-
يقظة متأخرة.. أوروبا في مواجهة مباشرة مع (إرهاب الإخوان)
ليفانت – رشا عمار
هزّت هجمات الاثنين الدامي قلب العاصمة الأوروبية الهادئة، وللمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية شهدت فيينا هجوماً عنيفاً خلف عشرات الضحايا وصُنف بأنه "إرهاب إسلامي"، ليتبعه بعد ساعات قليلة حملة مداهمات أمنية استمرت لمدة ثلاث ساعات بعدة ولايات استهدفت نحو 60 مقراً تابعاً لجماعة الإخوان الإرهابية وحركة حماس، حيث قُبض على عشرات المتهمين بتمويل ونشر الإرهاب في البلاد، فيما اعتُبر صحوة أوروبية متأخرة بوجه تفشي التنظيمات المتطرفة في أرجاء القارة العجوز.
استغلت جماعة الإخوان مناخ الحريات في أوروبا وعملت على مد جذورها الأيدلوجية والتظيمية داخل المجتمعات، باستغلال المؤسسات الدينية والمساجد وبعض الأئمة الذين حرصت كل من تركيا وقطر على تمويلهم، وتلقينهم تعاليم خاصة تتفق مع المشروع الإخواني، وزاد الاعتماد عليهم ما بعد سقوط الجماعة عن الحكم في الدول العربية، وما تبعه من ملاحقات أمنية وسياسة لقيادتها، الذين وجدوا في أوروبا متنفس لفكارهم ومشروعهم.
خريف الإخوان في القارة العجوز
ويرى مراقبون تحدثوا لـ”ليفانت” بشكل منفصل أن خريف جماعة الإخوان قد بدأ في أوروبا وأن الإجرءات التي شرعت بها النمسا وفرنسا، ليست سوى مقدمة لمجموعة من القوانين والإجراءات الأشد حسماً في التعامل مع ملف الإرهاب الإخواني، الذي بات مُهدداً لاستقرار أوروبا.
يقول الكاتب المصري أسامه نصحي مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بالنمسا، إنه منذ وقوع الحادث الإرهابي الصادم والمفاجيء ليل الاثنين، لم تتوقف الأجهزة الأمنية عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد الإرهاب، حيث بدأت بالمداهمات لمؤسسات ترتبط بجماعة الإخوان وحركة حماس، المصنفتين كتنظيمات إرهابية في البلاد.
ويوضح “نصحي” في حديثه لـ”ليفانت” أن التحقيقات الأولية التي جرت بعد الحادث، أفضت إلى وجود تقصير من جانب الجهات الأمنية ف ملاحقة وتتبع تلك العناصر، وهو ما ترتب عليه إقالة رئيس جهاز مكافحة الإرهاب لاتهامه بالتقاعس عن أداء مهامه، مشيرا إلى أن المداهمات التي أعقبت الحادث هى مجرد بداية وسيتبعها إجراءات وقوانين صارمة ضد الجمعيات والمؤسسات الإسلامية المسؤولة، بشكل أساسي عن نشر الفكر المتطرف ورعاية ودعم الإرهاب.
ومن جانبه يرى الدكتور طارق حجي الخبير المتخصص في العلاقات الدولية إن أوروبا لم تتنبه للخطر على مدار السنوات الماضية، حيث تمكنت جماعة الإخوان من خداع الشعوب الأوروبية بأفكارها تحت عباءة الحريات وقبول الآخر، لكن سرعان ما انكشف وجهها الحقيقي وبدأت في دعم وتنفيذ عمليات تتفق مع أيدوجيتها المتطرفة، وظهرت أفكارها الحقيقية بهدف خدمة مصالح تتعلق بخطط الرئيس التركي في المقام الأول، خاصة أن أردوغان يحاول استخدام الإخوان للضغط على أوروبا في عدة ملفات، أبرزها تجنب العقوبات المرتقبة عليه من جانب الاتحاد الأوروبي جراء ممارسته الاستفزازية والعدوانية في محيطه الإقليمي، سواء في سوريا أو شرق المتوسط.
يقظة متأخرة
ويوضّح “حجي” في حديثه لـ”ليفانت” أن أوروبا تعيش حالة يقظة متأخرة فيما يتعلق بالمواجهة المباشرة مع تيارات الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة، لكنه يرى أنها ستكون مواجهة حاسمة ورادعة لممارسات العدوانية والإرهابية، التي تنتهجها تلك الجماعات، وفي القلب منها تنظيم الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أن الحرب على الجماعة ستطلب العمل على مجموعة محاور أمنية وفكرية ومجتمعية، لوقف الانتشار الكبير لأفكار التنظيم خاصة باستغلال الجاليات الإسلامية المتواجدة في تلك الدول، مشدداً على ضرورة التفرقة بين العناصر المؤدلجة والمهاجرين أو اللاجئين غير المنتمين لتيارات سياسية أو فكرية بعينها، لأنهم في غالب الأمر يقعون ضحية لأفعال الإرهاب.
