الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • لماذا كل هذا التشتّت في صفوف الأحزاب الكرديّة في سوريا؟

لماذا كل هذا التشتّت في صفوف الأحزاب الكرديّة في سوريا؟
حسين أحمد









إنّ المشهد السياسي الكردي وعلى المستوى الدولي، وخاصة على الساحتين الدوليّة والإقليميّة، حيث تنشط الأحزاب الكردية ضمن مجموع الحركة الكردية بمختلف تنظيماتها، وعلى أكثر من مستوى، لتأخذ مكانتها ضمن السياسة الدولية وخاصة دورها الطبيعي في المتغيرات الحالية بهدف الخروج بموقف موحد.


وفي الوقت ذاته تشتدّ حاجة الشعب الكردي بعد معاناة طويلة من الحرب والفقر إلى توحيد صفه ونيل حقوقهم ورفع الاضطهاد عن كاهله وإبراز شخصيته الكردية وعن طبيعته التاريخية، في سبيل تحقيق طموحه المشروع والاعتراف السياسي والدستوري بوجوده كشعب أصيل له جذوره التاريخيّة في سوريا، وفي هذه المرحلة الدقيقة والحساسة ومن خلال كل هذه التفاعلات الدولية والإقليمية، وخاصة الكردية منها، فكان من الضروري تسليط الأضواء على واقع الحركة الكردية ومواقعها ومواقفها في سوريا.


بداية تأسيس أول حزب كردي في سوريا


تعتبر الأحزاب الكردية أنّ تاريخ 14 حزيران 1957 هو ميلاد الحركة الكردية، ويحتفل العديد من الأحزاب بذلك، كما أنّ قضية من هو أول حزب كردي يثير الخلاف الدائم بين الأحزاب الكردية. لقد تأسس الحزب الأول باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا “البارتي”، وثمّة من يقول إنّه كان باسم الحزب الديمقراطي الكردي، وذلك بجهود عدّة شخصيات، منهم وبحسب القدم عثمان صبري ،عبد الحميد حاج درويش، حمزة نويران، الشيخ محمد ملا عيسى ملا أحمد، رشيد حمو، محمد علي خوجة، خليل محمد وشوكت حنان. يقول الأستاذ حميد حاج درويش بأنّه كان يجمعه مع العم عثمان صبري صداقة وعلاقة طيبة عندما كان طالباً في خمسينيات القرن الماضي، وبأنّ أوصمان صبري اقترح عليه أن يؤسسا معاً جمعية أدبيّة يسميها المرحوم حميد “جمعية إحياء الثقافة الكردية”، حيث تشكّلت الجمعية في عام 1955، وكان من أبرز مؤسسيها أوصمان صبري وحميد حاج درويش، وكانت الجمعية تهدف إلى نشر وتعليم اللغة الكردية، ونشر بعض الأدبيات الكردية، مثل كتاب صفحات من الأدب الكردي للسيدة روشن بدرخان.


دور الحركة الكرديّة في كل هذه المتغيرات العالميّة والدوليّة والإقليميّة


بعد هذا التاريخ في حمل أهداف الشعب الكردي وقضاياه المصيرية القومية والوطنية والديمقراطية والإنسانية عبر مسيرته الطويلة والشاقة المكللة بالعذابات والعثرات والاعتقالات، كانت الغاية المرجوّة هي خدمة الشعب الكردي المضطهد التوّاق إلى الحرية، فإنّ حرية الفكر والتعبير ورفع شأن الإنسان الكردي لتتحقق إنسانيته أينما كان، لكن وعلى الرغم من المصاعب الكثيرة التي تصدّت العمل السياسي والتنظيمي والإداري والإعلامي للأحزاب الكردية، إلا أنّها استطاعت وبكل جدارة التأكيد على نهجها الوطني والديمقراطي وخطّها السياسي الواضح كوردياً عبر ممارساتها السياسية والثقافية والاجتماعية، ولذلك يقول المتابع للشأن الكردي: لماذا كل هذا التشتّت والتشرذم في صفوف الأحزاب الكردية في سوريا؟


بالتأكيد هو سؤال شرعي يتوارد إلى ذهن كل كردي مهتم، والجواب يأتي واحداً وقاطعاً، إنّها ظاهرة شاذة وغير مبررة ولا تخدم القضية الكردية، وهذا التشرذم لم يأتِ من فراغ.


