الوضع المظلم
الأربعاء ٢٤ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • رفض الدکتاتورية بکل ألوانها خيار الشعب الإيراني

رفض الدکتاتورية بکل ألوانها خيار الشعب الإيراني
موسى أفشار

تعويم "الأسد" في سوريا سيولة إقليمية لتمرير مصالح الشركاء وليس تجديد شرعية نظام "الكبتاغون"، في حين أن المدارس الإيرانية لم تبدأ أنشطتها بعد في العام الجديد، فقد نظم المعلمون مسيرات احتجاجية في عدة مدن في إيران. ونظم المدرسون والتربويون، الثلاثاء 28 مارس، وقفة احتجاجية أمام المديرية العامة للتربية والتعليم في مدن بجنورد وتبريز وزنجان وملاير وكرمانشاه وأردبيل وهمدان وغيرها، بسبب عدم حل مشاكلهم المعيشية.

ويقول المعلمون المحتجون إن “العيش بكرامة هو حقهم غير القابل للتصرف” ويعتبرون التطبيق الكامل للترتيب “حقهم” و“نتيجة معاناتهم”. ويريد المعلمون المحتجون “تعليماً مجانياً وعالي الجودة” للطلاب، و“تأميناً فعالاً للمعلمين العاملين والمتقاعدين”.

يبدو واضحاً أن مسار الأحداث والتطورات التي قد نجمت وتداعت عن انتفاضة سبتمبر 2022، قد جعلت قادة النظام الإيراني يشعرون بالخطر والتهديد الکبير المحدق بهم وإن يوم 16 سبتمبر، قد أصبح بالنسبة لهذا تاريخاً فاصلاً بين زمنين، إذ إنه ومنذ ذلك اليوم فإن إيران غدت مختلفـة وليس من الصعب بل وحتى من المستحيل العودة إلى ماقبل هذا التاريخ، وبهذا فإن قادة النظام، وبشکل خاص، خامنئي ورئيسي، قد تيقنا بأن الأمر لم يعد کما کان يحدث مع الانتفاضات السابقة، حيث کان النظام يعيد سيطرته على الأوضاع ويعيد الأمور إلى ما کانت عليه.

الانتفاضات الثلاثة التي سبقت انتفاضة 16 سبتمبر، کانت على التوالي بمثابة رسائل واضحة من الشعب الإيراني إلى النظام من حيث إنه لم يعد بوسعه تحمل الأوضاع ويريد تغييراً، مع ملاحظة بأن لکل انتفاضة من هذه الانتفاضات لغتها وطابعها الخاص لکن الذي کان يجمعها على خط ومسار واحد هو رفضها للنظام ومطالبتها بالتغيير، إلا أن ما قد جرى في انتفاضتي أواخر عامي 2017 و2019، وعلى التوالي من ترديد هتافات صريحة نالت من البنية الأساسية للنظام ومن شخص الولي الفقيه، قد کان تأکيداً للنظام من أن الوعي السياسي للشعب الإيراني قد وصل حداً لم يعد بإمکان النظام خداعه والتمويه عليه بالغطاء الديني.

الطابع السياسي الذي طغى على الانتفاضتين الآنفتين صار واضحاً جداً في انتفاضة 16 سبتمبر، حيث أعلن الشعب المنتفض ليس عن رفضه للدکتاتورية المتدثرة بالغطاء الديني بل وحتى بدکتاتورية الشاه التي يبدو أن هناك من تصور بأنه بإمکان ابن الشاه المخلوع أن يعيد سيناريو التيار الديني المتشدد بأن يرکب التيار ويفرض نفسه کبديل للنظام، لکن الشعب الإيراني بترديده شعار"الموت للظالم سواءا کان الشاه أو خامنئي"، فإنه قد حدد خياره برفض الدکتاتورية بوجهيها القبيحين وبمثابة تأکيد وإصرار على عدم السماح بتکرار ذلك السيناريو المشبوه.

الخطاب الذي ألقاه خامنئي بمناسبة عيد النوروز، لم يکن بنفس سياق خطاباته للأعوام الماضية التي کان يمجد فيها النظام ويرکز على المسائل العقائدية ويٶکد قوة وتماسك النظام بوجه أعدائه وخصومه، بل کان خطاباً استجدائياً للشعب إن صح التعبير، إذ إن خامنئي ظهر وکأنه قد صحا لتوّه من نوم عميق لينتبه إلى ما يعاني منه الشعب من أوضاع معيشية سيئة جداً بحيث صارت مضرباً للأمثال، وإن ترکيزه على الأوضاع الاقتصادية وجعلها محور خطابه والذي جاء بعد الاتفاقات المعقودة مع بلدان المنطقة وخصوصاً السعودية، وقطعاً فإن ذلك لم يکن محض صدفة بل إنه قد جاء بمثابة مسعى غير عادي يبذله النظام من أجل تحقيق أکثر من هدف في سبيل درء الأخطار والتهديدات المحدقة به، وخصوصاً خطر السقوط والانهيار الذي صار النظام يستشعره، وهو يريد أن يموّه "لفترة محددة" على الشعب من جهة، وعلى دول المنطقة من جهة أخرى، کي يضمن لنفسه البقاء والاستمرار إلى إشعار آخر، لکن ما يتمناه خامنئي هو تمني المفلسين الذي لن يغير من الأمر شيئاً.

ليفانت – موسى آفشار

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!