الوضع المظلم
الإثنين ٠٤ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
رحلة الشرق الأوسط نحو السلام والاستقرار
حنان الطيبي

إعداد: حنان الطيبي

الشرق الأوسط، منطقة الألغاز السياسية والتاريخية التي طالما شغلت العالم بصراعاتها المتواصلة وبحثها الدائم عن السلام، حيث يعيش هذا الجزء من العالم على وقع تحولات جيوسياسية عميقة، تاريخ معقد وتنوع ثقافي وديني يغني نسيجه الاجتماعي وفي الوقت ذاته، يساهم في تعقيد الأزمات التي تواجهه..، من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يمتد لعقود طويلة، مرورا بالأزمة السورية التي تحولت من شرارة الربيع العربي إلى حرب أهلية مدمرة، وصولا إلى الحرب في اليمن التي أثقلت كاهل المنطقة بأزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، يبدو السلام كسراب يتلاشى مع كل محاولة للإمساك به.

ورغم ثقل هذه الصورة، يظل هناك بصيص أمل ينبثق من بين ثنايا اليأس، جهود دبلوماسية متواصلة، ومبادرات سلام تحاول جاهدة إعادة رسم مستقبل المنطقة على أسس من الاستقرار والتعايش السلمي.

من خلال هذه السطور نهدف إلى فتح نافذة نظر نحو الشرق الأوسط بكل تعقيداته وآماله، في محاولة لرسم صورة شاملة للصراعات القائمة والجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة

الشرق الأوسط، تلك البقعة الجغرافية التي ظلت على مر العصور مسرحا للعديد من الصراعات، قد شهدت في العقود الأخيرة تحولات معقدة تعكس تداخل الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية في تشكيل ملامح النزاعات والجهود المبذولة لتحقيق السلام، إذ يظهر هذا الفضاء الجغرافي كيف يمكن للتنافس على السلطة، والصراع على الموارد، والتناقضات الإيديولوجية والطائفية، أن يتقاطع مع السياسات الخارجية للقوى العظمى، الشيء الذي يزيد من تعقيدات المشهد ويجعل من آفاق السلام هدفا يصعب الوصول إليه، لكنه طبعا ليس مستحيلا.

الصراعات القائمة:

لعل أبرز الصراعات في المنطقة هو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يمثل جوهر العديد من التوترات في الشرق الأوسط, فرغم مرور عقود على بدايته، لا يزال هذا الصراع يفتقد إلى حل شامل ينهي المعاناة ويحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وفي الوقت نفسه يضمن الأمن لإسرائيل.

إلى جانب ذلك، هناك الصراع في سوريا الذي تحول من انتفاضة شعبية ضمن ما يعرف بالربيع العربي إلى حرب أهلية مروعة، معقدة بتدخلات إقليمية ودولية.. وفي اليمن، يشهد الصراع بين الحكومة اليمنية والحوثيين، مع التدخل العسكري السعودي، أزمة إنسانية غير مسبوقة.

الجهود المبذولة لتحقيق السلام:

على الرغم من الصورة القاتمة للمشهد السياسي القائم، هناك جهود مستمرة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة؛ فمبادرات السلام والمفاوضات، بما في ذلك الجهود الأممية والإقليمية، لا تزال تبذل في محاولة لإيجاد حلول لهذه النزاعات.

في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كان هناك العديد من محاولات الوساطة، وإن كانت قد فشلت حتى الآن في تحقيق السلام الشامل، إلا أنها تبقي الأمل معلقا على إمكانية التوصل إلى حل في المستقبل، كما أن الاتفاقيات الأخيرة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية تظهر تحولا قد يسهم في خلق بيئة أكثر ملائمة لتجديد الحوار وإيجاد حل معقول.

أما في سوريا، فتحاول الأمم المتحدة وقوى إقليمية ودولية أخرى تسهيل الحوار بين الأطراف المتنازعة وإيجاد حل سياسي ينهي الصراع ويعيد الاستقرار، لكن في الحقيقة فإن التحديات كبيرة نظرا لتعدد الفاعلين وتشابك مصالحهم.

وبالنسبة لليمن، فقد أسفرت الجهود الدبلوماسية، بما في ذلك مبادرات من الأمم المتحدة ودول المنطقة، عن هدن مؤقتة، لكن الطريق نحو سلام دائم لا يزال طويلا وشاقا وربما معقدا!.

