الوضع المظلم
الأربعاء ٠٦ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
شكراً بوتين لقد وحدت العالم.. أوكرانيا قوية
إبراهيم جلال فضلون (1)

في وقت لم يستفق العالم فيه بعد من ارتدادات كورونا على الاقتصاد العالمي خصوصاً في سلاسل التوريد والطاقة والنقل والشحن، بزغت ظلال الحرب الباردة بقوة، عقب التصعيد العسكري لخيانة أعدتها روسيا لجارتها (غير موجودة بالأساس)، وكأنّها اعتبرت بغزوها مجرد أدوات ضغط على طاولة المفاوضات من أجل الوصول إلى تفاهمات تنزع فتيل الخوف الروسي من زيادة الرقعة الأطلسية بدخول أوكرانيا في حلف الناتو مما يُعرّض، وفق تخيلاتها، أمنها القومي، وهو مشروع لها ولكن ليس بإراقة دماء الأبرياء أو الاحتلال، فـ(الحرب ليست نزهة).

إن سيناريوهات العقوبات الاقتصادية مُتعددة الأوجه لكنها تحتاج فقط لتحليل وتعمق دراسي، وهو ما قامت به روسيا بعلامات الاستعداد القوي لكل ذلك، بدليل تحمُلها عقوبات عام 2014 منذ دخولها القرم، ولعل "نظام سويفت" الذي يستخدمه نحو ( 11) ألف بنك ومؤسسة مالية من نحو 200 دولة كسداد وتلقي المدفوعات عبر الحدود، وغيره لا يفوت على الروس. 

لقد عمقت روسيا سياساتها بتعاونها مع الصين والهند، سياسياً واقتصادياً، وقد استدرجت الدول الأوربية كافة في حفرتها التي ترتد بعقوباتهم الأخيرة اقتصادياً جراء الغزو الروسي على أوكرانيا هوى بعملتها إلى ٢٥ ٪، وشركاتها في اتجاه الإغلاق مع العقوبات على رجال أعمال مقربين من بوتين، واضعة الأمل بمسمار تزود أوروبا بنحو (35%) من متطلبات الطاقة بامتلاكها 30% من إجمالي العالم.. تلك العقوبات بالفعل تأتي بثمارها الآن وإلا ما ظهرت العصبية البوتينية التي لا ترى مصلحة شعبها بنشر القوة النووية، وهو ما انقلب عليه بوحدته لأوروبا المريضة، فقد اتحدت ضد غزو الروس بوضع ميزانيات تفوق أضعاف روسيا في الحرب.. والتي فقدت أكثر من خمسة آلاف جندي بين القتل والأسر وأرتال من القوات مدمرة، مما فتح ضيق الصدر الداخلي بروسيا ضد بوتين وعظمته الواهنة.. التي ستطال آثارها غالبية دول العالم بمختلف المجالات (سياسياً واقتصادياً ونفطياً وتجارياً ومالياً).

لكن هنا يرى بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في بنك UBS السويسري، عدم وجود ما يدعو للقلق كون أن "الأسواق لا تميل إلى تسعير الأحداث المتطرفة، خاصة عندما تكون ذات طبيعة عسكرية، فالعواقب الاقتصادية للصراع ستقتصر على منطقة الصراع ". 

فالضربة الاقتصادية لروسيا ستكون مؤلمة لها وسيكون فيها بعض الألم إذا أصرّت أوروبا والولايات المتحدة على ضرورة تأجيل نورد ستريم 2 Nord Stream "خط أنابيب باستثمارات غربية لنقل الغاز الطبيعي من مدينة فيبورج في روسيا إلى مدينة جرايفسفالد في ألمانيا" إلى أجل غير مسمى، خاصة إذا نظرنا إلى ضآلة حجم اقتصادها، الذي يُمثل نحو 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم، أي نصف حجم دولة مثل فرنسا، ونحو عُشر اقتصادات الصين أو الاتحاد الأوروبي الذي يستورد من روسيا 40% من الغاز، وهو ما سيرفع من سعره السوقي كردة فعل روسية لمحاصرة أوروبا، مؤدياَ بذلك لتضخم كبير في الأسواق، وهو ما تعانيه أسواق أوربا وأميركا، مما يُؤثر على النمو العالمي، وتعريض جميع دول العالم لآثار هذه الأزمة، وقد تزيد في بعض الدول عن دول أخرى، خاصة العربية، ومصادرها المتنوعة، بسبب العلاقات والارتباطات الاقتصادية، وقد تكون هذه الأحداث نذيراً بتشكل تكتلات عالمية جديدة.. فهل فهم القادة الروس أم هم صم بكم عمي؟ وماذا هم فاعلون إذا تم لأوكرانيا غطاء جوي وانضمت للناتو؟

ليفانت - إبراهيم جلال فضلون 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!