الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • شركاء الدم.. الدعم القطري-التركي للإخوان المسلمين في الصومال

شركاء الدم.. الدعم القطري-التركي للإخوان المسلمين في الصومال
شركاء الدم.. الدعم القطري-التركي للإخوان المسلمين في الصومال

إعداد وتحرير: مرهف دويدري


 



عملت جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها على مفهوم نشر الدعوة الإخوانية في العالم العربي والإسلامي، كون شعوب هذين العالمين أغلبية كبيرة من المسلمين، وعلى اعتبار أن غطاء الدين الإسلامي هو الأكثر ملامسة لوجدان المسلم وبالتالي فإنّ الحصول على حاضنة شعبية ليس بالأمر الصعب.



وهو ما عملت عليه هذه الجماعة التي وضع أسسها حسن البنا، وكانت الصومال أحد أهداف حركة الإخوان في زرع خلاياهم ومدّ أذرعها هناك، كانت الصومال أرض خصبة للأفكار المتطرفة والتناحر القبلي حيث وجدت الجماعة لها موضع قدم لتصبح أفكارها أكثر تشدداً؛ وذلك لإشباع رغبتها في الوصول إلى السلطة والتحالف مع الجماعات الإرهابية. للإخوان المسلمين


كانت البدايات في نشر الفكر الإخواني في الصومال، عندما بدأ بعض الطلاب الصوماليين الوافدين للدراسة في جامعة الأزهر، وكان أغلبهم يحصلون على منح مجانية، حيث تمكّن تنظيم مصر من استمالة الكثير من طلاب العلم للدخول في هذا التنظيم وتزايدت أعداد أصحاب الفكر الإخواني بشكل ملحوظ في عقود الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وبدأت تعقد اجتماعات لمناقشة وبحث طريقة انتشار منهجهم.


ولعل تكالب القوى الدولية والإقليمية، مستغلّين حالة الفوضى التي تلت سقوط نظام الرئيس الصومالي سياد بري عام 1991 وما أعقبه من سقوط لمؤسسات الدولة، حيث باتت الصومال مثالًا للدولة الفاشلة، ودخلت في حرب أهلية واسعة مستمرة إلى الآن، بسبب التدخلات الدولية والإقليمية في البلد الذي أنهكه الفقر والحرب، هذه التدخلات أصبحت تدار بشكل علني من قبل بعض الدول، حيث تعتبر الصومال من الدول الهامة في منطقة القرن الأفريقي، وتتميز بموقعها الاستراتيجي في هذه المنطقة التي تملك تأثيرًا مباشرًا على حركة التجارة العالمية بسبب إطلالها على عدد من المعابر المائية العالمية، كالمحيط الهندي ومضيق باب المندب والبحر والأحمر وخليج عدن، كما أنها تعد امتدادًا لأمن منطقة الخليج العربي بسبب قربها الجغرافي من دول الخليج العربي. للإخوان المسلمين


إقرأ المزيد:   تقرير (Freedom House) لعام 2019: قطر دولة فاسدة ولا تتمتع بالحرية


التدخلات الإقليمية والدولية الساعية للسيطرة على موقع الصومال الاستراتيجي، من خلال السيطرة على الحكومات المتعاقبة في النظام السياسي الهش من الداخل مهدت الطريق لظهور الحركات المتطرفة، وتقوية حركات متطرفة أخرى كانت تعمل لزمن طويل على اقناع المجتمع بقيادتها للمجتمع الإسلامي، حيث استطاعت حركة الإصلاح التابعة لتنظيم الاخوان المسلمين العالمي  فرض سيطرتها على مسلمي الصومال.



