الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • كيف تعرقل أوهام بهلوي بالعودة لنظام الشاه المسيرة الديمقراطية للانتفاضة الإيرانية؟

كيف تعرقل أوهام بهلوي بالعودة لنظام الشاه المسيرة الديمقراطية للانتفاضة الإيرانية؟
ضياء قدور

بعد سبعة أشهر من بدء الانتفاضة على مستوى البلاد في إيران، أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى استياء الشعب الإيراني العميق والمتجذر من نظام الملالي الحالي، ورفضه العودة لأي شكل من أشكال الدكتاتوريات السابقة (الشاه والملا).

وعلى الرغم من أن نظام الملالي الحاكم قد رد بالعنف والقمع الشديد للاحتجاجات، إلا أن الشعب الإيراني ما زال في الشوارع يطالب بالتغيير الجذري وإقامة إيران حرة وديمقراطية بعيد عن أي شكل من أشكال الاستبداد.

لم يبدِ المجتمع الدولي، خاصة الدول الغربية، حتى الآن استجابة كافية تتناسب بالضرورة مع الأبعاد الراديكالية التي وصل لها الغضب الشعبي في الداخل الإيراني. التنديد بتصرفات النظام الحاكم في إيران والتضامن التعبيري مع الشعب الإيراني وحده لا يكفي.

وأظهرت الحقائق الجلية والظروف الموضوعية للداخل الإيراني أن توقع انهيار النظام بسبب العوامل الداخلية أو صراع أجنحته الحاكمة هو فكرة تخيليلة، ومجرد إضاعة للوقت الثمين والدوران في حلقات مفرغة، بينما يواصل النظام تنفيذ سياساته العدوانية في كل أرجاء المنطقة ويعمل على توسيعها، وتبديد أحلام الشعب الإيراني في أي تحسن على المستوى الاقتصادي والمعيشي.

ما أكدته الوقائع حتى الآن هو أن خريطة الطريق الوحيدة القابلة للتطبيق هي إسقاط النظام الحاكم بكافة أجنحته وفصائله.

العمل خلافاً لهذا المسار أو التأمل بوقوع سناريوهات أخرى هو سذاجة سياسية خطيرة في أحسن الأحوال، أو عمالة لنظام الملالي في أسوأ الأحوال، ستؤدي في كلا الاتجاهين لعرقلة المسار الديمقراطي للثورة الإيرانية، وتأخير نصرها مع تكاليف باهظة.
في خضم ذلك، عمد نظام الملالي لنشر العديد من الروايات المضللة والمثيرة للانقسام على حد سواء، لمواجهة المطالب المتزايدة للتغيير الكامل للنظام من قبل الشعب.

إحدى تلك الروايات هي أن تغيير النظام سيؤدي إلى تفكيك إيران.

أثبتت الشعارات الشعبية التي نادى بها الشعب الإيراني في الانتفاضة المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر على أنها أكبر وأطول انتفاضة شعبية مستدامة اتلفت فيها كافة أطياف وأعراق الشعب الإيراني حول مطلب رحيل النظام.

لكن في حين يبدو للجميع استخدام الملالي لفكرة انهيار البلاد كتكتيك تخويف وذعر لثني الناس عن السعي لتغيير النظام مفهوم ومفضوح، لا يمكننا تفسير النظريات الغريبة التي لطالما روج لها رضا بهلوي، ابن الشاه المخلوع، حول التطلع لحرس الملالي كقوة تغيير في المستقبل وإيران الحرة ما بعد الملالي!.

تقول الأميرة ياسمين، زوجة بهلوي، إن صحفيًا إيطاليًا كان في إيران أخبرها في وقت سابق أن العديد من أعضاء حرس الملالي يريدون من زوجها ولي العهد رضا بهلوي أن يعود إلى إيران ويساعد في إنقاذ البلاد!.

وكان رضا بهلوي قد اعترف في وقت سابق أنه كان على اتصال مع حرس الملالي والباسيج، معربًا عن اعتقاده بأن لحرس الملالي دورًا يلعبه من أجل التغيير والحفاظ على النظام في إيران ما بعد الملالي.

