الوضع المظلم
الأربعاء ٠١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
علاقة نظام الملالي باللاجئين في إيران
سامي خاطر

لم تحترم الدولة الإيرانية اتفاقياتها مع الشرعية وعضويتها بالمؤسسات الدولية وذلك بسبب غياب منطق ونهج الدولة والمؤسسات في ظل وجود سلطة حكم نظام الملالي، وبالتالي فإن صورة الدولة الإيرانية ليست بالوضع الصحيح الذي يستحقه الشعب الإيراني وتاريخه، كما لم يملك نظام الملالي المتحكم في إيران الأهلية واللياقة التي تجعل بمقدوره إقامة دولة مؤسسات ترتقي بالمجتمع وتحترم حقوق الإنسان والقيم الإدراية والقانونية الرشيدة، ولم يكن بمقدور نظام سياسي همجي وغير مشروع قائم على التعسف والإكراه والعنف والقتل والإعدامات أن يقيم حكومة ديمقراطية تقوم على العدل والمساواة واحترام الآخر ووجوده هوية وفكر وعقيدة، وبالتالي فإن هكذا حال تعيشه الدولة الإيرانية ومؤسساتها المتهلهلة سينطبع بالتأكيد على كافة الفئات البشرية الهشة، سواء كانوا مواطنين أو لاجئين، ويمكن وصف أوضاع اللاجئين الذين هم تحت مسؤولية النظام الإيراني بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أقرتها الدولة الإيرانية ونظام ولاية الفقيه على النحو التالي:

علاقة نظام الملالي باللاجئين في إيران علاقة معقدة ومتناقضة، فمن ناحية تدّعي إيران أنها بلد معاد للظلم والاستبداد، وأنها تقدم ملاذاً آمناً للاجئين من جميع أنحاء العالم، ومن ناحية أخرى، يواجه اللاجئون في إيران العديد من التحديات بما في ذلك التمييز وعدم التمتع بالخدمات الأساسية.

وفقاً لتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويعيش ما يقرب من 5,3 مليون لاجئ في إيران من جنسيات وأعراق مختلفة في ظروف قاسية وصعبة وإهمال شديد من قبل النظام الإيراني وتعاني بعض فئات اللاجئين من نهج عنصري لأسباب طائفية.

رغم ما يدّعيه نظام الملالي بأن إيران تلعب دوراً مهماً في استضافة اللاجئين وأنها قدمت ملاذاً آمناً للاجئين الذين فروا من الحروب والاضطهاد، وأنها قدمت مساعدات مالية وإنسانية للاجئين فإنها لم تقدم حتى المساعدات الدولية كاملة كما هي للاجئين، ويعيشون جميعا في ظروفٍ معيشية سيئة ومحرومون من كثير من وسائل وسبل الحياة الكريمة.

يواجه مجتمع اللاجئين في إيران أيضا العديد من التحديات من بينها العزلة والعنصرية من قبل النظام، وصعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية وحتى الأوراق الثبوتية لمواليدهم الجدد على الأراضي الإيرانية.

فيما يلي بعض التحديات التي يواجهها اللاجئون في إيران:

  • التمييز: يواجه اللاجئون في إيران التمييز من قبل النظام ومؤسساته، وقد يتعرضون للمضايقات أو العنف في بعض الحالات خاصة إذا كانوا أبناء عقائد وطوائف لا يعترف بها النظام.
  • نقص الوصول إلى الخدمات الأساسية: يواجه اللاجئون في إيران صعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الحقوق التي نصت عليها القوانين والأعراف الدولية.
  • الإقامة الدائمة: يواجه اللاجئون في إيران صعوبة في الحصول على الإقامة الدائمة.

وفي محاولة لتلميع صورته القبيحة أمام المجتمع الدولي حاول نظام الملالي معالجة بعض هذه التحديات التي يواجهها مجتمع اللاجئين حيث أصدر نظام الملالي قانونا جديدا للاجئين في عام 2013 يهدف إلى تحسين وضع اللاجئين في إيران، ومع ذلك لم يخرج عن ذلك القانون سوى الضجيج، وما يزال هناك الكثير الذي يجب عمله لضمان حقوق اللاجئين في إيران.

بعض الخطوات التي يمكن أن يقدمها نظام الملالي تحت شعار خدمة وتحسين أوضاع اللاجئين في إيران لن تتخطى الشكليات المطلوبة التي يتم من خلالها نهب واختلاس المساعدات الأممية المقدمة من المانحين للاجئين في مجال الصحة والتعليم والتدريب وحتى المساعدات الغذائية.

نظام الملالي وأزمات اللاجئين

لا يمكن لنظام الملالي الدكتاتوري القمعي الحاكم في إيران الذي يعتمد على القمع والقتل والتعسف والفكر العنصري الذي يهلك شعبه من أجل الحفاظ على السلطة أن يهتم ويكترث لمعاناة اللاجئين أو للظروف المأساوية التي قد تنجم عن إهمال إرهابية ارتكبها النظام بشكل مباشر من خلال ميليشياته بالوكالة، وهو المسبب المباشر أو غير المباشر للعديد من أزمات اللاجئين في المنطقة والعالم.