  • حركة الإصلاح الإخوانية في الصومال


جاء في تعريف حركة الإصلاح بحسب أدبيات الحركة نفسها أنها حركة "وطنية إسلامية"، تهدف إلى إصلاح المجتمع الصومالي في جميع جوانب الحياة، وتمّ تأسيسها في 11 يوليو عام 1978 م وهي حركة انبثقت من فكر ومنهج حركة الإخوان المسلمون، حيث تعمل الحركة على رفع مستوى الالتزام الفردي والجماعي بالقيم والمبادئ الإسلامية، وفق منهج الوسطية والاعتدال المستمد من مقاصد الشريعة، وفي إطار الإلمام والاعتبار للواقع المحلي والعالمي، وتسعى كذلك إلى إيجاد مجتمع صومالي حر متطور، يستوعب المبادئ والقيم الإسلامية، وتترسخ فيه مفاهيم "الشورى الديمقراطية" والعدالة والمساواة، للإخوان المسلمين



  • كيف هيأت الحرب الأهلية الصومالية الأرضية الخصبة للجماعات المتطرفة 


بدأت الحرب الأهلية الصومالية التي لا تزال قائمة إلى الآن في الصومال بمقاومة نظام الرئيس سياد بري خلال الثمانينات. وبين عامي 1988-1990، بدأ الجيش الصومالي بإشراك مختلف المجموعات المتمرّدة المسلحة، بما في ذلك الجبهة الديمقراطية الصومالية للإنقاذ في شمال شرق البلاد، والحركة الوطنية الصومالية في شمال غرب البلاد، والمؤتمر الصومالي الموحد في الجنوب، حيث تمكّنت جماعات المعارضة العشائرية المسلحة في نهاية المطاف من الإطاحة بحكومة بري في عام 1991.


بدأت الفصائل المسلحة المختلفة تتنافس على النفوذ، في ظل فراغ السلطة والفوضى التي تلت الانقلاب، ولا سيما في الجنوب. وبين عامي 1990-1992 انهار القانون العرفي مؤقتاً بسبب القتال، وهذا ما أدى إلى وصول المراقبين العسكريين للأمم المتحدة إلى الصومال في يوليو عام 1992، وتبعتهم قوات حفظ السلام، واستمر القتال بين الفصائل في الجنوب. وبانعدام وجود حكومة مركزية، أصبحت الصومال "دولة فاشلة". انسحبت الأمم المتحدة في عام 1995، بعد تكبدها خسائر كبيرة، ولكن لم يتم تأسيس أي سلطة مركزية بعد انهيارها، عادت القوانين العشائرية (حير) والشريعة الإسلامية في معظم المناطق، تم إنشاء حكومتين ذاتيتي الحكم في الجزء الشمالي من البلاد أعوام 1991 و 1998. ما خفف حدة القتال نسبياً.


إقرأ المزيد:   معارض سوري يتهم تركيا بتحويل السوريين إلى مرتزقة


في عام 2000، تم تأسيس الحكومة الوطنية الانتقالية، تلتها الحكومة الاتحادية الانتقالية في عام 2004. تصاعد الصراع مجدداً في عام 2005، واندلع النزاع المدمر في الجنوب بين عامي 2005 و 2007، إلا أن كثافة القتال كانت أقل بكثير مما كانت عليه في أوائل التسعينات. في عام 2006، استولت القوات الإثيوبية على معظم الجنوب من اتحاد المحاكم الإسلامية الذي تشكل حديثاً، ثم انقسم اتحاد المحاكم إلى عدد من الجماعات المتطرفة، وبالأخص حركة الشباب، والتي ظلت منذ ذلك الحين تحارب الحكومة الصومالية وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي المكلفة بالسيطرة على البلاد.

حركة الشباب الإرهابية.. الوجه الآخر للإخوان في الصومال للإخوان المسلمين


حركة "الشباب المجاهدين"، أطلق هذا الاسم على فصيل سلفي مسلح ذي توجه جهادي يتبنى صراحة أفكار تنظيم القاعدة الدولي، الذي كان يتزعمه أسامة بن لادن آنذاك، وتهدف الحركة إلى إقامة دولة إسلامية.

