الوضع المظلم
الإثنين ٠٦ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
لماذا تُركت السويداء وحيدة؟
غسان المفلح

منذ بدء الحراك السوري في السويداء قبل ثلاثة أشهر ونصف تقريباً، ونحن نلاحظ أن التضامن مع حراك السويداء بدأ معقولاً وغاب رويداً ورويداً، وربما دفعة واحدة عن كل الساحات التي كانت متضامنة مع السويداء بتظاهرات أو وقفات تضامنية حسب ظروف كل مدينة وقرية. إضافة على أن مناطق "المحرر" شهدت تظاهرات عارمة دعما لحراك السويداء.

ما الذي حدث بعد ذلك وجعل هذا التضامن غائب رغم المتابعة الحثيثة والواضحة للسوريين لهذا الحراك، سواء في الأخبار أو في وسائل التواصل الاجتماعي؟ حتى في وسائل التواصل الاجتماعي ما تزال الحالة العامة متضامنة ومتأملة من حراك السويداء. لا يمكن لمادة واحدة أن تحصر أسباب هذا التراجع، ولماذا؟  لكن من المهم على الأقل إلقاء الضوء من قبل المهتمين على هذه القضية، والمشاركة في نقاشها من جهة، وتبيان أسبابها من جهة أخرى.

في الحقيقة هنالك ثلاث مناطق خرجت فيها بعض التظاهرات والوقفات. هذه المناطق هي الشمال السوري الغربي منه والشرقي. أي الجيش الوطني وقسد والمنطقة الثالثة كانت درعا المدينة وبعض قراها. لكل منطقة من هذه المناطق وضعها الخاص.

من الواضح أن هنالك أطراف إقليمية ودولية لا تريد لحراك السويداء أن يتطور وبعضها يريده أن يتوقف. هذه الأطراف مارست كل ما تملك من أجل هذه الأهداف. إما توقف الحراك أو محاصرته. وكل طرف ربما يعمل لأجندة مختلفة.

إيران، روسيا، تركيا، وبعض دول الخليج، حاولت كل على طريقتها من أجل وقف الحراك أو محاصرته. بالنهاية وصلنا إلى هذه النقطة المفصلية وهي أن السويداء تركت وحيدة.

إذا كان مفهوم أن السوريين تحت سيطرة الأسد في مدنهم المدمرة ومآسيهم وخوفهم من أن يتركوا وحيدين بمواجهة الفاشية الأسدية، هنالك عذر. لكن مناطق "المحرر" ومناطق قسد ما هو عذرهم؟ لا عذر لهم أبداً، سوى أن قوى الأمر الواقع وتحالفاتهم هي السبب في أن الفاعلين السياسيين والعسكريين في تلك المناطق اختاروا إرضاء القوى المسيطرة سياسيا في تلك المناطق. فلم يعد لديهم الدافع لإطلاق التظاهرات الداعمة للحراك.

كل هذه الأطراف تحتاج إلى إبقاء الملف السوري ساكنا قدر الإمكان، رغم أنه خلال المئة يوم تم قصف إدلب عشرات المرات من قبل الأسديين والروس، وقتل عشرات الضحايا السوريين.

بقي نقطة لا بد من التوقف عندها، يجري همساً وأحياناً علناً، أن السويداء محمية من وحشية الأسد وقواته بفعل عاملين: الأول، إنها أقلية طائفية، رغم أن كل ما طرحته السويداء في ساحات كرامتها هو برنامج ديمقراطي سوري بامتياز. القصد من هذا الهمس أن الأسدية لا تريد التعرض للحراك بسبب أنها حاولت أن تعطي انطباعاً أنها حريصة على الطوائف والأقليات.


الثاني، إن الأسد لا يجرؤ على مهاجمة السويداء بجيشه، إنها محمية بفعل أنها أقلية من قبل إسرائيل و أمريكا. علما أن الإعلام الغربي، بما فيه الإسرائيلي، كان مهملاً في تغطية هذا الحراك النموذجي من أجل حرية السوريين. هذه اليافطة استخدمها الإعلام الأسدي ومواليه في السوشيال ميديا أن السويداء تعمل بمبادرة من إسرائيل!! واتهم الحراك من قبل هؤلاء أنه يسعى للانفصال.

أجيال السويداء كلها تريد تغييراً سورياً حقيقياً ديمقراطياً ودولة قانون وعلمانية. كما أن بعض الناشطين الذي يدعون أنهم لا طائفيين لعبوا دوراً في التركيز أن رفع راية الطائفة إنما هو لأسباب طائفية! كنت قد كتبت عن هذه التوليفة الباهتة ونقدت هذا الفهم لراية الجبل. لكن عندما رفعت السويداء علم الثورة كما كنت متوقعا ومراهنا وبقوة على ذلك، صارت حجتهم واهية. السويداء وحراكها جزء من الشعب السوري وحراكهم هو جزء من ثورة السوريين واستمرار لها من أجل الحرية والكرامة. للحديث بقية لماذا توقف حراك درعا الداعم؟


ليفانت - غسان المفلح

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!