الوضع المظلم
السبت ٢٠ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
صفرية البديل الوطني وصفر المجتمع.. سوريا إلى أين؟
أحمد منصور 

المجتمع السوري < صفر وجود >؛ تلك المعادلة الصفرية تحاكي واقعية العقلية الجمعية لعصابة النظام، وجماعات المعارضة، ويعود ذلك ببساطة إلى أنّ السوريين في حاضرهم ومستقبلهم، وكما ماضيهم، هم بالنسبة لأولئك، مجرد وجهة نظر لا أكثر، لذا من البديهيات وجود تلك الذهنية التي تسير وفق "سجل على لوح الثلج والحسّابة بتحسب".

وحسب وجهة نظري، إن النظام الديكتاتوري في دمشق لم يكتسب يوماً ودّ الحاضنة الاجتماعية ولم يسعى خلفها؛ كذلك فعلت المعارضة، والتي لم يسمع فيها الشارع السوري إلا عقب انتفاضة السوريين عام 2011، طبعاً دون إنكار وجود بعض المعارضين للنظام آنذاك، وبحسب اعتقادي، فإنَّ تعدادهم يتراوح بين 23,999,999 - 23,999,990 نسمة.

إذاً من المفيد الحديث أن من جوهر الأخطاء التي ارتكبتها مجموعة من مجاميع السوريين المنتفضين، هو تسليم زمام المبادرة في الثورة السورية إلى بعض أولئك المُعارضين، الذين كانوا وما زالوا ذاتهم أكثر احتياجاً إلى تنظيم صفوفهم، والبدء في تأسيس تيارات وتجمعات وأحزاب سياسية جدية وضمن برامج وآليات فاعلة بعيداً عن نهج الطغمة المقيتة "سجل على لوح الثلج والحسابة بتحسب".

ووفق الإطار أعلاه، يمكننا وضع تصوّر عن مدى سوء الواقع المعيشي الذي يحياه السوريون في جميع مناطق سوريا والمُسيطر عليها من عدة مجموعات متعددة الشرعيات، ومن المؤكد بأنه يختلف من منطقة إلى منطقة ثانية وثالثة، وهكذا... إلخ، وهنا يوجد تساؤل: ماذا ينتظر السوريون المتروكون لوحدهم في مواجهة مصيرهم الذي يبدأ من الممارسات العنفية والقمعية التي تنتهجها قوى التسلّط والاستبداد وجماعاتهم؟ وإلى متى سيبقى السوريون يعانون؟ أليس توسع دائرة الفقر المدقع في أي مجتمع ينذر بأزمة محلية، هذا في حال كان هناك دولة ومؤسسات، كيف إذاً وفي سوريا لا يوجد دولة بما يعنيه مفهوم الدولة، وغياب عدمي للمؤسسات من كافة أطراف الصراع على السلطة والثروات والآيديولوجيات الغيبية، ناهيكم عن اختفاء طبقة البرجوازية السورية والتي كان من المفترض أن تتحمل مسؤولياتها أمام ما يحدث في سوريا؟ ولكن شتان ما بين البرجوازية بدلالاتها التاريخية والوطنية، وبين حالة اللابرجوازية السورية.

عزيزي القارئ، أعتقد أن سوريا الألم والكلم؛ كانت وما تزال تستحق أن نعمل لأجلها، هناك من يقول إن العمل اليوم هو مجازفة، حيث لا توجد غاية إلى الآن لأيَّة بوادر للحل تلوح في الأفق القريب، أقول له نعم.. وأين المشكلة في هذا؟

أعزائي.. إن ضرورة التوجّه الجاد نحو التفكير جدياً في التعاون مجتمعين، متشاركين، متعاضدين نحو الشروع في التفكير لإيجاد الطرق والوسائل التي من شأنها إنجاح فكرة طرح مشروع ديمقراطي وطني من شأنه تعميم بناء البديل الوطني الديمقراطي، وطبعاً على أسس وطنية، ووفق قواعد حتمية تبدأ في النصوص ما فوق دستورية وكذلك قانونية، والأهم أخلاقياً، جميعها يُعنى في صون وحماية حقوق الإنسان وحريته ومواطنته، أفراداً وجماعات، وتوفير كافة الفرص والسبل المشروعة من أجل تغيير واقعه المعيشي نحو الأفضل.

إنّ البديل الوطني الديمقراطي ليس عنواناً يُطرح ليتناقله السياسي الانتهازي والفاشل محاولاً في ذلك استجداء أدواراً أو مكانٍ أوحتى مكانة ما يُظهر فيها نفسه.

وفي المقابل، هو ليس مادة دسمة يستطيع من خلالها النظام الموحش الاختباء والاحتماء خلفه، وهذا ينطبق على حال المعارضة، إنه جسم وطني تعداده عموم السوريين بكافة انتماءاتهم العرقية والدينية والعشائرية والمذهبية والمناطقية والقبلية، وكذلك اصطفافاتهم السياسية، سواء كانوا أحزاب أو تيارات أو تجمعات إلى آخره.

وأقتبس من المفكر السوري الطيب تيزيني: "لتكن غايتنا سوريا التي هي المُبتدأ والمُنتهى وليست حمص فقط".

ليفانت - أحمد منصور

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!