-
شيخ الأزهر.. عالم قهر الإخوان
باهر القاضى _ كاتب مصري
«الأزهر الشريف - الإخوان»، العلاقة التى تربط الجماعة بالأزهر ليست وليدة اليوم، بل منذ سنوات عديدة، والجماعة تحاول بكل السبل والطرق، تبني محاولات السيطرة والهيمنة على الأزهر الشريف، فقادة الجماعة منذ القدم لديهم قناعة تامة بأن السيطرة على الأزهر بمثابة الطريق للهيمنة على الحقل الدعوي لنشر أفكارها الهدامة ليس فى مصر فحسب، بل فى مشارق الأرض ومغاربها، فالأزهر على مدار تاريخه العريق والذى تجاوز الألف عام، ظل ولا يزال منارة العلوم الإسلامية فى كل ربوع العالم، وذلك منذ نشأته (359-361 هجرية)/ (970-975 م).
غير أن حلم جماعة الإخوان فى بسط قبضتها على الأزهر الشريف، ذلك الحلم الذى ظل يراود الجماعة منذ نشأتها على يد حسن البنا، عام 1928، بات يظهر على السطح وعلى مرأى ومسامع الجميع، فعقب نشوب ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011، تلك الثورة التى فجرها الشعب المصرى على مبارك ورموز نظامه، كانت بداية محاولات "الإخوان" وضع يدها على الأزهر جامعا وجامعة علنيا، وذلك بتبني مخططات رسمية بإحكام سيطرتها على الأزهر، وبالأخص إبان وصول الإخوان إلى سدة الحكم، فى أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير.
فرأت الجماعة عقب وصولها للحكم ووضع يدها على مفاصل الدولة، بعدما أسفرت جولة الإعادة في الانتخابات آنذاك عن فوز مرشح حزب الحرية والعدالة «المنحل» محمد مرسي بنسبة 51.73% على منافسه الفريق أحمد شفيق الحاصل على نسبة 48.27%، بأنه آن الأوان لإحكام واختراق مؤسسة الأزهر، ومن هنا وجهت الجماعة العديد من السهام إلى الأزهر وشيخه العالم الجليل الدكتور أحمد الطيب، والذى ترأس كرسى مشيخة الأزهر بموجب قرار من الرئيس السابق محمد حسني مبارك تحت رقم 62 لعام 2010م بتعيين الدكتور أحمد محمد الطيب شيخًا للأزهر الشريف خلَفًا للإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي، رحمه الله.
سهام جماعة الإخوان المحظورة بحكم قضائي، ضد الأزهر وشيخه للوصول إلى بسط نفوذها وهيمنتها على الأزهر وهيئاته، طالت العديد من المستويات وعلى كل الأصعدة، فقد تبنت الجماعة العديد من التحركات، تارة للنيل من رسالة الأزهر، وأخرى من مكانة ودور شيخ الأزهر، فعلى المستوى التشريعي، تعمدت الجماعة تهميش دور الأزهر فى صياغة دستور مصر 2012، باختيار عدد محدود من الأزهريين، ولم يقف الأمر على هذا الحد، من التمثيل غير المناسب للأزهر، بل طالب أعضاء الإخوان بالجمعية التأسيسية، بتحديد مدة شيخ الأزهر بالدستور، فى أول تحرك للجماعة للهيمنة على كرسي المشيخة، غير أن رفض أغلب الحضور لهذا المطلب، دفع الجماعة إلى التراجع للخلف.
وعقب فشل الإخوان فى تحديد مدة ولاية شيخ الأزهر والخروج على الدستور الذى نص صراحة على أن منصب الأخير محصن وغير قابل للعزل وليس له مدة محددة، أخذت مساعي الجماعة تتجه إلى تشويه رسالة الأزهر، والتقليل من مكانة الطيب، فتعمدوا وضع مقعد «الطيب» فى احتفالية فوز محمد مرسى بجامعة القاهرة فى أواخر الكراسى بينما وضعوا مقعد يوسف القرضاوى فى أول الصفوف، ليرفض شيخ الأزهر الجلوس فى أواخر الصفوف ويترك ببسالة وشجاعة احتفالية تنصيب رئيس الجمهورية، حفاظا على مكانة الأزهر.
كما أسست الجماعة جبهات لسحب البساط من الأزهر، اتحاد علماء المسلمين فى قطر، وجبهة علماء الأزهر المستقلة، إلا أن جهود شيخ الأزهر وذكاءه، استطاع بهما أن يجعل شعاع الأزهر قائما برسالته فى الداخل والخارج، وظلت تلك الكيانات محدودة الأفق والتأثير، وأمام فشل الإخوان فى الوصول إلى كرسي المشيخة وتنصيب يوسف القرضاوى، مفتى الجماعة، شيخا للأزهر لكونه مؤهلا قانونا لذلك، باعتباره كان يشغل منصب عضو بهيئة كبار العلماء والمنوط بها اختيار من يشغل منصب شيخ الأزهر، بدأت الجماعة تمارس كل سبل الضغط على المؤسسة الدينية وعلى شيخها الجليل، فتبنت الجماعة تدبير حادث تسمم أكثر من 500 طالب بالمدينة الجامعية للأزهر، بعد تناولهم وجبات فاسدة بالمدينة.
