الوضع المظلم
الخميس ٠٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
كوردستان والعرب.. علاقات متأصّلة تتجاوز الاستفتاء
ليفانت نيوز

عقد إقليم كوردستان العراق في يوم 25 سبتمبر/ أيلول 2017، استفتاءً بغية الاستقلال عن العراق، جاءت نتائجه بتأييد الغالبية العظمى من الأصوات بنسبة 92% لصالح الاستقلال، مع نسبة مشاركة وصلت إلى 72%.


لكن الاستفتاء قوبل برفض عراقي وإقليمي، بخاصة من تركيا وإيران، بجانب عدم تأييد القوى العالمية الكبرى لتنظيمه، إذ كانت المنطقة ما تزال تعيش في خضم الحرب مع الإرهاب، بجانب حسابات استراتيجية لكل دولة وقوة.


اقرأ أيضاً: التعايش في إقليم كوردستان

وعقب مرور أربعة أعوام، وبعد أزمات سياسية واقتصادية وعسكرية، عاشها الإقليم بسبب الاستفتاء، بدأت العلاقات تعود إلى مجاريها شبه الطبيعية بين بغداد وأربيل من جهة، وبين أربيل والعواصم العربية من جهة ثانية، خاصة في القضايا الخارجية، التي تحمل أبعاداً سياسية خطيرة على المنطقة ككل، بمن فيها من عرب وكرد وغيرهم من المكونات، في ظل الأطماع الإقليمية الرامية للتمدد والزحف على حساب الحدود الدولية القائمة حالياً في الشرق الأوسط.


كردستان

على الصعيد العراقي


يمكن القول إن الطرفين، الكردي والعراقي، قد تجاوزا إلى حدّ بعيد قضية الاستفتاء، أقله في الوقت الحاضر، مع توجه الجانبين إلى تحييد الخلافات جانباً، والتركيز على المشتركات، خاصة تلك التي تهدّد الحدود العراقية الدولية، ولعلّ من الأمثلة على ذلك، الدعوات العراقية المتكررة لتركيا، بغية الانسحاب إلى حدودها الدولية، إذ يتوغّل الجيش التركي داخل أراضي إقليم كوردستان، بحجة محاربة حزب العمال الكوردستاني، وهو ما يلقي ثقلاً على بغداد بالدرجة الأولى، كونها المعنية بالملف الخارجي.


وبالصدد، دعت الرئاسة العراقية، في السادس من يونيو الماضي، القوات التركية إلى الانسحاب خارج أراضيها، شاجبةً القصف التركي على مخيم مخمور، وأتى في بيان للرئاسة: "نشدّد على ضرورة منع انتهاك السيادة العراقية، وسحب القوات التركية الموجودة في مناطق الإقليم والموصل، والتي تعتبر انتهاكاً لمبدأ حسن الجوار، ومخالفةً للأعراف والمواثيق الدولية"، وأردفت، أنّ "الهجوم الأخير على مناطق مخيم مخمور تصعيد خطير يعرّض حياة المواطنين للخطر، بمن فيهم اللاجئون، ويتنافى مع القانون الدولي والإنساني".


اقرأ أيضاً: كوردستان والمحيط العربي

وعلى الصعيد المالي والاقتصادي، الذي يعتبر أحد الركائز الهامة في أي علاقة سياسية مستقرة، فقد أعلن رئيس وزراء إقليم كوردستان العراق، مسرور بارزاني، في الخامس عشر من يونيو، عن توصّله لاتفاق مع رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لإعادة إرسال مستحقات الموازنة الاتحادية للإقليم بأثر رجعي من يناير 2021.


وكتب بارزاني في تغريدة عبر "تويتر": "تحدّثتُ مع رئيس الوزراء الاتحادي، مصطفى الكاظمي، في إطار المفاوضات المستمرة والالتزام في جعل العلاقة بين أربيل وبغداد أكثر وضوحاً"، وأضاف: "يسرني أن أعلن عن التوصّل إلى اتفاق سيتم بموجبه إعادة إرسال المستحقات من الموازنة الاتحادية إلى إقليم كوردستان وبأثر رجعي ابتداء من يناير 2021".


اقرأ أيضاً: الديمقراطي الكوردستاني: لن نساوم أبداً على قضية كركوك

أما أمنياً واستخبارياً، خاصة في مواجهة الإرهاب، وخلايا التنظيمات الإرهابية، كداعش وأخواتها، فقد كان لذلك التعاون الكردي-العراقي، أثر طيب في مواجهة الهجمات الإرهابية، ومنها إعلان اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، في الثالث من يوليو الماضي، عن إلقاء القبض على 8 مسلحين، منهم اثنان، بالتنسيق مع قوات الأسايش في محافظة السليمانية بإقليم كوردستان.