مثل هذه الأوهام أدت لاختراقات أمنية خطيرة من قبل نظام الملالي الحاكم للتيار الهش الذي يقوده رضا بهلوي، من بينها يمكن الإشارة إلى إحدى أكثر الاختراقات الناجحة لوزارة المخابرات الإيرانية من خلال تشكيل مجموعة معارضة جديدة تسمى "مؤتمر الديمقراطيين الخضر الإيرانيين (IRGDC)" في عام 2010، والتي تضمنت أحد أخطر ضباط مخابرات الملالي الخطيرين، العميد السابق محمد رضا مدحي، الذي استطاع استدراج المنفيين الإيرانيين المطمئنين للانضمام إليه لتشكيل ائتلاف معارض واختراقهم، ومن ثم الظهور أخيراً في عام 2011 على الشاشات الرسمية للملالي والتفاخر بنجاحاته على هذا الصعيد.

قبل كشفه عن نشاطاته السرية، كان يوصف وجود العميد محمد رضا مدحي في هذا الحلف كمؤشر على قاعدة الدعم "المفترضة" داخل حرس الملالي، في رواية تتسق مع نظريات بهلوي "الافتراضية" المعروفة.

إذا أردنا نكون حياديين، يمكننا القول إن رضا بهلوي يخدم عن غير قصد مصالح النظام.

أبعد من ذلك، تكمن خطوة نظريات بهلوي في كون شاغله الرئيسي في جميع تحالفاته السياسية الناشئة هو إثارة الأيام المظلمة لدكتاتورية والده.

رفض بهلوي خلال السنوات السابقة إنكار جرائم أبيه أو التنديد بها على الأقل. على العكس مجدها وامتدحها، في محاولة لإحياء نظام أبيه بصورة وشكل ملمع، وأشار إلى ثورة 1979 التي أطاحت بوالده على أنها فتنة يعتبرها الشعب الإيراني مهينة!!.

بهلوي لا يصغي للمطالب الديمقراطية والتحررية للشعب الإيراني بقدر ما يحلم بتحقيق أمجاد شخصية ووضع التاج مجدداً في إيران.

أصبح الفرق الشاسع بين أبعاد التطلعات الشخصية الضيقة لبهلوي والتطلعات الديمقراطية الكبرى للشعب الإيراني مصدر قلق كبير بشكل خاص للعديد من الإيرانيين، الذين هتفوا خلال الثورة الأخيرة: "يسقط الظالم، سواء كان الشاه أو المرشد خامنئي".

في 10 أبريل 2023، أعلن رضا بهلوي في تغريدة أن أفكاره لتوسيع تحالفه الناشئ الجديد قد رفضها آخرون.

وبناءً على ذلك، ذكر أنه سيعمل مع مجموعات أخرى أيضًا. واعتبر تصريحه على نطاق واسع بمثابة انقلاب شرف على "الائتلاف" الناشئ.

وأخيرًا، في 21 أبريل 2023، بعد رحلة رضا بهلوي إلى إسرائيل، أعلن حامد إسماعيليون، عضو آخر في "التحالف"، رحيله عن المجموعة. وعندما سُئل إسماعيليون عن قراره بالمغادرة، كشف أن رضا بهلوي حاول فرض آرائه وآراء رفاقه على المجموعة، وهو ما عارضه أعضاء آخرون.
وأضاف أنه لم يكن هناك جهد حقيقي لإنشاء هيكل تنظيمي ببيان مهمة ولوائح داخلية يجب على جميع الأعضاء الالتزام بها.
وصرح إسماعيلون أن أتباع الشاه رفضوا الإيرانيين الآخرين باعتبارهم غير وطنيين، مدعين أن أتباع الشاه فقط هم وطنيون حقًا.
في الحقيقة، لا يمكن لعقلية ابن الشاه الاستبدادية الواضحة وأحلامه الضيقة أن تجمع حولها جبهة إيرانية معارضة ومتماسكة تضم الكثير من الخصوم اللدودين والخطيرين لطهران، وفي محاولاته المتكررة لإعادة نظام أبيه وتحركاته الإقليمية، خاصة لإسرائيل، يواصل بهلوي تقديم الخدمات المجانية للملالي واضعاً المزيد من العراقيل والعقبات أمام تقدم المسيرة الديمقراطية للانتفاضة الإيرانية.

ليفانت - ضياء قدور

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!