-
شكراً للائتلاف، مرحى للمرحّلين، تبّاً لأهل "الكيملك"!
نقرّ ونعترف، نحن السوريين، بكامل فوضانا العقلية والجسدية، بأن من حقّ أي دولة هُجّرنا إليها، وأعني هنا تركيا، أن تضع مصلحة اقتصادها وحياة مواطنيها وحماية أمنها فوق كلّ مصلحة، ولو كانت على حسابنا وحساب حياتنا وحياة أبنائنا.
ونقدّر استقبالها لملايين السوريين خلال السنوات الماضية، في المخيمات والولايات والمعامل والمصانع والمطاعم، والسماح لهم بافتتاح عشرات المنظمات والجمعيات والائتلافات والحكومات المؤقتة.
ونتفهّم الضغوطات الخارجية والإحراجات الداخلية والمؤامرات البينية، بدءاً من انخفاض سعر الليرة وغلاء الأسعار، مروراً بالبطالة المتزايدة وتراجع شعبية الحكومة، وصولاً إلى خسارة بلدية إسطنبول.
ونعترف بتسرّب الآلاف عبر الحدود بعد إغلاقها بوجه السوريين، وتقاعس البعض عن استخراج الكيملك "العزيز" قبل إيقاف منحه في إسطنبول وبقية الولايات، ونشكر كلّ من شغّلهم في معامله لانخفاض أجورهم، وبدون إذن عمل، وكل من أجّرهم البيوت بأسعار خيالية، بصرف النظر عن وجود الكيملك.
ونسامح كل من اتهمنا بجرائم "التحرّش بالأطفال" بعمر الـ 5 سنوات حصرياً، وتهجّم علينا وحطّم واجهات محلاتنا وسياراتنا وطالب بترحيلنا وإعادتنا إلى "غابتنا المتوحشة" لنمارس فيها عاداتنا "المتأصّلة" في فنون التحرّش وتدخين "النرجيلة" بين أشجارها وعند ضفاف مستنقعاتها الشبيهة بشواطئ بحورهم.
ونبرّر قلقهم من حالات إنجابنا المتزايدة ودورها في تغيير "ديموغرافيتهم" وطمس هويتهم القومية خلال القرون القادمة.
نعذرهم على ظنّهم بأننا نأكل ونشرب وندرس ونسكن ونتنقّل على نفقة حكومتهم وحساب ضرائبهم اليومية والشهرية والسنوية. ونحترم سياسييهم حين يصرّحون بإنفاقهم عشرات المليارات خلال فترة "ضيافتنا".
ونُنكر كافة الدراسات القائلة برفد آلاف الشركات السورية الاقتصاد التركي بمليارات الدولارات سنوياً، وسنعتبرها مجرد كلام جرائد فارغ لخداع الشارع التركي وتبديل نظرته تجاه "الدخلاء" و"الطفيليين" السوريين.
ونبصم بالعشرة على صحة تصريحات شيخنا الفاضل "النابلسي" بأننا لم نحرص يوماً على راحة وهدوء الأتراك، ونسهر إلى آخر الليل، ونحرّض أطفالنا على الصياح، واللعب، والخبط أثناء المسير على الأراضي والحيطان وأسقف المنزل، لنزعج جيراننا الأتراك، ولم نحقق أمنيته وحكمته المأثورة "يا غريب كن أديب".
ونعتذر من "البروفيسور"، عميد الجامعة الحقيقية الوحيدة في العالم، ملهم الدروبي، على قلة أدبنا وذوقنا ونكراننا لجميل مضيفنا.
ومن حقّ الشرطي التركي طردنا من المخفر حين نتعرّض للسرقة أو الاعتداء علينا من قبل ابن البلد، بل ويحقّ له زجّنا في السجن وترحيلنا إن شاء. فنحن الذين ضاعفنا نسبة جرائم القتل والسرقة والسطو والتحرش ونحر النساء الحوامل هن وأجنّتهن وأطفالهن داخل الغابات.
نعم، ونحن الذين نقتل طالبات الجامعة لنسرق "الموبايلات" منهن، ونطعن الأطفال الخارجين من المعامل آخر اليوم لنسلبهم أجرتهم الأسبوعية.