وقال إنه "حسب توجيهات القائد العام للقوات المسلحة، باشر جهاز مكافحة الإرهاب بواجب مطول تابع فيه رجالنا الجسورون خلية إرهابية تابعة لعصابات داعش الإرهابية مكونة من 5 عناصر داخل أقضية محافظة الأنبار غرب البلاد"، وأضاف: "وفي واجب ثانٍ، قام جهاز مكافحة الإرهاب بالتنسيق مع قوات أسايش محافظة السليمانية في إقليم كوردستان العراق، بإلقاء القبض على هدفين مطلوبين ينتميان لعصابات داعـش".


على الصعيد العربي


عربياً، لعل أكثر ما كان لافتاً في العلاقة مع إقليم كوردستان، الزيارة الذي نظمها أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، للإقليم، في أبريل الماضي، حيث أثنى وقتها على الحفاوة، قائلاً أثناء مؤتمرٍ صحفي، في الحادي عشر من أبريل: "التقيت بالرئيس مسعود بارزاني، وهو صديق قديم منذ سنوات ممتدة وشخصية حكيمة، ولديه معرفة وثيقة للغاية بأوضاع الشرق الأوسط، والأوضاع العراقية".


وبخصوص مجريات اللقاء مع الرئيس مسعود بارزاني، أردف أبو الغيط: “دار الحديث بيننا عن مستقبل العراق، والأمل أن يستعيد العراق كامل عافيته، ويتفاعل مع المحيط العربي، وهذه هي الرسالة، رسالة دعم للعراق ولإقليم كُردستان، للمزيد من الالتصاق مع بقية الوطن العربي"، وأكمل: "تحدّثنا عن دول الجوار، وما ينبغي أن يحكم هذه العلاقة من عدم تدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل".


اقرأ أيضاً: في الذكرى الرابعة لاستفتاء كوردستان

وبشأن دور الجامعة العربية في العلاقة بين أربيل وبغداد، ذكر الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، بتصريحات صحفية: “بصفة عامة لا تدخل الجامعة العربية في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، ومع ذلك نحن نهتم بالدولة الاتحادية العراقية، وأن تتسم العلاقات بين أربيل وبغداد بالتعاون والالتزام بالاتفاقيات وسررنا بتمرير الموازنة".


وشدّد أبو الغيط، أنّه لمس الكثير من الإحساس بالمسؤولية، لدى القيادات العراقية في بغداد، صوب استمرار الالتزام في دعم إقليم كُوردستان في إطار الدولة الاتحادية، مردفاً أن العراق هام للغاية للجامعة، وهي دولة مؤسسة لها منذ عام 1945، والإقليم يشعر بهويته العراقية ويدعم الإقليم في هذا الإطار ونأمل له التطور والاستقرار.


كما تتميز علاقة كوردستان مع دول عربية عدة، أبرزها الإمارات، التي توجه فيها ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد آل نهيان، في الثالث من مايو الماضي، بدعوة رئيس إقليم كُردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، لزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة.


اقرأ أيضاً: ما قبل استفتاء كوردستان.. وما بعده

حيث لم يتأخر الزعيم الكردي عن تلبية الدعوة، في الثاني عشر من يونيو الماضي، عندما اجتمع رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، مع ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد العام للقوات المسلحة الإماراتية، محمد بن زايد، في إطار زيارة رسمية إلى الإمارات، حيث بحث الطرفان في اجتماعهما سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وتوسيع مجالات الشراكة والتعاون بين إقليم كوردستان والعراق وبين الإمارات.


أما الأردن، فقد وصل إليه رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، في نهاية يونيو الماضي، لبحث مجالات التعاون مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، والعلاقات بين الأردن وإقليم كوردستان والعراق، فيما وصف وقتها مستشار رئيس إقليم كوردستان، فلاح مصطفى، زيارة رئيس إقليم كوردستان إلى الأردن بأنها مهمة، لأن للمملكة الأردنية الهاشمية مكانة قوية في المنطقة.


وأردف مصطفى حينها: “تأتي هذه الزيارة في إطار الجهود الدبلوماسية لفخامة رئيس إقليم كوردستان لتوطيد العلاقات وتبادل الآراء وخلق فهم مشترك للقضايا التي تهم الجانبين، ومنها: علاقات إقليم كوردستان مع المملكة الأردنية الهاشمية، وعلاقات العراق والأردن، الاستقرار في المنطقة والتفاهمات السياسية وقضية الإرهاب”، لتشير جملة المعطيات أعلاه إلى أن الإقليم تجاوز نسبياً معضلة الاستفتاء، بانتظار حل القضايا الخلافية مع بغداد، وهو ما سيمكن موقعها أكثر على الصعيد العربي.


ليفانت-خاص

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!