الوضع المظلم
السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
مفرقعات آية الله !
أنمار نزار الدروبي

قبل أيام قليلة استيقظ العالم على الصواريخ الإيرانية وهي تدك القواعد الأمريكية في العراق! وأيا كان عدد الصواريخ التي أطلقت على المواقع الأمريكية فهي لا تتعدى كونها أكذوبة من أكاذيب ملالي طهران ولعبة من ألاعيب المرشد علي خامنئي وأصحاب القرار السياسي الإيراني.. فخامنئي رجل سياسة قبل أن يكون رجل دين، أما مسألة (آية الله) فهذه يستخدمها المرشد الإيراني وباقي الملالي في إيران للضحك على شعبهم أولاً، وللاستهلاك الإعلامي ثانياً. لقد حبس العالم  أنفاسه وهم ينتظر خطاب ترمب بعد الضربة الإيرانية، حيث كان تواجد وزير الدفاع الأمريكي ووزير الخارجية (بومبيو)، بالإضافة إلى ظهور عدد من القادة العسكريين مع ترمب في ساعة الخطاب، كفيل بأن الأيام القادمة ستكون دار حرب ومعارك ضارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.. ولكن خرج علينا الرئيس الأمريكي في خطاب أنيق ورومانسي ليطلب من إيران أن تكون دولة عظيمة وفاعلة في المنطقة، مع إقراره بفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية الجديدة عليهم. من دون أدنى شك أنها كوميدية سوداء أبطالها أصحاب العمائم في إيران وعلى رأسهم خامنئي، فهم يستغفلون الشعب الإيراني من خلال استعراض عضلاتهم  ضد أمريكا وإسرائيل، لكن الحقيقة التي فرضت نفسها على أرض الواقع السياسي ومنذ عقود هي أن إيران لا تشكل أية تهديد على أمريكا أو خطر على أوربا.


 ومن هذا المنطلق إذن: لا أمريكا ولا الغرب يضحي بإيران.. الأغبياء فقط من يهرعون خلف التصريحات والجعجعة الإعلامية.. كما أن التدخلات الإيرانية بالمنطقة تتم بموافقة الإدارة الأمريكية والغرب وتأتي ضمن سياق الخطة الأمريكية لتقسيم الشرق الأوسط.


لأن القيادة الإيرانية نظام براغماتي، وان كل ما يجري تحت السطح عبارة عن تفاهمات واتفاقيات بين واشنطن وطهران، بيد أن التوظيف السياسي للأزمة يمكن أن يرى وبوضوح من خلال أكذوبة الصراع الأمريكي_ الإيراني، وعلينا أن ندرك أن مساحة الاتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران أكبر بكثير من مساحة الخلاف، وستشهد الساحة السياسية تقارب أكثر بين البلدين  ليس إعلامياً، بل عبر ما تفرزه التداعيات الموجودة على أرض الواقع، وطبعا سيستمر الغباء العراقي الذي يعيش حالة من السعادة المفرطة بعد كل خطاب لترامب، حيث يحلم البعض بأن الوقت قد أزف للقضاء على إيران وفيروسات الحشد الشعبي أو الميليشيات؟ هذا غير صحيح ولا يمت للواقع بأية صلة، لأن الأحداث تؤكد أن بعد كل تصعيد أمريكي ضد إيران، يتم دعم الولايات المتحدة الأمريكية اقتصادياً من العرب، وإن جوهر الموضوع هو ملف الاتفاق النووي، التي كانت من أهم بنوده السرية هو تعهد مدعوم من الغرب بأن إيران لا تهدد أمن  إسرائيل، في الوقت ذاته أطلاق يد إيران في المنطقة خصوصاً في سوريا والعراق ولبنان واليمن، بشرط عدم المساس بمصالح أمريكا والغرب، وإيران ملتزمة بكل ما جاء بالاتفاقية حرفياً.


وكما ذكرنا سابقاً فيما يخص قدسية العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران.. قطعاً لا يوجد حليف استراتيجي فاعل على ساحة الشرق الأوسط لأمريكا سوى إيران، ولا يوجد نظام يزعزع استقرار المنطقة المطلوب استراتيجياً سوى إيران الخميني، ومن خلال الطائفية بكل ما يخدم المصالح الأمريكية ويوفر تعطيل لكل مشروع مواجهة حقيقية ضد إسرائيل.. بل أن نظام الخميني الإيراني ومنذ زوال نظام الشاه حيّد الصراع العربي الإسرائيلي وطرح نفسه بديلاً عن إسرائيل في تهديد وجود جميع الدول العربية. إيران تقع في المنتصف، سياج بين الشرق والغرب، أما العرب ليست لهم أية وجود في الحسابات، وإن ضفتي الخليج العربي في الوقت حاضر متوازنة، ضفة فيها دول الخليج والضفة الأخرى إيران وهذا هو التوازن الذي تسعى أليه الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها لا تريد أن تخلق فراغ جيوسياسي يتم استغلاله من قبل روسيا والصين. وبالنتيجة فقد سقطت أقنعة النظام الإيراني في قضية محور المقاومة التي صُدعت رؤوسنا بها.. وذهبت مع الريح دعوات الشيطان الأكبر ولم يعد أحداً يبتلع الطعم، بعد مهزلة الضربة الصاروخية التي لا تتعدى سوى مفرقعات لا تُسمن ولا تُغني من جوع. ولقد بدأت إيران صفحة جديدة من التظاهرات الشعبية التي تنادي بإسقاط نظام الملالي.. نظام الخيبات الذي يسعى بحسينياته الممتلئة أن يفرض أكاذيبه ودجل رجالات الدين على الشعب، متناسياً بأن هناك جيل جديد خرج من رحم المعاناة اليومية ليقول لا للذلة ولا للترويض الذي يمارسه ما يسمى رجال الدين منذ مجيء الخميني وإلى اليوم.


بقلم, الكاتب والباحث السياسي


الدكتور  أنمار نزار الدروبي


 


 


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!