ويعود تأسيس حركة الشباب إلى عام 2004، ويعتبرها بعض المراقبين امتدادا طبيعيا لحركة الاعتصام الاتحاد الإسلامي؛ حيث اختار مواصلة حمل السلاح رافضا لقرار جماعة الاعتصام القاضي بتجميد الأنشطة المسلحة.


تتواصل الحركة مع بعض التنظيمات الجهادية داخل مصر وليبيا كـ أنصار الشريعة وأنصار بيت المقدس وبعض المنتمين لفكر القاعدة في مصر كالإخوان المسلمين؛ ليكون لهم كتائب مسلحة داخل مصر لمحاربة من أسموهم جيش الطاغوت والسياسيين العلمانيين، إيماناً منهم بأن تلك الأعمال لإعلاء كلمة الدين والشرع في بلاد الإسلام، وعلى الأغلب فإن هذا الفكر هو الذي يودّ طلاب جماعة الإخوان المسلمين المعروف بـ قسم الطلبة داخل الجماعة، والذي يشرف عليه أيمن عبد الغني صهر نائب المرشد المحبوس خيرت الشاطر، السير على دربه وتكوين ما تشبه كتائب حركة شباب المجاهدين، بعد أن فشلت كل مخططاتهم لإسقاط الدولة والجيش والشرطة، حيث كان الهدف من هذا التنظيم في الصومال هو العمل على تأسيس دولة إسلامية بالقوة المسلحة، والدعوة إلى التطبيق الفوري للشريعة الإسلامية، وكذلك عدم جواز العمل في الأجهزة الأمنية والحكومية في الدولة، كما أن الجماعة ترفض بشدة التعليم الغربي والثقافة الغربية، وتدعو إلى تغيير نظام التعليم، وتحرم على المسلمين المشاركة في أي نشاط سياسي أو اجتماعي مرتبط بالغرب، وبشكل عام، فإن فكر شباب المجاهدين هو فكر تكفيري.



  • الدعم القطري لحركة الشباب الإرهابية في الصومال


لم يتوقف التدخل الخارجي في دول الصومال على الولايات المتحدة في عمليتها العسكرية عام 1992 اوإثيوبيا التي تدخلت أيضاً عسكرياً بدعوى القضاء على التطرف في بلد يعيش فوضى كبيرة آنذاك، وإنما ظهر مؤخراً أدوار داعمة للتطرف من قبل قطر وتركيا في تلك الدولة، يثبت ذلك ما تم تداوله بخصوص الاتهامات التي وجهت لقطر بتمويل حركة الشباب الصومالية، عن طريق القطري عبد الرحمن النعيمي، والمتهم بإرسال مبلغ 250 ألف دولار لحركة الشباب عام 2012 وفق تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية.


وكانت وثائق مسرّبة قد أشارت إلى أن السفيرة الأمريكية السابقة في الأمم المتحدة "سوزان رايس" قد طلبت في 2009 من تركيا الضغط على قطر لوقف تمويل حركة الشباب، وقالت رايس حسب الوثيقة إن التمويل كان يتم عبر تحويل الأموال إلى الصومال عن طريق إريتريا، ونفس الاتهام كررها رئيس الحكومة الانتقالية آنذاك شريف شيخ أحمد، الذي قال خلال اجتماع مع دبلوماسيين أمريكيين في ليبيا إن حكومة قطر تقدم الدعم المالي إلى حركة الشباب. للإخوان المسلمين


إقرأ المزيد:   أربعة أعوام من الانقلاب التركيّ على شرعيّة صناديق الاقتراع!