ذلك الحادث الأليم والمفتعل بترتيب من جماعة الإخوان، والذى ترتب عليه إقالة الدكتور أسامة العبد من منصبه رئيسا لجامعة الأزهر، خطط له من قبل الجماعة، بأن يستغل ذلك الحادث مطيةً لرحيل شيخ الأزهر، فعلى الفور دخل طلاب الإخوان بجامعة الأزهر فى اعتصام مفتوح، مطالبين برحيل الطيب عن الأزهر، إلا أن شيخ الأزهر بادر باحتواء الأزمة، وبفتح تحقيق موسع للتحقيق فى الحادث وقرر الإطاحة بالعبد من منصبه، لتبوء محاولات الإخوان بالإطاحة بالطيب بالفشل الذريع.
معارك الإخوان ضد شيخ الأزهر وصلت إلى المواطن العادى بالشارع المصرى، فعقب هجوم قنوات الإخوان الإعلامية على الطيب فى وسائل الإعلام الموالية للجماعة، إبان حكم الإخوان، انطلقت مسيرة تضم المئات من مسجد «الحسين» متجهة إلى مقر مشيخة الأزهر الشريف عقب صلاة الجمعة، تأييدًا ودعمًا للدكتور الطيب ضد الإخوان، وقتئذ، وشيخ الأزهر واقف بشجاعة فى وجه كل تلك المحاولات، بل مسجلا انتصارا فى كل معاركه مع الجماعة.
لم ينجح شيخ الأزهر فى التصدى لمحاولات الإخوان للهيمنة على الأزهر فحسب، بل حاصر تمددهم داخل هيئات الأزهر، فضلا عن نجاحه الباهر فى عودة الانضباط بجامعة الأزهر، بعدما شهدت الجامعة العديد من أعمال الشغب والعنف من طلاب الإخوان عقب الإطاحة بحكم الجماعة، بنشوب ثورة الثلاثين من يونيو، فقام بإلغاء انتخابات اتحاد الطلاب بجامعة الأزهرحتى آلان، وذلك للحد من نفوذ الجماعة بالجامعة، بعدما هيمن الإخوان على اتحاد الطلاب بالسنوات الماضية، ورفض تعيين أسماء موالية للجماعة سواء فى منصب وكيل الأزهر أو كنواب لرئيس جامعة الأزهر.
وطالت جهود شيخ الأزهر فى التصدى للإخوان، حصارهم فكريا، فقرر تشكيل لجان علمية تحت إشرافه لإعادة صياغة المناهج الدراسية في كل المراحل التعليمية بما يتماشي مع مستجدات العصر، حذف كل ما يدعو للتشدد و الغلو ، إيقاف مقررات أساتذة الإخوان في الجامعات ، وضع نظام لمتابعة سلوك الطلاب و أساتذة الجامعات و معاقبة كل من يدعو إلى العنف أو تبني أفكاراً متطرفة، والرد على دعوات الجماعة الإرهابية أولا بأول، وكشف زيفهم وإدعاءاتهم الباطلة.
قرابة المائة عاماً من الحرب الفكرية مع هذه الجماعة المتطرفة استطاعت مؤسسة الأزهر أن تنجو من مخططات الإخوان و أن تحبط كل مخططاتهم ليس هذا فقط بل استطاعت أن تصل بالمؤسسة إلى العالمية من خلال لقاءات كبار رموز المجتمع الدولى، وكشف عورات الفكر الإخوانى المتطرف فى الداخل والخارج، والتأكيد للعالم كله براءة الإسلام من العنف والتطرف، فضلا إلى عودة جامعة الأزهر نبرأسا لنشر الفكر المعتدل، بعدما كانت مرتعا خصبا للعروض العسكرية لطلبة الإخوان، واشهرها واقعة 2006، لتصبح ملاذ آمن للدراسة للطلاب من 120 دولة حول العالم يدرسون بالأزهر الشريف، بمعدل 40 ألف طالب وافد، ليضع بذلك الإمام الأكبر«الأزهر» على محطة أنظار العالم، مسجلا انتصارات عديدة فى كل معاركه ضد الإخوان.
شيخ الأزهر.. عالم قهر الإخوان
شيخ الأزهر.. عالم قهر الإخوان
شيخ الأزهر.. عالم قهر الإخوان
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!