-
عبد العزيز الخير سياسي من طراز خاص
فالإنسان والسياسي عبد العزيز الخير ينتمي بالمعنى الإنساني إلى أسرة متوسطة الحالة من قرية القرداحة، مواطن عائلة الأسد، ومن الأسرة المنافسة في الزعامة للقرية، بالإضافة إلى التاريخ الطويل في التواجد والصراع بالقرية، وخير دليل على ذلك المظاهرة والمطالبة في الإفراج عنه عندما عم خبر اعتقاله من قبل السلطات السورية أثناء عودته من الصين في العام 2012.
والسياسي الخير عمل في الحقل السياسي منذ شبابه، حيث كان جزءاً من قيادة الحركة الطلابية في حزب البعث العربي الديمقراطي الاشتراكي، عندما كان طالباً في جامعة دمشق إلى جانب صديقه عصام دمشقي (أبو ضياء)، وانتقل إلى صفوف حزب العمل الشيوعي بعد ثمانيات القرن الفائت، وحضر المؤتمر الوحيد للحزب في العام 1981، وانتخب الخير (أبو المجد) في اللجنة المركزية، وعضواً في المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي، بينما "أبو ضياء" عضواً في اللجنة المركزية للحزب.
ومع حملة الاعتقالات عام 1982، التي اعتقل فيها فاتح جاموس وعدد من أعضاء اللجنة المركزية والحزبين، طُلب عبد العزيز الخير إلى الأمن العسكري في دمشق واللاذقية إلى جانب من أعضاء المكتب السياسي والأعضاء الحزبيين.
كل ذلك لم يمنع الخير من متابعة نضاله في صفوف حزب العمل الشيوعي، وإلى جانب القوى السياسية السورية والفلسطينية، حيث ساهم بشكل كبير في النقاشات والمواقف السياسية من عملية التسوية السياسية على الساحة السياسية الفلسطينية بقيادة الراحل أبو عمار (ياسر عرفات)، والحراك السياسي والتنظيمي ضد رؤية التسوية التفاوضية في تلك المرحلة، وانحاز إلى جانب (حراك فتح)، وحراك (جبهة التحرير الفلسطينية)، والكتابة عن الصراع داخل السلطة السورية بين الأخوين الأسد في أواسط ثمانينات القرن الفائت.
وساهم بشكل كبير في الإعداد لوثائق المؤتمر الثاني لحزب العمل الشيوعي الذي لم يعقد بسبب حملة الاعتقالات التي بدأت في العام 1986، واستمرّت بشكل مستمر حتى نهاية العام 1988، وجرى فيها اعتقالات كبيرة كان التركيز فيها على "أبو المجد"، عبد العزيز الخير، بعد اعتقال أكرم البني ووجيه غانم في شهر آب 1987، حيث وجد العقل الأمني للنظام الفرصة سانحة لتصفية حزب العمل الشيوعي بالمعنى التنظيمي، وفتح حملة كبيرة بغية الوصول إلى المناضل عبد العزيز الخير. لكن الظروف شاءت أن لا يعتقل في تلك الحملة، ويمتد وجوده خارج المعتقل إلى العام 1992، فكانت المساهمة الأكبر في استمرار حزب العمل في الوجود داخل الأراضي السورية، إلى جانب إصدار أعداد جريدة الراية الحمراء منذ العام 1988، ومساهمة عدد من أعضاء هيئة التحرير فيها. بالإضافة إلى الحوارات التي كانت قائمة بين القوى السياسية السورية عند احتلال العراق للكويت، وانسحابه منها، والحرب (الأمريكية، العربية) لتحرير الكويت وإخراج جيش صدام حسين منها، والبيانات السورية التي ساهم بها إلى جانب القوى الوطنية السورية.
واستقبل خروج المعتقلين من سجن صيدنايا، وعدرا، ودوما في العام 1991، وبيان الترحيب بهم، والدعوة إلى عدم حضور مؤتمر مدريد، "التسوية الدولية لقضية الشرق الأوسط (فلسطين)"، في نهاية العام 1991، وبداية العام 1992.
كل ذلك جاء ليوضح النهج السياسي والتنظيمي الذي اعتمدته إلى جانب رفاقه في حزب العمل، والحركة الوطنية السورية. قبل اعتقاله في الشهر الثاني من العام 1992، من قبل فرع فلسطين، حيث عمّت الفرحة نتيجة ذلك الاعتقال على اعتباره المطلوب رقم واحد في الفرع من خلال إطلاق الرصاص لحظة وصوله إلى الفرع، وترقية الضابط الذي قاد عملية الاعتقال.