دعونا نغوص اكثر في تفاصيل بعض هذه الصراعات والجهود المبذولة لتحقيق السلام، مع التركيز على ثلاثة محاور رئيسية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الأزمة السورية، والحرب في اليمن، لنتعرف على التحديات الرئيسية والمبادرات الرامية إلى بناء جسور السلام.

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني:

التحديات: الصراع يعود إلى ما قبل منتصف القرن العشرين، ويتمحور حول قضايا جوهرية مثل حدود الدولة، وضع القدس، حقوق اللاجئين الفلسطينيين، والأمن، لذلك فإن الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين، وتوسع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، يزيدان من تعقيد مسار السلام.

الجهود لتحقيق السلام: على مر السنين، شهدت المنطقة محاولات متعددة للتوصل إلى سلام، بدءا من مؤتمر مدريد في 1991، ومرورا باتفاقيات أوسلو في التسعينيات، وصولا إلى المبادرة العربية للسلام في 2002. ورغم هذه الجهود، لم يتم التوصل إلى حل دائم.

الأزمة السورية:

التحديات: بدأت كانتفاضة شعبية في 2011 ضمن أحداث الربيع العربي، وتحولت سريعا إلى نزاع مسلح. اما التدخلات الأجنبية والإقليمية، الدعم المقدم للفصائل المختلفة، وتعقيد الخلفية الطائفية والإثنية، فقد خلقت مستنقعا من العنف يصعب الخروج منه!.

الجهود لتحقيق السلام: عقدت جولات متعددة من المحادثات في جنيف، برعاية الأمم المتحدة، لكن دون تحقيق تقدم ملموس. اما محادثات أستانا، التي شاركت فيها روسيا وتركيا وإيران، فقد حاولت تقريب وجهات النظر، لكن الحل الشامل لا يزال بعيد المنال.

الحرب في اليمن:

التحديات: بدأت في 2014 عندما استولى الحوثيون على صنعاء وأجزاء كبيرة من اليمن، ما أدى إلى تدخل تحالف بقيادة السعودية في 2015, لذلك فالنزاع القائم جد معقد بسبب العوامل الطائفية والصراعات المحلية والمنافسة الإقليمية، خاصة بين السعودية وإيران.

الجهود لتحقيق السلام: شملت محادثات السلام جهود الأمم المتحدة، وخصوصًا محادثات السويد في 2018 التي أسفرت عن اتفاق ستوكهولم حول الحديدة وتبادل الأسرى، ورغم ذلك، الوضع في اليمن لا يزال متأزما والأزمة الإنسانية في تفاقم مستمر.

في النهاية،فرغم الجهود الدولية والإقليمية المبذولة، فإن السلام في الشرق الأوسط يبقى هشا وصعب المنال بسبب تعدد الفاعلين وتشابك المصالح، وعليه، فإن الحاجة ماسة لحلول شاملة تعالج جذور الصراعات وتحترم الحقوق والهويات وتضمن العدالة والأمن لجميع شعوب المنطقة.

في خضم هذه العواصف التي تجتاح الشرق الأوسط، تبرز الحاجة الملحة لمعالجة الجروح العميقة التي أنهكت المنطقة وشعوبها، فالطريق نحو السلام ليس مفروشا بالورود، بل يتطلب جهودا صادقة وشجاعة لتجاوز الخلافات التاريخية وتقبل التنوع والاختلاف، إذ من الضروري تبني رؤية شاملة تقوم على العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، مع إيلاء اهتمام خاص للأجيال القادمة التي تستحق أن ترث منطقة مستقرة ومزدهرة.

وختاما، فإن المبادرات الدولية والإقليمية، رغم العقبات والتحديات، تبقى حجر الزاوية في بناء جسور الثقة والتفاهم لذلك يجب على القوى الفاعلة في المنطقة والمجتمع الدولي العمل سوية لإيجاد حلول مبتكرة تلبي تطلعات الشعوب في الحق للتمتع بالمثل الإنساني في الحرية والعدالة والكرامة.

ومن يدري؟!, لعل المستقبل يحمل في طياته فجرا جديدا للشرق الأوسط، حيث يسود السلام والتعايش بين مختلف شعوب وثقافات المنطقة؛ فالأمل معقود على قادة يتمتعون بالحكمة والرؤية، وشعوب تنشد السلام وترفض أن تكون أسيرة للصراعات؛ لذلك، يبقى السلام هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل أفضل للشرق الأوسط وللعالم بأسره.

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!