بداية يجب أن نسأل أنفسنا من المستفيد من هذا التشرذم وهذه الصراعات؟


بكل بساطة هم خصوم الشعب الكردي، لذلك لا أعتقد أنّ هذا التشرذم هو عفوي لأنّ هناك من يخطط في الخفاء ضد الشعب الكردي وقضيته، وبالتالي فإنّ إضعاف حركته هو السبيل الأساسي لضرب هذا الشعب وقضيته الأساسيّة. لاشك أنّ هذا الواقع مهما كانت أسبابه غير المباشرة فيجب الإقرار بأنّ القيادة الكردية تتحمل مسؤوليتها مشتركة ومجتمعة على الرغم من الخلاف الشاسع والكبير في تحمل هذه المسؤولية، بين من يصون وحدة الخطاب الكردي والحركة، وبين من يمارس الانشقاق، ولكنها في المحصلة مسؤولية الجميع رغم عدم التساوي في المسؤولة.


أعتقد أنّ الحركة الكردية ما تزال تقف على مسافة بعيدة لتحمل مسؤولياتها بشكل جدي يتناسب وظروف المرحلة، وأنّ الصراع الكردي الكردي يتقدّم كثيراً من حيث السلوك العملي على الصراع مع مضطهدي شعبنا، وبالتالي فإنّ الظروف الذاتية للحركة ناضجة وتتماشى مع الظروف الموضوعية، وهذه هي حال الكرد عبر التاريخ، حيث فشلوا في معظم مراحل التاريخ عدا كردستان العراق في استثمار الظروف بشكل مناسب، فالمطلوب منهم على الدوام هو تحقيق ظروف ذاتية في منتهى الحيوية والجاهزية، وذلك بغية استثمار الظروف الموضوعية والقدرة والنجاح في تطويع ولو جزء من الظروف الموضوعية لصالح القضية، وهذا ممكن جداً في حال الوقوف على أرضية صلبة والإيمان بالشعب وتعبئته للنضال والتضحية لا العمل على تدجينه، كما يحصل أحياناً.


نستطيع أن نستفيد في هذا المجال من تاريخ تحرّر الشعوب عامة، والشعب الكردي خاصة، ومنها تجربة إقليم كردستان الرائدة، تلك التجربة التي أثمرت عن نتائج عظيمة في كردستان العراق يقطف ثمارها أبناء شعبنا هناك حالياً، فلولا القيادة الحكيمة والإرادة الصلبة المتوفرة لديهم والحنكة السياسية التي تحلّوا بها، وقدرتهم الفائقة على الصمود والتصدّي بالاعتماد على الشعب عبر توعيته وتدريبه وتثقيفه على الاستعداد للتضحية لكانت القضية الكردية في كردستان العراق أشبه بما هو قائم في تركيا، إيران، وسوريا.. إنّ عظمة تلك التجربة يجب أن تكون منارة نهتدي بها وأن نسعى إلى تمثلها في سلوكنا. مع الأسف ليس هناك خطاب سياسي كردي موحد، بل هو خطاب مشتّت وبعدة لغات سياسية، وهذا يشكل إرباكاً كبيراً على الساحة السياسية الكردية، وعلى الساحة السياسية الوطنية وبالتوازي مع المحاولات الرامية إلى توحيد الخطاب الكردي لوجود محاولات حثيثة لمنع تحقيق تلك التوجهات.


من المستفيد من إفشال المفاوضات الكردية الكردية؟


أعتقد أنّ الذين أوصلوا الحركة الكردية إلى هذا التشتّت لن يسمحوا بتوحيد الخطاب الكردي، على الرغم من أنّ الكل يدعو إلى وحدة الخطاب الكردي، وعلى الرغم من واقعيّة هذا الطرح وإمكانية تحقيقه، لأنّ المرحلة أيضاً تغيرت وربما تظهر خرائط جديدة في المنطقة ويكون للكرد مساحة أمان يعيشون فيها ويحققون وحدتهم السياسية في مفهوم المرجعية الكردية.


 


ليفانت – حسين أحمد








 











كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!