لذلك كلّه، فنحن "نستاهل" الترحيل "الطوعي"، ليس إلى الشمال السوري فحسب، بل إلى الفرع 215 و217 وإلى مطار المزة وصيدنايا.
فكلّها مناطق "آمنة" وتنعم بالسلام والاطمئنان، وكلّ من يقول بأن مناطق خفض التصعيد تقع تحت سيطرة الجولاني والنصرة وتتعرض يومياً لقصف الروس والنظام فهو كذّاب ابن كذاب، وكل من يقول بأن مناطق درع الفرات وغصن الزيتون خالية من السلاح والفصائلية والسرسرية والمحسوبيات والخطف و"الموتورات" المفخخة فهو عميل إمبريالي صهيوني مأجور.
السوريون أصلاً يحلمون منذ سنوات بالتوجّه إلى تلك المناطق الفائقة الروعة والأمان، وغالبيتهم تقدّموا بطلبات "إعادة توطين" فيها لكن ملفاتهم لو تؤهلهم للقبول.
فلا نستغرب حين نشاهد صور النساء والصبايا السوريات وهنّ يذرفن دموع الفرح قبل صعودهن إلى باصات الترحيل "الطوعي" المنطلقة من ميدان "أسنيورت" في إسطنبول، والمتجهة صوب أراضي الشمال السعيدة، التي سبق ورحل إليها أزواجهن وأبناؤهن بعد التوقيع على ملفات إعادة التوطين "طوعاً" في استراحات "توزلا" و"كيليس" وباب الهوى.
وبمجرد وصول الأزواج والأبناء إلى الشمال، قدّموا أوراقهم الثبوتية وأجروا معاملات لمّ الشمل وأرسلوها إلى زوجاتهم وبناتهم بالـ "واتس" السريع.
أما نحن الذين كُتب علينا البقاء داخل إسطنبول، ولم نوفّق بإعادة التوطين في الشمال "العظيم"، فحسرة علينا وعلى زوجاتنا وأبنائنا، وحسرة على الذين خلّفونا. سنظلّ نتحسّب الله على جمعيات حقوق الإنسان التركية والمعتصمين والمتظاهرين وأصحاب "هاشتاغات لا تلمس أخي السوري"، ممّن يطالبون ببقائنا بينهم والعيش معهم، ويدّعون، زوراً وبهتاناً، بأن الترحيل تمّ بصورة قسريّة، فتسببوا، جهلاً، بمقتل "هشام صطيف" حين حاول الخروج من تركيا والتسلل صوب إدلب "الاسكندنافية" ليقنصه رصاص حرّاسها.
ندعو من الله أن يسامحهم جميعاً، فهم لا يعلمون بأن "كيمليك" إسطنبول الذي بجيوبنا كان سبباً بعدم ترحيلنا "الطوعي" إلى أرض "النعيم" في الشمال السوري، وستبقى حسرة في قلوبنا أن نعرف كيف استطاع الراحلون، "طوعاً"، التخلّص من "كمالكهم" وفازوا بفرصة إعادة التوطين هناك.
وختاماً، لا يسعنا سوى توجيه الشكر للائتلاف الحبيب، الذي بقي ثابتاً في مواقفه الداعمة للترحيل "الطوعي"، وتكذيب المنظمات الحقوقية التركية وبعض المؤسسات الحكومية، وتوضيح الحقيقة للناس بأن لا ترحيل قسري إلى الشمال.
نرجو الائتلاف، ونبوس يديه، أن يستخدم كامل نفوذه لإقناع الجهات المعنية بفتح المعابر، قسراً، ليس أمام مالكي كيملك إسطنبول فحسب، بل وأمام حملة إقامات العمل والإقامات السياحية، وحبذا لو يشملون السوريين المساكين الحاصلين على الجنسية التركية أيضاً، للعبور بسلام إلى بلاد الميعاد والأحلام.
شكراً للائتلاف، مرحى للمرحّلين، تبّاً لأهل "الكيملك"!
شكراً للائتلاف، مرحى للمرحّلين، تبّاً لأهل "الكيملك"!
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!