اتفاق أوروبي لمواجهة الإرهاب
ويقول الصحفي المصري المقيم بفيينا سامح نصحي، إنه بالفعل هناك نهضة أوروبية شاملة في مكافحة الإرهاب وهو ما ظهر في قمة باريس الأخيرة بحضور قيادات النمسا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، بالإضافة لحملات أمنية مكثفة على معاقل الإخوان وحماس، وأسفرت عن القبض على ٣٠ متهم ومصادرة ٢٥ مليون يورو، كما تم إغلاق مساجد متشددة وجمعيات لعناصر التنظيم، مشيراً إلى أن الفترة القادمة حرجة وتشهد تغيراً في سياسات التعامل مع التيار الديني في النمسا، التي تخلت عن الأسلوب اللين، والتعامل معهم سابقاً كان من منظور حقوق الإنسان، أما بعد الحادث تبدل الأمر إلى قبضة أمنية مشددة وعنف في التعامل معهم، ومراقبة المساجد والجمعيات والمحاضرات، لوقف خطاب الكراهية كما تقول الحكومة النمساوية.
توقعات بهجمات أكثر دموية
وأشار نصحي إلى أن القادة الأوروبيون اتفقوا على التعاون لمواجهة الإرهاب من خلال تبادل المعلومات وملاحقة العناصر الخطرة وسجنها مدى الحياة في كل دول أوروبا، خاصة أن هولندا كان من المتوقع تعرضها أيضاً لهجمات إرهابية وأن هناك تقارير لأجهزة أمن أوروبية تتوقع استهداف مواقع عديدة في مختلف دول الاتحاد.
كما تتوقع الباحثة المصرية آيه عبد العزيز، أن تكون هذه الهجمات بداية لموجة جديدة من الاعتداءات، من قبل المتطرفين ردًاً على الخطاب السياسي المعادي لهم، مقابل انتهاج قوى اليمين المتطرف والجماعات الشعبوية، سياسات مناهضة للقادة الأوروبيين، رافضةً لتعاطيهم مع الأزمات الحالية التي زادت تعقيدًا بالتزامن مع أزمة “كوفيد-19”، كما ستنعكس هذه الأوضاع على اللاجئين والمهاجرين في إطار حالة الإغلاق التي اتخذتها بعض الدول، والتدابير الأمنية الاحترازية على الحدود بين الدول.
اقرأ المزيد سياسيون ليبيون لـ”ليفانت”: نتائج بوزنيقة وبرلين 2 “حبر على ورق”
وتقول “عبد العزيز” في دراسة نشرها المركز المصري للفكر والدراسات تحت عنوان “ما بعد فيينا: هل تواجه النمسا وأوروبا موجة جديدة من الإرهاب؟”، إنه بالنظر إلى الهجمات المتكررة التي تشهدها العواصم الأوروبية، يتضح أن الحكومات تعاملت مع نتائج حالات الاعتداء دون البحث عن جذور الأزمة الحقيقية التي أدت لتعقيد المشهد الحالي؛ إذ تكمن في تنامي الدوافع والمحفزات التي تُغذي الأيديولوجيات المتطرفة، علاوة على استغلال بعض القوى الدولية، الغضب والانقسامات المجتمعية في الداخل الأوروبي لترويج أفكارها العدائية لتأجيج الوضع الداخلي.
ويقول لورنزو فيدينو، مدير برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن، إنه من نواح كثيرة، كان كورتز يأتي في المقدمة قبل ماكرون، حيث أعلن منذ سنوات ما الذي كان الرئيس الفرنسي يجذب الانتباه لقوله عن الانفصالية الإسلامية في الأشهر الأخيرة.
ويضيف فيدينو، في تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أنه بدءاً من الرؤية العامة لظاهرة التطرف الإسلامي باعتبارها تهديدًا مميتًا للحياة الديمقراطية، والتكامل والتماسك الاجتماعي للدولة، وصولاً إلى مخاوف محددة بشأن التمويل الأجنبي للشبكات الإسلامية المحلية وتأثير الإسلاميين في نظام التعليم، يغني ماكرون وكورتز بنفس الترنيمة.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!