-
سقوط السياسي "البلطجي" على سيل الآراء والانتقادات اللاذعة
أحمد منصور.
للساسة في معارضتنا السورية يقول مارك توين 《أن اختلاف الرأي هو من أجد سباقات الخيول》
سادتي فخامة ومعالي السياسيين يا من تحسروا الوطنية فيكم، الوطنية ليست حكراً عليك، وليست على مقاس وجهة نظرك الثابتة أو المُتقلبة أو مواقفك المتأرجحة بحسب أين تجد ظهوراتك، كما لا يعني اختلاف الرأي والانتقادات الإيجابية والسلبية، لوجهة نظرك بأن هؤلاء حثالة ومدفوعين، أو معطلين ومأجورين، "فالأسد" سبقكم في هذا فلا تتوارثوه بعفنه وسذاجة إدراكه لمفاهيم حركة التاريخ والتغيير، لدى المجتمعات ونهوضها من سباتها وخروجها من الوحل المُثقل لحركة تجددها ونموها.
هناك في سوريا بات واضحاً أن نهضة وعي وفكر بدأت تتشكل تباعاً في عقول السوريون والسوريات وخصوصاً جيل الطفولة الناشئة والشباب المُنفتح، تلك النهضة ما زالت تعاني من استعصاء وتراكمات العفن التاريخي والحالي الناتج عن السياسات والممارسات الإقصائية والإلغائية للمجتمعات حول مساهمتها في تقرير مصيرها وإشراكها في صياغة القرار الوطني كما هو الحال الآن، وهناك اقتباس لتلك الحالة يقول لست الأفضل و لكن لي أسلوبي .. سأظل دائماً اتقبل رأي الناقد و الحاسد، فالأول يصحح مساري، و الثاني يزيد من إصراري.
سادتي أصحاب الفخامة، والجلالة، من أصحاب التعيين في لقب سياسي/ة سوري/ة، ولطالما كانت الوطنية لديكم مجرد وجهة نظر، هناك منكم الوطني الشريف، الوطني الحرامي، الوطني المتسلق، الوطني المُستبد، الوطني العصبوي، الوطني الفاسد، الوطني "المنطوط".... إلخ، وهذا هو الشكل المُعبّر عن وجهة نظركم للوطنية، لكن هل تدركوا أن مجمل السوريون يتعاطون مع القضية الوطنية ومنذ الأشهر الأول وفق هواجسهم، نعم وهم على حق في ذلك، نتيجة عقود بل قرون كانت ولا تزال فيها المجتمعات في مناطق العالم الثالث مُصادرة الرأي، ومختطفة مصالحها لصالح الاستبداد ذات الشعارات البائسة، وطبعاً الشرق الأوسط وسوريا جزء من تلك المصادرة والاختطاف.
سيدي السياسي البهلول، الجميع نعم ودون استثناء فاقد الثقة في العملية السياسية كما الميدانية ولعدة اعتبارات؛ منها أنها تخلو من تواجد السياسيين ضمن مجمل الآداء السياسي وتلك حقيقة تدركها أنت قبل الجميع أيها "السياسي/ة"، من الطبيعي حينها أن تصطدم مع وجهات نظر وانتقادات إيجابية وسلبية، وبحسب رؤية وتفكير وهواجس متعددة وأحياناً كثيرة من الممكن أن تتعرض أيضاً للشتائم كما المديح، فأين يقع الخطأ؟؟ يا "سياسي" !!.
أنك يا سيد/ة لقد رغبت في العمل بالشأن العام، إذاً عليك أن تستمع إلى كافة تلك الانتقادات، سواء كانت موضوعية أو لا موضوعية، منطقية أو تخلو حتى من الحد الأدنى المنطق، تلك هي السمة البارزة في الاختلاف بين عقول كل البشر، وتلك هي إحدى صفات ومهام السياسي، بأن يستوعب كل تلك الآراء والأختلافات، إلا فلا تنشغل في السياسة وأفتح دكان وأطلق عليها اسم "سياستي أنا وكما أريد أنا، أنا فقط"، وعلى ما أعتقد بأنه من واجبك المفترض حينها أن تتجاوب مع كل تلك الانتقادات اللاذعة، اللادغة، والعقلانية منها، وفق أسلوب إيجابي وناعم، لتثبت وجهة نظرك التي تراها أنت على أنها صحيحة، وغيرك لهم آراء متعددة حولها، وسلوك وطريقة الرد الصحية أن تكون《سفنجة تمتص كل تلك الاختلافات والهواجس》، كما حين تعجب في مديح الآخر لك وليس كل المديح هو صواب بل منه ما هو محاباة وابتذال، وكما تتعامل مع ذلك من منطلق حسن النوايا في طرق المدح والتزلف، عليك أن تكون مرناً بالنسبة لأصحاب تلك الاختلافات، بدلاً من أن تلقي الأتهامات وتوزعها بالمجان، وعلى حسب مزاج اصطفافك الرغبوي، المبني أساساً على حب الظهور والتمظهر، عزيزي، عزيزتي بشار سبقك إلى هذا فهل تشبهه وتكون من ورثة تلك العقلية الاستبدادية والمتأخرة.
في النهاية ووفق هذا السياق، من الضروري أن نتعلم من أخطاء الماضي، وكيفية الخروج من عقلية الإلغاء والإقصاء للآخر، وعدم وضع التصنيفات الرخيصة، وإلقاء لاتهامات العدمية، لمجرد الاختلاف في الرأي والآراء، خصوصاً أننا اليوم الطرف المهزوم والمكسور نتيجة للآداء السياسي الفاشل والمُتردي طيلة الثمانية سنوات المنصرمة، وكل ما شهدناه خلال تلك السنوات لا بد له من أن يخرجنا من كل تلك العقليات وقواها الرافضة لأيَّ نقيضٍ ومختلف.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!