وحول بعدها إلى سجن صيدنايا في عزل انفرادي فترة زمنية، وبعدها تم ضمه إلى رفاقه ليصار إلى محاكمة الجميع من قبل محكمة أمن الدولة، بقيادة جزار فايز النوري، التي أصدرت أعلى حكم عليه (22) عاماً، بتهمة الانتماء إلى جمعية سرية محظورة، والقيام بأنشطة مناهضة للنظام الاشتراكي للدولة، ونشر أخبار كاذبة من شأنها زعزعة ثقة الجماهير بالثورة والنظام الاشتراكي.
وعندما أفرج النظام عن قيادة حزب العمل الشيوعي في العام 2001، عاقبه بحيث بقي معتقلاً رغم كل المناشدات التي وجهتها منظمات إقليمية ودولية لإطلاق سراحه، إلا أنّ النظام صم أذنيه عن سماعها، وضرب بها عرض الحائط.
وبعد خروجه من المعتقل بسجن صيدنايا العسكري الأول في نهاية العام 2005، عاد إلى العمل السياسي في صفوف الحزب والحركة الوطنية السورية، فحضر أول اجتماع للمكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي في نهاية الشهر الثاني من العام 2006، في مدينة حمص. وعادت مساهمته الصحفية الكبيرة في جريدة (الآن) الصادرة عن المكتب السياسي لحزب العمل، حيث كتب ملفاً سياسياً نقدياً عن الحركة السياسية السورية، وكانت أولى مقالاته عن مآلات حزب العمل في التوجهات السياسية والتنظيمية، وتطرّق إلى بعض القوى السياسية في التجمع الوطني الديمقراطي، ما دفع هذه القوى إلى المطالبة بوقف الملف والاعتذار عما جاء فيه، وهذا يوضح مقدار تأثير هذا الملف لو استمر العمل به من قبل الخير على الحركة الوطنية السورية، إلا أنّ قرار قيادة حزب العمل كان وقف الملف والاعتذار من القوى السياسية الوطنية السورية الشريكة في الحياة السياسية المعارضة.
وفي العام 2009، أثناء التحضير لعقد مؤتمر لحزب العمل، داهم الأمن اجتماع الصبورة، وهرب الخير من الاعتقال مع عدد من الذين كانوا حاضرين الاجتماع. ومع رياح الربيع العربي التي هبت من تونس، ساهم في عدد خاص من مجلة (الآن) حول ثورة الشعب التونسي.
وبالحالة السورية من الربيع، كتب الموقف السياسي من الثورة السورية التي اعتبرها ثورة سياسية. وتفرّغ للعمل التحالفي والدبلوماسي، حيث ساهم في كتابة الوثائق الأساسية لهيئة التنسيق الوطنية، وحضر مؤتمرها الأول في أيلول 2011، وأصبح من قيادتها التي عملت في حوارات القاهرة على إنتاج الوثائق التي اعتمدت من الجامعة العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن، في إصدار القرار 2254، وحاول تقريب وجهات النظر بين المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني، لاحقاً، وهيئة التنسيق، للتوافق نحو معارضة موحدة، لكنه فشل مثل غيره من المعارضة في تلك المرحلة.
وتعرض أثناء ذلك لهجمة البيض والبندورة مع رفاقه في القاهرة من قوى المعارضة اليمنية في صفوف المعارضة السورية، لكنه لم يأخذ موقفاً معادياً من هذه المعارضة، حيث أوضح أنه يجب الحوار معها لأنها ستكون شريكة في الوطن والعمل السياسي.
وقبيل زيارته إلى الصين، أضاف أنّه يجب الحوار مع النظام وحلفائه الداعمين من أجل عمل سياسي يجنب البلاد حمام الدم والحرب والدمار، لكن الزمن لم يسعفه للعمل على تحقيق ذلك، حيث قامت الأجهزة الأمنية باعتقاله عند عودته من زيارة الصين في 20/9/2012، قبيل مؤتمر الإنقاذ الوطني الذي شارك في إعداد وثائقه.
أخيراً.. الحرية لعبد العزيز الخير وماهر الطحان وإياس عياش ورجاء الناصر وكافة المعتقلين، والمطلوب إلغاء الاعتقال السياسي في سوريا من أجل التمهيد للبيئة الآمنة القابلة للاستمرار من بوابة العمل السياسي السوري.
ليفانت - ماهر إسماعيل
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!