-
موت الحريرية السياسية.. إعلان انتصار إيران
جنّ جنون فرنسا والسعودية، وضغطت أمريكا لسحب الجيش السوري منه، فكان أن ملأ حزب الله وإيران الفراغ، وحاولوا جرّ النظام السوري والإيراني للمحكمة لكنهم سرعان ما تراجعوا واعترفوا بحقيقة هزيمتهم، وهكذا تنازلوا بالجملة عن المحكمة، بل هندس الملك عبد الله عملية تبرئة النظام السوري والاعتراف بنفوذ سوريا في لبنان، بدلاً عن إيران وحزب الله كما توهم ، وعاد سعد ابن رفيق الحريري ليصبح رئيس حكومة لبنان بصفقة أيضاً مع النظام السوري، كما فعل والده الذي قتل على يد ذات النظام ، لكن هذه المرة بإمكانات هزيلة ومال
سياسي أقل بكثير، فأصبح لعبة بيد القوى الأكبر منه، وخسر قاعدته ودوره ثم خسر ماله، ولم تنتهِ المحكمة بنتيجة عملية بعد عقد من عملها، وهكذا بقي لبنان تحت هيمنة إيران ثم امتدت هيمنتها لسوريا أيضاً، التي قدمت على طبق من فضة للإيراني، وأجبر الحريري على الانكفاء ثم قطعت مصادر المال السياسي الذي انتصب بواسطته، وهكذا قرر سعد الاعتكاف التام عن السياسة والموت سياسياً بدل أن يقتل بتفجير كما حصل لأبيه، وأعلن سعد طوعاً نهاية إمبراطورية المال السياسي التي بناها والده، لسبب بسيط أنه لم يعد هناك مال، فالسياسة وفق تلك النظرية تبدأ بالمال، وليس بالشعب وقضاياه، وكأن قضية لبنان وأزماته مفتعلة وليست حقيقية وليست كافية لإنضاج تيارات وقوى سياسية وتحالفات وحشد قدرات من أجلها بل تنتظر من يستأجر الجماهير والنواب ويحرك المظاهرات بدفع الرواتب، كما تفعل ايران.. وكما كان يفعل رفيق سابقاً. وهكذا تأخر دفن الحريرية السياسية بعد موت رفيق، فدفنت بيد سعد ولده، بعد ١٥عاماً.
بموت الحريرية السياسية وإعلان سعد استقالته، وانفراط تيار المستقبل، تصبح الطائفة السنية في خبر كان، بل مجرورة بحرف الاستفهام.. ستنقسم الطائفة حتماً بسبب غياب الرموز الاجتماعية السياسية وغياب التنظيمات، وقبلها البنية التقليدية للإقطاع السياسي فيها والتي قوّضها رفيق الحريري ذاته بإقصاء عائلاتها المعروفة (الصلح، سلام، كرامي، سعد...)، ستنقسم الطائفة وتعيد تحلقها ولو جزئياً حول عدد من الرموز الجديدة التي تحصل على تمويلها من الفساد وحزب الله، وستصبح رديفاً للحزب وإيران، كما حصل مع قسم من الطائفة المسيحية والدرزية.
وهكذا تثبت السعودية وفرنسا أنهما تستحقان كأس الخسارة، بينما يتجرّع الشعب اللبناني والسوري كأس المرارة، لأنهم كانوا ضحية قيادة المال السياسي، الذي أرسلته دول الخليج لتكرّس فيه الطائفية والإقطاع السياسي، وتهيمن من خلاله عليهم وعلى لبنان، بصيغته الإقطاعية القديمة التي ماتت وشبعت موتاً، وتحوّلت لدمار يهيمن عليه أيديولوجية طائفية عسكرية إرهابية شيعية مسلحة ذات امتداد إقليمي تسعى لأن تصبح الدولة العظمى الوحيدة في شرق المتوسط، وقد شارفت على اعلان النصر.
بقي هناك أمام سنة لبنان، الذين لا يقبلون بالخنوع للإيراني، فرصة أن يتوّجوا الحكيم سمير جعجع كمرشد أعلى أو مفتي عام لبنان والطائفة السنية على أمل أن يحتفظوا بقدر من الكرامة.
ليفانت - د. كمال اللبواني
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!