الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
قناة الجزيرة وتغييب الوعي الشعبي
خالد الزعتر


في ظلّ الدور الذي تلعبه قناة الجزيرة، والتي تعدّ أحد أدوات النظام القطري في تثبيت أركان حكمه منذ العام 1995، ومن ثم فيما بعد كأداة من أدوات السياسة الخارجية القطرية وخلق أرضية خصبة للحضور السياسي القطري، على الصعيد الإقليمي والدولي، فإنّه بلا شك يعدّ “العامل الشعبوي” حاضراً وركيزة أساسية في الخط السياسي التحريري لهذه القناة، وبالتالي فلقد كان يعوّل النظام القطري بشكل رئيسي على مسألة “تغييب الوعي الشعبي” كركيزة أساسية لتحقيق سياساته على الصعيد الداخلي في قطر ، والخارجي على الصعيد العربي. 


وكما قلنا في حلقة سابقة، أنّ تغييب الوعي الشعبي الداخلي كان جزءاً من إستراتيجية قناة الجزيرة لتثبيت حكم حمد بن خليفة، وهذه الإستراتيجية لم تكن مقتصرة على بدايات التأسيس، وإنما المتابع لقناة الجزيرة والخط السياسي التحريري لهذه القناة، يجد أنّ “تغييب الوعي الشعبي الداخلي” ما يزال يحتلّ مكانة مهمة في طريقة تعاطي قناة الجزيرة مع الوضع الداخلي القطري، حيث لامكان فيه لإفراد مساحة للقضايا الداخلية أو أيّ مجال للنقد، سواء ملفات السياسة القطرية الداخلية أو الخارجية. قناة الجزيرة


ولكنّ “تغييب الوعي الشعبي” لم يكن فقط مقتصراً على الداخل القطري، وإنّما يتخطّى ذلك إلى الوعي الشعبي الخارجي وبخاصة الوعي الشعبي العربي، باعتبار أنّ القناة جزء من أدوات السياسة الخارجية القطرية، فهي أخذت على عاتقها أن تعمل على “تغييب الوعي الشعبي العربي” لأنّ ذلك بلا شك يخدم سياسات النظام القطري الهادف إلى إيجاد أرضٍ خصبة لتنفيذ مشروعه الرامي إلى بناء قوة إقليمية تتخطّى حدود الدوحة الضيقة، وأيضاً إيجاد أرضية خصبة لمشروع الدوحة التوسّعي عبر تمكين الجماعة الإخوانية من الحكم، كما حدث في بعض الدول التي عاشت الربيع العربي، وبالتالي فإنّ المتابع لقناة الجزيرة يجد أنّها تحاول إبراز نفسها “كصوت للشعوب العربية” وغطاء لتمرير السياسات القطرية الهادفة إلى السيطرة على الوعي الشعبي العربي، والعمل على تسييره وفق ما يخدم أجندتها السياسية والأجندة الإخوانية الطامعة في الوصول إلى الحكم والتي وجدت ضالتها في مرحلة الربيع العربي.


فمن بين أساليب “تغييب الوعي الشعبي” التي تنتهجها قناة الجزيرة، هي الاستمرارية في سياسة تقليب الحقائق، حيث تعتمد قناة الجزيرة بشكل رئيسي على التلاعب بالصورة لخدمة أهدافها وأهداف النظام القطري، والأمر الآخر هو الانفصال الحاصل في السياسة التحريرية بين القناة الناطقة باللغة العربية والناطقة باللغة الإنجليزية، حيث تعتمد قناة الجزيرة في نسختها العربية على إستراتيجية “بيع الوهم” للشعوب العربية، في محاولة لضمان الحفاظ على شعبيتها وتمرير سياسات النظام القطري.


بينما في القناة الناطقة باللغة الإنجليزية، فهي تعتمد على تقديم صورة مغايرة عن الصورة العربية، وذلك في محاولة لضمان الرضا لدى الرأي العام الغربي والسياسات الغربية، ومن بين صور “تغييب الوعي الشعبي”، ما تقوم به قناة الجزيرة من محاولة تمجد قيادات الإرهاب من تنظيم القاعدة إلى تنظيم داعش الإرهابي، وذلك في محاولة لخدمة التنظيمات الإرهابية، حتى أصبحت قناة الجزيرة أحد أدوات التجنيد التي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية، بينما في القناة الناطقة باللغة الإنجليزية فهي تتبع سياسة تحريرية أقرب للتطابق مع الرأي العام الدولي، وتتجرّد من تمجيد القيادات الإرهابية، وترتدي عباءة محاربة التنظيمات الإرهابية.


ختاماً، قناة الجزيرة ليست مجرد وسيلة إعلامية، بل القاعدة الرئيسة التي يعتمد عليها النظام القطري للبقاء وللاستمرارية في تنفيذ توجهاته الفوضوية ومشاريعه التخريبية، وبالتالي فإنّ إغلاق قناة الجزيرة سيكون له تأثير على إضعاف النظام القطري، داخلياً وإقليمياً، وبالتالي لا غرابة أن يرفض النظام القطري اتخاذ أي إجراء اتجاه “قناة الجزيرة”، لأنّه سوف يفقد أهم أداة من أدواته السياسية، على الصعيد الداخلي والخارجي. 


ليفانت – خالد الزعتر








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!