أزمات اللاجئين في المنطقة

من أبرز أزمات اللاجئين في المنطقة التي تسبب فيها نظام الملالي هي الأزمة السورية؛ فمنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 دعم نظام الملالي نظام الأسد بقوة مما أدى إلى استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا، وقد فر ملايين السوريين من بلادهم بسبب الحرب، ولجؤوا إلى الدول المجاورة، بما في ذلك تركيا ولبنان والأردن والعراق.

كما تسبب نظام الملالي في تفاقم الأزمة العراقية، ومنذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 دعم نظام الملالي الميليشيات الشيعية المتطرفة في العراق مما أدى إلى تصاعد العنف الطائفي والإرهاب في البلاد، وقد فر ملايين العراقيين من بلادهم بسبب العنف ولجؤوا إلى الدول المجاورة، بما في ذلك تركيا والأردن وسوريا، ونزح الملايين من البشر داخلياً أيضاً بسبب العنف الطائفي والإرهاب وقمع سنة العراق تحت شعار محاربة داعش.

أزمات اللاجئين في العالم

يساهم نظام الملالي أيضاً في تفاقم أزمات اللاجئين في العالم، حيث أن هذا النظام الفاشي هو مصدر رئيسٍ للإرهاب على الصعيد العالمي، ويدعم العديد من الجماعات الإرهابية في المنطقة وخارجها، وقد تسبب هذا الدعم في تصاعد موجات الهجرة غير الشرعية من الدول التي تعاني من الإرهاب مما أدى إلى تفاقم أزمات اللاجئين في أوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى، فملايين اللاجئين الذين تركوا الشرق الأوسط وإيران كان نظام ولاية الفقيه في إيران السبب في ترك غالبيتهم لبلادهم، خاصة السوريين والعراقيين واليمنيين واللبنانيين والفلسطينيين.

النخب الإيرانية ودافع هجرتها

هناك العديد من الأسباب التي دفعت النخب الإيرانية إلى الهجرة، ومن بينها ما يلي:

الضغوط السياسية والاقتصادية: تعرضت النخب الإيرانية لضغوط متزايدة من الحكومة الإيرانية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الاعتقالات والمضايقات، بالإضافة إلى ذلك تعاني إيران من اقتصاد ضعيف مما يجعل من الصعب على النخب الإيرانية تأمين حياة كريمة لهم حتى لو كن ذلك بالحد الأدنى.

الرغبة في الحرية والديمقراطية: هاجر العديد من النخب الإيرانية لأنهم يبحثون عن حياة أكثر حرية وديمقراطية لا يمكن توفيرها في ظل نظام الملالي الاستبدادي، ويسعى العديد من النخب الإيرانية إلى العيش في مجتمع يتمتع بحياة ديمقراطية حيث يمكنهم التعبير عن آرائهم بحرية وممارسة عقائدهم بحرية.

الفرص الاقتصادية: يبحث العديد من النخب الإيرانية عن فرص اقتصادية أفضل في الخارج بسبب سياسة السلب والنهب وفساد الإدارة في إيران الدولة الغنية متعددة الموارد، ورغم ذلك يرتفع فيها معدل البطالة، ويجد العديد من النخب الإيرانية أنه من الأفضل هجرة إيران بحثاً عن مستقبل وفرصٍ أفضل في الخارج.

هجرة النخب الإيرانية إلى مجموعة متنوعة من البلدان من بينها الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وغالبا ما يستقرون في المدن الكبرى حيث يمكنهم العثور على فرص عمل وخدمات التعليم والصحة والثقافة.

ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي يعيش ما يقدر بنحو 500000 مهاجر إيراني في الولايات المتحدة، ويعيش حوالي 200000 مهاجر إيراني في كندا، وما يقرب من 100000 إيراني مهاجر في المملكة المتحدة، وما يقدر بنحو 50000 مهاجر إيراني في فرنسا، و50000 مهاجر إيراني في ألمانيا تقريباً.

تؤدي هجرة النخب الإيرانية إلى مجموعة متنوعة من التأثيرات على إيران والمجتمعات المضيفة ففي إيران تفقد البلاد بعضاً من قدراتها البشرية ونخبة مواطنيها، وفي المجتمعات المضيفة تساهم النخب الإيرانية في الاقتصاد والتعليم والثقافة والإزدهار.

الحلول

هناك العديد من الحلول الممكنة لمعالجة أزمات اللاجئين، ومن أبرز هذه الحلول ما يلي:

  • - الإقرار بعدم شرعية النظام وأنه المسبب الرئيس في محنة اللاجئين وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم بالإضافة إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب الإيراني بسبب هذا النظام الفاشي.
  • - دعم الحركات الديمقراطية في إيران وعلى رأسها الوطني للمقاومة الإيرانية لإسقاط وتغيير نظام الملالي.
  • - العمل على الحد من تدخلات نظام الملالي في شؤون دول المنطقة والعالم وتمويله للإرهاب.

إن حل أزمات اللاجئين في المنطقة والعالم تتطلب أيضاً معالجة جذور هذه الأزمات ومسبباتها بما في ذلك نظام الملالي، ولن تنتهي هذه الأزمات إلا بزوال هذا النظام ولن يتم زواله إلا بالكف عن دعمه وتمويله، والكف عن سياسة استرضائه والتغاضي عن جرائمه.

ليفانت - د. سامي خاطر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!