الوضع المظلم
الإثنين ٠٦ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • رمضان كريم.. للفصائل المدعومة من قبل تركيا رأي آخر!

رمضان كريم.. للفصائل المدعومة من قبل تركيا رأي آخر!
الفصائل المدعومة تركياً


نور مارتيني


 


منذ إحكام تركيا سيطرتها على مناطق “درع الفرات”، في جرابلس، وحتى محاولاتها السيطرة على إدلب حالياً، لم تغب الفوضى عن هذه المناطق، والتي يبدو أنّ تركيا تتعمّد نشر الخراب فيها، من خلال ترك الحبل على الغارب، للفصائل المدعومة من قبلها، وتسليطها على رقاب الناس، فيما يدفع إلى الشك بأن تركيا تعتزم إعادتها للنظام، ولكن بعد أن تكون قد أجهزت على كلّ مقدّراتها، فضلاً عن تخريب النسيج الاجتماعي فيها، وهو ما يلتقي تماماً مع ما يرمي إليه النظام، من تركيعٍ للمناطق التي رفضت الانصياع له، وتمرّدت على آلته العسكرية والأمنية. رمضان كريم


 


 


عفرين كانت ومازالت، ومنذ إحكام الفصائل المدعومة تركياً السيطرة عليها، جزءاً من هذه الحملة التي طالت الديموغرافيا، والأرض، ولم تسلم منها الآثار. حيث عملت السلطات التركية وأذرعها من الفصائل، على تهجير أهالي المنطقة، وزرع الضغائن بين السكان، وهو المخطّط ذاته الذي تعمل عليه بعض الفصائل الكردية، في بعض الأحيان، الأمر الذي جعل مهمة تركيا أسهل في عفرين! 


فصل جديد من الانتهاكات تسطره الفصائل التابعة للجيش الوطني، المدعوم من قبل تركيا اليوم، من خلال حملة الاعتقالات بحق الأقلية الإيزيدية في عفرين، نهب آثار المنطقة، وهدم بيوت السكان بعد طردهم منها، وصولاً إلى مهاجمة مقرّات المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، في وقتٍ هي أحوج ما تكون لهذه المساعدات..في ظلّ أزمة الكورونا، ومع قدوم شهر رمضان، الذي عادةً ما يشهد ارتفاعاً حاداً في الأسعار.



تهجير أتباع الطائفة الإيزيدية



منذ البداية، تركّزت جهود الجيش التركي، والفصائل الموالية له، على مصادرة أملاك أتباع الطائفة الإيزيدية، بغية تهجيرهم، ومحو المعالم التي تدلّ على تواجدهم في المنطقة، وهو ذاته ما قامت به تركيا سابقاً مع السريان المتواجدين على أراضيها، وأتباع الدين المسيحي، وما عملت عليه من خلال تهجير وإبادة للأرمن. رمضان كريم


يتوزع الإيزيديون في عفرين داخل 22 قرية، ولا توجد إحصائيات دقيقة لأعدادهم في سوريا، ولكن وفقاً لإحصائيات غير رسمية يبلغ تعداد الإيزيديين في كل من عفرين وحلب حوالي مئة ألف نسمة، وقد تناقصت أعدادهم في السنوات الأخيرة نتيجة الاستهداف المتكرر لقراهم، ما دفع بالكثير منهم للنزوح أو اللجوء إلى خارج سوريا.


بدأت الحملة ضد الإيزيديين مع بدايات سيطرة الفصائل الموالية لها، إبّان عملية “غصن الزيتون”، حيث قامت بتدمير أماكن العبادة، والمزارات المقدسة وسرقة محتوياتها، وتهجير السكان واعتقالهم.


اقرأ المزيد: هيئة التفاوض..بين تشبّث الحريري والوساطة السعودية


وقامت القوات التركية بتدمير معظم المزارات الدينية للإيزيديين في عفرين، كما جرى سرقتها وتخريبها”. فضلاً عن أنّ “مسلحي المعارضة أحرقوا عام 2018 شجرة في قرية كفرجنة، تقع أمام مزار ديني مقدس يدعى مزار قره جورنه (مزار هوكر)، كما قاموا بسرقة ونبش القبر في مزار شيخ جنيد في قرية فقيرا وتركوه مدمراً  من الداخل”،


مؤخراً، طالت انتهاكات تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها، الأماكن الدينية (المقدسة) حيث أشارت مصادر محلية أن مجموعة مسلحة قامت بهدم أجزاء من قبة مزار الشيخ علي الإيزيدية والواقعة في قرية “باصوفان” بناحية شيراوا التابعة لمدينة عفرين، حيث استقدمت آلية تركس (جرافة) وتم هدم أجزاء من قبة المزار العائدة للكرد الإيزيديين. وسط قيام المرتزقة بالتكبيرات واصفين أن هذا المزار يعود لـ”الملاحدة والكفار”، على حد زعمهم. 



سلب ونهب في سبيل إحداث تغيير الديموغرافي



يمكننا اعتبار الاستهداف المتكرّر للمزارات الخاصة بأتباع الطائفة الإيزيدية في محيط عفرين مرحلةً أولى من الخطة الشاملة، الرّامية إلى إحلال تغيير شاملٍ في البنية الديموغرافية للمنطقة، والتي تهدف تركيا من خلالها إلى توطين العرب في المناطق التي تقع تحت سيطرتها.


