الوضع المظلم
الأربعاء ٠٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
قناة الجزيرة ، والسياسة الخارجية القطرية
خالد الذعتر

تلعب قناة الجزيرة منذ تأسيسها العديد من الأدوار التي تخدم مصلحة النظام القطري، خاصة وأنّ حمد بن خليفة الذي يفتقد للقوة السياسية والعسكرية، كان بحاجة لأن يخلق له أداة تساهم في ملء فراغ غياب “القوة السياسية والاقتصادية”، ومن هنا بلا شك جاءت فكرة “قناة الجزيرة والقوة الناعمة للتعويض عن حالة النقص في مصادر القوة السياسية والعسكرية لدى قطر، ما يعكس تعدد الأدوار التي تلعبها هذه القناة. 


وبالتالي لم تتوقف قناة الجزيرة عند حدود الدور المنوط بها إبان مرحلة التأسيس، وهي أن تكون ركناً رئيساً من أركان تثبيت حكم حمد بن خليفة، وخلق صورة مغايرة للواقع ومحاولة تسويقها، داخلياً وإقليمياً ودولياً، بل لعبت “قناة الجزيرة” دوراً لايمكن التقليل منه في صياغة السياسة الخارجية القطرية، فبالرغم من “شعارات الرأي والرأي الآخر”، إلا أنّ ذلك لا يعدو كونه شعاراً تسويقياً لجذب الانتباه الإقليمي والدولي، بينما في الحقيقة أنّ قناة الجزيرة لا تخرج عن القاعدة الرئيسة التي تأسّست عليها، وهي أنّها “تمثّل فقط صوت حمد بن خليفة وتوجهاته السياسية”.


ومن هنا، فإنّ قناة الجزيرة تعتبر منذ بداية تأسيسها “خط الدفاع الأول للنظام القطري”، حيث أوكلت لها الكثير من المهام بجانب تثبيت أركان حكم حمد بن خليفة، أوكل لها مهمة رئيسة في بناء السياسة الخارجية القطرية عبر المساندة في الدفاع عن الدوحة، وتقديم صورة تجميلية للنظام القطري، تكون عاملاً مساهماً في خلق قبول دولي لتوجهات النظام القطري الجديد، وبالتالي ليس بمستغرب التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية القطري، آنذاك، حمد بن جاسم، عقب انتهاء الصراع بين اليمن الشمالي والجنوبي عندما قال: نحن بعنا طائراتنا لأبو ظبي، لسنا بحاجة إلى طيران وعسكر، نحن نؤسس لقناة ستكون القوات المسلحة القطرية، لأنّ هذه القناة تعتبر هي خط الدفاع الأول عن النظام القطري منذ تأسيسها.


ومن هذا المنطلق لا يمكن تجاهل تصريح حمد بن خليفة بن ثامر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة القناة، والذي حدّد فيه مسار قناة الجزيرة، قائلاً بأنّها ذاهبة في نفس اتجاه الدولة القطرية في تطورها، ومن الطبيعي أن يكون اتجاه الجزيرة من خلال المراسلين، أولئك الذين يأخذون بإستراتيجية قطر في هذه المرحلة، ومن هنا نجد أنّ حمد بن ثامر آل ثاني حدّد في تصريحاته مسار قناة الجزيرة بشكل واضح، وهو ما يؤكد بأنّها جزء من مشروع قطر، ولا يمكن فهم دورها غير ذلك، وليس صحيحاً اعتبارها مخالفة للسياسة القطرية أو على النقيض منها، وبالتالي فهي أداة من أدوات قطر في تنفيذ السياسة الخارجية.


وبالتالي، فإنّ قناة الجزيرة هي أداة من أدوات السياسة الخارجية القطرية، والتي كانت السياسة الخارجية القطرية منذ العام 1995، تحمل على عاتقها فكرة الخروج من “عقدة المساحة التي تعيشها الدوحة”، وذلك عبر خلق دور إقليمي ودولي يتخطّى حدودها الجغرافية الضيقة، وبالتالي فقد كانت قناة الجزيرة أحد أركان هذه الإستراتيجية الهادفة إلى خلق مكانة لإمارة قطر، على الصعيد الإقليمي والدولي، وهو ما يعزّزه رأي ياسر أبو هلالة “مدير مكتب قناة الجزيرة في العاصمة الأردنية “عمان” والذي قال فيه: “إنّ قناة الجزيرة جزء منها تخطيط من حاكم لبناء أدوات نفوذ من خلال السيطرة على الفضاء الإعلامي، وجزء منها ضربة حظ”.


في الختام، كانت إستراتيجية حمد بن خليفة في السيطرة على الفضاء الإعلامي، خطوة يراد منها تعويض حالة النقص في مصادر القوة السياسية للدوحة، وبالتالي فإنّ فكرة تأسيس قناة الجزيرة كانت محاولة لخلق أدوات تساهم في تعويض حالة الفشل السياسي، وتكون داعمة للقرار السياسي القطري لإعطائه أهمية ووزناً، وخلق أرضية خصبة بالاعتماد على توظيف “القوة الناعمة” للتأثير على السياسات الدولية عبر الضغط على الرأي العام الدولي، لخلق مساحة للحضور السياسي القطري.


خالد الزعتر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!