاً عن قدرة أحد أفراد أسرته بعد عدة وساطات الدخول إلى فرع الخطيب وقيام عناصر الفرع بتسليمه جثة أخرى مدعين أنها جثة حيَّان بيد أنه أنكر أنها تعود له، بعد ذلك أخبروه بالتالي: "يقول لك العقيد أنور رسلان اذهب إلى مشفى حرستا وتشرين للبحث عن جثته".
سأل القاضي الثاني السيد حسان عن سبب قيامه باتهام رسلان مباشرة بداية الجلسة بتعذيب وقتل أخيه، فأجاب بأن رسلان كان حينها رئيس قسم التحقيق في الفرع وهو من قام بإرسال الرسائل لهم سواءً عندما كان مع النظام "كرسالة البحث عن جثته في المشافي" أو عندما انشق كقوله "أغلب الظن أنه مات".
سُئل الشاهد أخيراً عدة أسئلة من أطراف الدعوى تؤكد على المعلومات المذكورة أعلاه. ثم جاءت أسئلة محامي رسلان أخيراً بالسؤال عن قريبهم م.ف وإن كان لا يزال يعمل مع النظام أم لا فأجاب المدعي بأنه لا يعرف عنه أي شيء الآن، ثم سأله المحامي إن كانت مدينة السلميَّة ضد النظام بأكثريتها أم معه، فأجاب الشاهد بأن تعداد السكان في السلميَّة يبلغ تقريباً 100 ألف نسمة وأن من خرجوا بالمظاهرات السلمية منهم بلغ 15 ألف تقريباً ولكنه يعتقد بأن المدينة بأكثريتها معارضة للنظام. وتحدث أيضاً عن إطلاق الرصاص فيها من قِبل الأمن على المتظاهرين ولكن بشكل أقل بكثير من مناطق الأكثرية لحرص النظام على التعامل بلطف أكبر مع الأقليات بسبب تمسكه بروايته أمام الغرب أنه يحارب الإرهاب وبالتالي سيكون الإرهاب ضمن الأكثرية السنية بالطبع وليس ضمن الأقليات.
انتهت جلسة المدعي والشاهد حسان محمود تمام الساعة الواحدة والنصف. ستستكمل المحكمة جلساتها غداً وبعد غدٍ مع شهودٍ آخرين.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!