الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • "سأكون بين اللوز" يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان سينما البحر المتوسط والجائزة الكبرى بمهرجان كوريا الجنوبية

سأكون بين اللوز 2

جلال الطويل: الفيلم يكسر الصورة النمطية لصورة اللاجيء

فاتن حمودي


" انتهى الطريق وبدأ السفر"، ترددت في ذاكرتي هذه العبارة، وانا أتابع أخبار عائلة سورية في فيلم"ساكون بين اللوز".

حصل الفيلم على الجائزة الكبرى في مهرجان سينما البحر المتوسط، والجائزة الكبرى بمهرجان كوريا الجنوبي ، فيلم يحكي عن اللجوء، برؤية إنسانية عالية، لعائلة سورية عاشت لحظات الثورة، و انتقلت إلى مرحلة الحرب، ومن ثم اللجوء كخلاص مرحلي، كيف يمكن لهذه العائلة أن تلملم جراحها وتقف من جديد، كيف يمكن أن تشفى من شروخ حملتها معها ؟ إنه سؤال الوجود، ، هو ما يعرضه الفيلم وفق رؤية إخراجية مذهلة للفرنسية ماري دي فلوك، مخرجة سينما الصورة بامتياز، قام بدور البطولة الممثل السوري جلال الطويل، والممثلة ماسة زاهر، والطفلة امل الحمود..

"سأكون بين اللوز، قرب الجدار الحجري، ارتدي ثوبك الأزرق"، هذه الرسالة التي تتحول بلحظةٍ مشرفةٍ على الخراب، إلى رمز، من أجل إشعال الحب من جديد، وعودة الأسرة إلى الالتمام، قبل أن تخسر كل شيء، الوطن الذي بات بعيدا وغريبا، والأسرة الآيلة للتفتت، وضياع حق اللجوء في عالم كل ما فيه يتحوّل إلى عزلة .



يقول الممثل جلال الطويل، انني فخور جدا بهذا المشروع، وبهذا الفوز، وبعملي مع مخرجة وكاتبة السيناريو، التي تجعل من سينما الصورة بطل، واشار إلى أن الفيلم:" شارك بعدد من المهرجانات، بروكسل، مهرجان نامور، شارك في مهرجان سينما البحر الأبيض المتوسط ،المصنف بمستوىA ، للأفلام القصيرة والطويلة، وبالتأكيد فإن دخولنا لمثل هذا المهرجان أعتبره نجاحا كبيرا، لأن قلة ممن يشاركون يصلون للمستوى الأول، فكيف إذا دخلنا نحن وحصلنا على الجائزة في فيلم يكسر الصورة النمطية لصورة اللاجيء، من خلال ما يقدمه من طرح إنساني محمول على الصورة".

حكاية أسرة:

الفيلم ممسوك رغم الوجع بلحظات شعرية، بحلم يهرب، وبأمل قادم وهو ما حمله اسم الفيلم"سأكون بين اللوز"، والذي يذكرنا برواية الفلسطيني حسين البرغوثي،رغم اننا أمام نص آخر، لم يأخذ من الرواية الا العنوان،حول أماكن التصوير، والمغزى الحقيقي، من اختيار مصنع السمك كمنصة للتصوير، هذه المهنة التي تذكرنا ببطل رواية العطر لزوسكيند، وتضعنا بمطرح آخر يقول جلال:" صوّر الفيلم، في مدينة

( Lorient) شمال غرب فرنسا، في الميناء،وتحديدا في مصنع للسمك، السمك بما يحمله من رموز وإسقاطات، تقارب خروجنا من وطننا، السمك حين يخرج من الماء يموت، والإنسان حين يخرج من مكانه يختنق، كل هذا قدم بلغةِ سينما الصورة، والتي ركزت على العيون والحركة واليدين، دمع العين، التنهيدة الالتفاتة الرائحة، لتقرأ أعماقنا بشفافية عالية .




ويشير إلى ان:قصة الفيلم عن عائلة سورية تتكون من ام وأب وطفلتهما نور، الممثلة ماسة زاهر، جسدت دور ميسن الأم ، وهي الشخصية الرئيسية في الفيلم، فيما اختارت ماري، أن تعمل ثلاثة شهورمجانا في معمل السمك، لتعيش الحالة وتتعرف على التفاصيل، السمك، الرائحة، التعليب، الشحن،معاناة الناس، وقد انعكس هذا على تفاصيل كثيرة مهمة في العمل والسيناريو معا..

مشاهد و حالات:

يبدأ الفيلم بعيد ميلاد نور، اياد يعزف على الناي أغنية "يا ما أحلى الفسحة يا عيني على رأس البر والقمر نوّر عيني يا عيني يا عيني على موج البحر" ، هذه الموسيقى المشغولة بالحنين، مع مشهد مدروس جدا من حيث الحركة الصمت، النظرات، يقول جلال:" تطلب نور من امها أن تغني، فيحدث حساسية ما تشير إلى شرخ في العائلة، أوقف العزف، يتكهرب الجو".

