الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  •  رسالة إلى اللجنة الدستورية: مطلوب وثيقة مبادئ فوق دستورية

 رسالة إلى اللجنة الدستورية: مطلوب وثيقة مبادئ فوق دستورية
ريما فليحان

لست بموقع الفرض ولا التوجيه،  ولكن ومن منطلق مواطنتي أولا،  وإيماني بقيم العدالة والحرية والقانون ثانياً، وانتمائي  إلى الشارع السوري الذي ثار من أجل حريته ثالثاً، أرى أنه لا يمكن اليوم لأي سوري مهتم بمصير بلده أن يتجاهل حدث انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية والتي فرضت من المجتمع الدولي على السوريين شئنا أم أبينا، وسواء أعجب السوريون بهذا الحدث أو رفضوه فهو أمر واقع يجري الآن واعتقد أنه من الضرورة بمكان الإشارة لأعضاء اللجنة الدستورية، بأن هناك الكثير من السوريون الذين يخشون أن هذه العملية قد تبتلع مقررات الأمم المتحدة لمسار العملية السياسية وتختزلها  بل وتقزيمها لمسار وضع دستور جديد نحن بحاجته لا شك، ولكن ضمن مجموعة من المفاصل السياسية والمرحلية  التي حددتها القرارات الأممية ذات الصلة بالحل السياسي في سوريا، والتي يجب أن تكون مسبوقة  ببوادر حسن النية ومنها:


أولاً: وقف اطلاق النار، واطلاق سراح المعتقلين، ووقف الملاحقات الأمنية، وعدم تحوبل الملف الإنساني لورقة تفاوضية خاضعة للابتزاز السياسي.


ثانياً: و برأيي الشخصي ربما  يجب انجاز إعلان مبادئ فوق دستورية تكون دليلاً للعمل قبل المضي بموضوع الدستور، موقّع عليه من ممثلي النظام والمعارضة والمجتمع المدني ومصادق عليه من الأمم المتحدة، ينص صراحة  كبداية، أن سوريا ستكون دولة ديموقراطية مدنية تحفظ كرامة مواطنيها وتضمن حرياتهم دون أي تمييز على أساس الدين او الجنس أو الإثنية والقومية، محايدة اتجاه كل مكوناتها، ويتساوى فيها المواطنون والمواطنات أمام القانون، وأن الدستور يضمن كل أشكال حرية التعبير وحقوق الإنسان ويضمن حرية إنشاء الأحزاب السياسية  وحرية  التظاهر والحراك السلمي في سوريا الأن وفي المستقبل. 


ثالثاً:انشاء الدستور ليس بديلاً عن القرارات الأممية ذات الصلة بالعملية السياسية وبيان جنيف 1 وهي القرارات التي بنيت عليها العملية السياسية برمتها.


رابعاً: تشكيل جسم انتقالي سياسي يعد للانتخابات القادمة وبإشراف من الأمم المتحدة هو أساس للمضي في مرحلة ما بعد اعداد الدستور.


خامساً: يجب أن يضمن الدستور، أن قيادات المرحلة القادمة بسوريا لن تشمل أيا ممن تلطخت أياديهم بجرائم حرب، وتضمن تداول السلطة بأسس ديموقراطية وضوابط قانونية لمدة ولاية أي رئيس في سوريا .


سادساً: لا يمكن إعادة بناء الحجر في سوريا قبل ترميم الجروح من أجل بناء المواطن السوري أولاً، ونهوضه على قدميه من جديد يعد أن تنازعته الهويات وأضنته الحرب والخسارات والانتهاكات، وهذا يعني أن آليات العدالة الانتقالية يجب أن تطبق مع بداية المرحلة الانتقالية وفقاً لأسس وطنية وبمعايير حقوقية. 


اخيراً: الجيش السوري يجب أن يكون جيشاً وطنياً يحمي الشعب والدستور وحدود البلاد ضمن مؤسسة تعمل على تنمية أفرادها على المستوى العلمي والحقوقي، ولا تعتبر أداة بيد الحاكم، بل مؤسسة ينظمها الدستور وتحركها السلطة المختصة بتفويض برلماني.


هذه الوثيقة برأي هي مطلب ضروري عاجل، وقد تكون صمام أمان لضمان عدم تقزيم العملية السياسية واختزالها بوضع لدستور فقط كذر للرماد بالعيون، لآننا نعلم أن أي دستور ولو كان قادماً من سويسرا لن يكون قابلاً للتطبيق في ظل حكم الدولة الأمنية وسيطرة النظام الحالي على الانتخابات، والمرحلة السياسية القادمة.


تصريحات الأسد الأخيرة هي أكبر دليل على عدم جدية النظام في التعاطي مع المرحلة،  وأنه يريد عملية انتخابات وهمية كما اعتاد سابقاً ليضمن النتائج وبالتالي اللجنة الدستورية لا تعني له شيئاً، تصريحات الأسد تقول أنه مستمر بحربه على السوريين ومستمر بالحكم، و ربما يظن أن تصريحات الغزل التي أطلقها لترامب الصادق حسب تعبيره (الذي سبق وأن وصف الأسد "بالحيوان" سابقاً) قد تغيّر طبيعة العلاقات مع أمريكا وتقوي موقفه، متناسياً أن الرئيس الأمريكي ذاته يخضع لمحاسبة الكونغرس ضمن دولة يحكمها دستورها وقيم ديموقراطية وهي دولة تضع عقوبات على النظام وعملائه أيضاً وسياستها تتبع لمصالحها في المنطقة،  مراكز ثقل السياسية  الأمريكية أكبر من شخص الرئيس، أي أن العلاقة مع أمريكا لن تتصحح بمجرد اطلاق عبارات الغزل تلك.


كما أنه من المهم للغاية وضع المجتمع الدولي وحليف الأسد الروسي أمام مسؤولياته عبر طلب توضيحات رسمية لما قاله الأسد مؤخراً وما هي جدوى ما يحصل الآن من عمل إن لم يكن النظام راغباً في المسير بالعملية السياسية ولا يعترف أصلاً بلجنته الدستورية.


ينبغي علينا كشارع الثورة ومعارضين لنظام الأسد أن نفكر جيداً بالمرحلة القادمة وكيف سنكون كسوريين مستعدين لها، وكيف يمكن أن نتعاطى مع فكرة إجراء انتخابات جديدة قد يعطيها العالم شرعية، ويجب أن ندرك حجم المسؤولية والخطر في تشتتنا وصراعاتنا ومحاذير  تجاهل القادم والاستعداد له، ويكون ذلك عبر حوارات شفافة بعيداً عن الاصطفافات  ولغة التخوين ووضع خارطة عمل وضوابط بالتشارك مع كل القوى السياسية.


أخيرا أتوجه للأمم المتحدة والمجتمع الدولي وما يسمى بالدول الضامنة وإليكم كأعضاء باللجنة الدستورية من كل الأطراف،  وادعوكم للنظر جيداً إلى الشارع العربي اليوم،  لا استدامة لدكتاتورية، وحاجز الخوف في البلاد العربية انتهى إلى غير رجعة صدقوني، لذلك أنتم اليوم أمام مسؤولية تاريخية وهذه الشعوب ستنتفض وتنتزع حريتها، فهل سيكون لديكم بعد النظر الكافي لتقفوا الى جانب حرية الشعوب؟


اعلاميه ناشطه في حقوق الإنسان وحقوق المراة


 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!