اليوم تستكمل تركيا هذه الخطة، من خلال نقل نازحين من مهجّري الشمال السوري، الذين تمّ تهجيرهم، والذين تمّ تهجيرهم من محافظات حمص والغوطة وريفي إدلب وحلب، نحو مناطق نبع السلام، ودرع الفرات، ما يرجّح فرضية أن تكون “غصن الزيتون” هي التالية. رمضان كريم



ما يثير الغرابة، هو أنّ الفوضى التي تختلقها الفصائل، من خلال سرقة آثار المنطقة، والخطف في سبيل الفدية، والاعتداءات المتكرّرة على المدنيين، لا تخضع لأي مساءلة أو محاسبة من الجانب التركي، باستثناء إقالة قائد جهاز الشرطة التابع للأمن السياسي “رامي طلاس”، وكأن الغاية من هذا كلّه هي تهجير من تبقى من مسنّي المنطقة، بعد أن لوحق الشباب وهجّروا بذرائع شتى، سواء خلال فترة سيطرة فصائل غصن الزيتون، أو قبل ذلك.



سطو على منظمة إنسانية..في ظل كورونا



جرياً على عادة كلّ الفصائل المسلّحة التي تسير في ركاب جهات استبدادية، بغية ترويع الناس وترهيبهم، وليس تحقيق العدالة في حال من الأحوال، عمد فصيل أحرار الشرقية إلى مداهمة مقرّ منظمة بهار الإغاثية في عفرين، واعتدوا على كوادرها، وطردوهم من المقر، وقاموا بتمزيق خيمةٍ متواجدة خارج المقر، مخصّصة لفحص المرضى المشتبه بإصابتهم بمرض “كوفيد-19″، الناجم عن الإصابة بالفيروس التاجي .


اقرأ المزيد: من وحي المحاكمة..نوران الغميان وحلم العدالة المنشود


وبهذا الصدد، يقول د.عبد الرزاق درويش: “عندما كنت نائماً في مكتب إدارة منظمة بهار ( كوني مدير المنظمة في عفرين ) استيقظت على صراخ و سب و شتم داخل المكتب، علمت لاحقاً أنهم من أحرار الشرقية”

و يضيف “درويش”: “عندما أردت التدخّل لفهم الموضوع، قاموا بشتمي، وسبّي، وضربي وسبّ الموظفين والاستيلاء على المبنى” وعقّب موضحاً: “علمت لاحقاً أن السبب هو أنهم أرادوا مشاهدة الكاميرات لدينا لسبب يخصهم، و في هذا التوقيت كانت الكهرباء مقطوعة فلم يتم تسجيل شيء على الكاميرات”.


وأشار مدير منظمة بهار في منطقة عفرين إلى أنّ العناصر التابعين لفصيل أحرار الشرقية، الموالي لتركيا “قاموا بضرب الحرس، وشتم الشخص المسؤول عن الكاميرات، ومن ثم توجهوا إلى مبنى الإدارة”. رمضان كريم


فيما تقول رواية أحد الشهود أنّه “بعد إصابة إحدى السيارات للرصيف المقابل لمكتب منظمة بهار وكسر إحدى البلاطات، جاء عناصر تابعين لأحرار الشرقية للمكتب، من أجل الحصول على تسجيل الصور خلال إصابة الرصيف، وعندما عرفوا أن الكاميرات لا تعمل بدأوا بالصراخ بأحد الموظفين”، ويتابع قائلاً: ” سمع مدير المنظمة الصراخ وخرج لمعرفة السبب، فقاموا بشتمه وضربه مع الموظف الآخر، وأجبروهم على الخروج مع أغراضهم لخارج المكتب، طبعاً الاعتداء أدى لخروج الدماء من فم مدير المنظمة، وأشار الشاهد العيان إلى أن هذه الحادثة وقعت قبيل المغرب بساعة تقريباً.


 


من جهة أخرى، اعترف رئيس المكتب السياسي في “تجمع أحرار الشرقية”، زياد أبو طارق، بالاعتداء وقال أنهم “سيحاسبون العناصر المسيئة بشكل فوري، ضمن الفصيل، بدون تدخل الشرطة أو عرضهم للقضاء”، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى جدّية هذه العقوبة السرّية للغاية!


 


يبدو أنّ سوريا اليوم باتت محكومة بعصاباتٍ تغلّب الولاء العشائري، والمناطقي والمذهبي على المواطنة، وتفتح الباب على مصراعيه لتبرير الانتهاكات، من خلال الانكفاء إلى الانتماء المناطقي، والعرقي، والمذهبي الضيق، وبهذا يصبح مباحاً للجميع استباحة بقية المكوّنات، على أن يثبت ولاءه للفصيل أو الجهة التي تحميه، وتبقى ملفات الفساد حبيسة الأدراج، بانتظار العدالة التي ستظهرها يوماً ما، ولكن بعد سقوط الجدران التي يأوي إليها كل الطغاة الذين يتلاعبون بمصير الشعب السوري.. 








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!