الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
قمة شنغهاي للتعاون ورسائل التغيير
 سعد عبد الله الحامد

لقد تأسست منظمة شنغهاي للتعاون عام 1996 من خمس دول هي الصين وكازخستان وقيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان، ثم توسعت تلك الدول في عام 2001 بعضوية عدة دول هي الهند وباكستان والبرازيل وأوزباكستان، وليتم اعتماد ميثاق لتلك المنظمة في عام 2002، ثم انضمت أذربيجان وأرمينيا أيضاً وكذلك تركيا، وأخيراً إيران، في القمة التي انعقدت منذ يومين في أوزباكستان.

حيث تعتبر المنظمة أداة للتعاون السياسي والاقتصادي والأمني ولا تعتبر تحالفاً كحلف الناتو مثلاً، لكنها قد تنافس المنظمات الغربية الأخرى بشكل أو بآخر، كما أن العلاقات بين أعضائها تنطلق من مواجهة تحديات ومخاطر أمنية وتعزيز التكامل التجاري البيني بين تلك الدول، وكذلك التكامل الاقتصادي والثقافي والتعليمي، وفي مجالات حماية البيئة وتوطيد السلم والأمن والاستقرار ومحاربة التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة. وقد أكد على ذلك البيان الختامي للقمة الأخيرة التي انعقدت خلال اليومين الماضيين، ولكن الأحداث الدولية الراهنة ألقت بظلالها على منطلقات المنظمة، خاصة أن بعض أعضائها يرضخون لعقوبات اقتصادية من قبل الولايات المتحدة، إضافة إلى انعكاسات الصراع الجيو-سياسي والجيو-اقتصادي بين واشنطن وروسيا والصين في منطقة بحر الصين ومنطقة بحر القرم.

ولعل الحرب الروسية الأوكرانية ومآلاتها من حيث تقديم دعم عسكري غير مسبوق للجيش الأوكراني من قبل واشنطن والدول الأوروبية والضغوط الاقتصادية غير المسبوقة والتي طالت جميع النواحي الاقتصادية الروسية، بما فيها النفط الروسي، لتضييق الخناق على الدب الروسي من قبل واشنطن وأوربا وإنهاك الاقتصاد الروسي، وظهر أثر هذا الدعم من خلال التقدم العسكري الأوكراني على الأرض ليشكل علامة فارقة في الحرب الروسية الأوكرانية، مما جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول الانفتاح وإيجاد علاقات استراتيجية أكبر مع الشركاء في آسيا لتخفيف تلك الضغوط.

وعلى الجانب الآخر، الصين وتصاعد التوتر والاستفزازات حول دعم واشنطن لاستقلال تايوان والزيارات العديدة لمسؤولين أمريكيين لتايوان، وكان آخرها زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان، مما اعتبرته بكين تدخلاً في الشؤون الداخلية للصين، وأوجد انسجاماً وتنسيقاً أكبر بين روسيا والصين في المواقف، وكان ذلك واضحاً من خلال تأييد الصين لموقف روسيا في حربها من أوكرانيا، وكذلك المناورات العسكرية الأخيرة في روسيا بمشاركة الصين لتعكس أيضاً صورة الانسجام العسكري، إضافة إلى أن هذه القمه تأتي قبيل انعقاد الاجتماع المقرر للحزب الشيوعي الصيني مما قد يعزز من فرصة ولاية أخرى للرئيس الصيني، جين بينغ، كما أن انضمام طهران وحرص قادة القمة على انضمام طهران، وهي أيضاً تخضع لعقوبات من واشنطن ولديها علاقات استراتيجية مع روسيا والصين، مما يساعد على حشد جبهة موحدة ضد واشنطن، خاصة في ظل تعثر مفاوضات إحياء البرنامج النووي الإيراني وتبادل الاتهامات بين واشنطن والغرب وطهران بعدم وجود مصداقية من الجانب الإيراني في إعادة الاتفاق النووي الإيراني ومخاوف تدهور الحالة الصحية للمرشد خامنئي، وأثر ذلك على كيان النظام الإيراني مستقبلاً.

كل تلك العوامل جعلت هناك أهمية للقمة والرسائل التي وجهت من قبل الرئيسين، الروسي والصيني، بضرورة وجود نظام عالمي جديد متوازن ينهي أي هيمنة على النظام العالمي ويعزز من دور المنظمة كأداة فاعلة لخلق توازن لنظام عالمي مختلف وانضمام تركيا كنقطة التقاء جغرافية بين الشرق والغرب لتحقيق أقصى استفادة ممكنة في عدة نواحي أمنية واقتصادية وفي مجال الطاقة والزراعة والسياحة، أيضاً يعزز من قوة المنظمة. وقد كانت مضامين خطاب الرئيس التركي رجب أردوغان أن النظام العالمي الذي تأسس عقب الحرب العالمية الثانية فقد قدرته على حل الأزمات، وقد يوحي ذلك بأن تركيا تتفق ضمنياً بضرورة وجود نظام عالمي جديد متعدد القوى، فهل تنجح منظمة شنغهاي في هندسة نظام عالمي مختلف فعلاً؟

 

ليفانت - سعد عبد الله الحامد

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!