يتابع : في مشهد لاحق، في مكتب اللجوء، حيث خبر الحصول على إقامة مدة 10 سنوات، وهو ما يتيح للاجيءالعمل بدون تصريح، تسأل الموظفة، هل ثمة سؤال؟، وما بين نقطتي صراع، أن كل شيء على مايرام، أو لا شيء على ما يرام، أعلن كأب و زوج، بان هناك مشكلة، وهنا يبدا التصعيد الدرامي، نبش المشكلة إخراجها للضوء، اقول للموظفة، نحن كنا على وشك الطلاق في سوريا، قررنا أن نكون معا لنحافظ على العائلة، ومن أجل الحصول على حق اللجوء، ولكن بما اننا وصلنا لحق اللجوء هل نستطيع الطلاق؟


صراع درامي:

حول التصعيد الدرامي والنهاية المفتوحة، يقول: مابين حق اللجوء، وفكرة الطلاق، وما يدور حولها من صراع، قدمت برؤية إخراجية ساحرة، تحاول المرأة أن تحسمه لصالح العائلة بكل ما أوتيت من قوة، برومانسية، بإصرار، بتعب، يقول جلال:" تبدأ الزوجة بدفاعها عن ابعاد فكرة الطلاق، تكتب لزوجها على صناديق السمك البيضاء رسائل، يكتشفها أثناء نقل السمك، رسائل باللغة العربية، " سأكون بين اللوز، قرب الجدار الحجري، ارتدي ثوبك الأزرق "، وهي الجملة الأولى التي كتبتها لها حين كنا نتواعد معا في ضيعتنا هناك، هو الثوب الأزرق هو الذي أهديته لها.

أضاف: طبعا السيناريو يمضي بتصعيد، نحو أعماق النفس البشرية، الرجل في مواجهة المرأة، المرأة في مواجهة مصير مرتقب، تتمسك بهذه الأسرة، تعيد شبك الخيوط، رغم أن السبب الأساسي للإنفصال خيانة ما، ولكن بعيدا عن التفاصيل، هنا تبدا لحظات التوتر، لحظات المصير، في الوقت الذي يصر الزوج على إظهار الحقيقة،من اجل أن تعي ابنته الوحيدة هذا الخلاف ولا تعيش على كذبة الإزدواجية التي يعيشها أبواها ولكن بفترة اللجوء يصبح الحفاظ على العائلة قضية مصير، وهو ما تجلى عند الأم، "أريد أن احمي هذه العائلة".

تفاصيل كثيرة يأخذنا إليها هذا الصراع، صراع داخلي تعيشه المرأة، هل تخسر عائلتها، أم هل تخسر حق الإقامة، كيف نلملم جراحنا، وقد اقترحت المخرجة نهاية مفتوحة، رغم أن كل المؤشرات توحي إلى أن العائلة وطن، علينا التمسك بها، وطبعا الفيلم يسعى إلى تغيير نظرة العالم إلى اللاجئين.

وحول الانتاج ومدة الفيلم ، والفترة الزمنية التي استغرقها التصوير،يقول:"

مدة الفيلم 23 دقيقة، إنتاج بلجيكي فرنسي. لغة سينمائية عميقة، هذا المشروع بالنسبة لي ثورة حقيقية، سيشارك الفيلم في مهرجان ضخم بكوريا الجنوبية، ومهرجانات خارج اوربا، ويشير إلى أن تصوير الفيلم استغرق 11 يوما، وعشنا على مدى خمسة أيام تجربة البروفا .

ويختم جلال بقوله:" شاركت بترجمة السيناريو، و أضفت أنا وماسة بعض التفاصيل المتعلقة بروح وخصوصية المكان السوري، وهو ما أرادته ماري، فكان هناك كيميا حقيقية، استطعنا من خلالها الوصول بالسيناريو إلى عمق أرواحنا، وختم إنها السينما هذا الفن الذي يأخذك إلى الحب حتما.



 


فيلموجرافيا:


جلال الطويل، أحد الناجيين من عنف نظام الأسد، المنتمي لصوت الحرية،  وأستاذ  مادة الصوت والإلقاء في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، سابقا،   شارك في الكثير من التظاهرات منذ بداية الثورة لاسيما في دمشق وريفها، وقد تعرض للضرب والاعتقال، وهو ممثل ومخرج سوري، ابن القلمون،  جبعدين، المجاورة لمعلولا، يتقن اللغة السريانية، اللغة التي ارتبطت بالطقوس الكنسية، والتي تشير إلى عمق المكان التاريخي والحضاري.


الطويل اليوم في فرنسا، يحاول من خلال الفن التأسيس لذاكرة مكان،   حصل على الكثير من الجوائز، أهتم في


. في أعماله بمشاكل التواصل والعنف ضد المرأة، وعمل فيلم "تاء مربوطة" الذي يتحدث عن المرأة السورية في مخيمات اللجوء.


وقف إلى جانب النحات العالمي عاصم الباشا وهو يعيد المعري إلى الحياة،"فشاور العقل واترك غيره هدراً، فالعقلُ خيرُ مشيٍر ضمّه النادي”. جلال الطويل يشارك العقل والقلب، ويقول حبي لسوريا مهد الحضارات.

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!