وأكدت الوثائق المسرّبة أن قطر تدعم جماعة الإخوان الصومالية التي تطلق على نفسها حركة "الإصلاح" لشن حرب بالوكالة في الصومال، وهذه الأطراف تسعى إلى "تأسيس جماعات سلفية إسلامية مسلحة، قوية بما يكفي لبسط سيطرتها على البلاد بأسرها، سواء بالتعاون مع الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية هناك أو دون التعاون معها" بحسب التسريبات وأشارت صحيفة "سونا تايمز" الصومالية للدور الذي تلعبه قطر في الصومال، موضحة أن قطر وإيران والإخوان يفضلون إضعاف الدولة الصومالية، حيث يقدم النظام الحاكم في قطر دعمه اللامحدود لـ"حركة الإصلاح" الصومالية، لاستغلال هذه الحركة الإخوانية في العمل على نشر نفوذ الدوحة، وتعزيز حضورها الجيوسياسي في الصومال، مؤكدة أن التقارير تفيد أن المسؤولين القطريين يعملون مع قادة حركة "الإصلاح" الصومالية، على تشكيل جناحٍ مسلحٍ جديد يُجنَد (من بين صفوف) حركة الشباب (الإرهابية) ويُموّل من جانب قطر.


ودعم تنظيم الإخوان المسليمن في الصومال لم يتوقف عند الدعم القطري فقط بالمال وإنما شهدت العلاقات الصومالية التركية تطوراً كبيراً بعد زيارة الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو إلى تركيا في إبريل 2017، حيث تم استقباله بحفاوة كبيرة، وكان في مقدمة مستقبليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجاءت هذه الزيارة أثناء استعداد تركيا لافتتاح ثاني قواعدها العسكرية في الخارج والأكبر في أفريقيا وذلك في العاصمة مقديشو، وكان فرماجو قد أعلن عبر حسابه على تويتر أن القاعدة العسكرية ستفتتح في وقت قريب، قائلاً: أكبر قاعدة عسكرية تركية في العالم شبه جاهزة، وقريباً سيعود الجيش الصومالي قوياً من جديد.


وكان قد تم الاتفاق على تأسيس هذه القاعدة العسكرية في خليج عدن قبالة السواحل الصومالية في مارس 2015 خلال زيارة قام بها أردوغان إلى الصومال، بهدف تدريب عناصر من الجيش الصومالي للمساهمة في مكافحة الإرهاب على حد زعمه، وتشتمل القاعدة على ثلاث مدارس عسكرية، ومخازن للأسلحة والذخيرة، وذلك على مساحة تبلغ 400 دونم بتكلفة 50 مليون دولار، وأكدت القوات المسلحة التركية، أن هذه القاعدة هي أكبر قاعدة عسكرية لها خارج حدودها، وكان من الواضح أن تعزير الوجود العسكري التركي في الصومال هو الوجه الاخر للدعم القطري لتنظيم الإخوان المسلمين هناك. للإخوان المسلمين


على الرغم من هذه التصريحات حول دعم الحكومة الصومالية - من طرف داعمي تنظيم الإخوان في الصومال- لبسط الاستقرار في الصومال إلا أن حركة الشباب الإرهابية مازالت تنشط بشكل كبير وتقوم بأعمال إرهابية كان آخرها التفجير الذي اتهمت قطر بدعم منفذي هذا العمل الإرهابي، حيث حصلت صحيفة “نيويورك تايمز” على نسخةٍ من المكالمة الهاتفية، والتي ذكرت أن خليفة كايد المهندي المُقرّبَ من أمير قطر تميم آل ثاني، قال إن أعمال العنف “تهدف إلى دفع أهل دبي للهرب من هناك”. وكان المهندي واضحًا في أهدافه عندما قال: “دعهم يطردون الإماراتيين، حتى لا يجددوا العقود معهم، وسوف أحضر العقد إلى الدوحة".


ومن الواضح أنّ قطر تلعب لعبةً خطيرة من المرجَّح أن تأتي بنتائج عكسية قريباً. وحتى الآن، تهرّبت قطر من الخضوع للتدقيق الأمني في أفريقيا من خلال تمويلاتها الضخمة للمشروعات ودفع الرِّشَى الكبيرة. إن مخططات قطر الشريرة تتكشف وقد تأتي بنتائج عكسية، حيث قد يدفعها خصومُها إلى خارج أفريقيا. ليفانت

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!