الوضع المظلم
الأربعاء ١٥ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • رؤساء سورية وطنيون أم موظفون ؟! الرئيس الثامن جميل الألشي

رؤساء سورية وطنيون أم موظفون ؟!   الرئيس الثامن  جميل الألشي
جميل الالشي

 


بعد وفاة الرئيس تاج الدين الحسني عام 1943  تسلم جميل الألشي مقاليد الحكم بصفته رئيساً للحكومة ليكون الرئيس السوري الثامن في مرحلة حرجة جداً شهدت تقلبات وتجاذبات بين الوطنيين والانتدابيين و سلطات الاحتلال الفرنسي ، كما ألقت الحرب العالمية الثانية بظلالها على الأوضاع السياسية والاقتصادية .



كان المندوب السامي الفرنسي الجنرال هنري غورو عين الألشي رئيساً للحكومة في أيلول 1920 خلفاً لرئيس الوزراء علاء الدين الدروبي الذي اغتيل في 21 أب لسنة 1920خلال زيارته لحوران في محاولة منه لثني الثوار عن حمل السلاح ضد الفرنسيين والاستسلام للأمر الواقع والتخلي عن الملك فيصل، وضمت حكومة الألشي ثلاثة وزراء : عطا الأيوبي للداخلية , و حمدي نصر للمالية ، وبديع مؤيد العظم للمعارف ،  بينما احتفظ لنفسه بوزارة الدفاع التي كان يشغلها في حكومة الدروبي .




وخلال رئاسة الألشي للحكومة تم تقسيم سوريا إلى عدة دول ( دمشق – حلب – جبل العلويين – جبل الدروز – لواء اسكندرون ) بالإضافة إلى سلخ أربعة مدن ( حاصبيا – راشيا – بعلبك – البقاع ) عن سوريا وضمها إلى دولة لبنان الكبير وألغت فرنسا وزارة الدفاع ، هذه التصرفات التي لاقت استياءَ شعبياً لم تروق للألشي ليقدم استقالته يوم 30 تشرين الثاني 1920.


والرئيس جميل الألشي من مواليد دمشق 1883 درس في الكلية الحربية بإسطنبول وتدرج في الجيش العثماني حتى وصل إلى رتبة مقدم وشارك في الحرب العالمية الأولى قبل ان ينشق عن الجيش العثماني ويلتحق بالثورة العربية الكبرى 1916 ليصبح عضواً في الحكومة الانتقالية برئاسة الأمير محمد سعيد الجزائري 1918.




ثم مرافقاً للملك فيصل الذي بايعه السوريون ملكاً للملكة العربية السورية وبدوره قام فيصل بأرسل الألشي للتفاوض مع الجنرال غورو حول ما سمي بـ  " انذار غورو " 24 تموز 1920 الذي تضمن العديد من المطالبات ابرزها اخضاع البلاد للسلطة الفرنسية و حل الجيش وإلغاء التجنيد الإجباري  واستبدال العملة السورية بالعملة الفرنسية وتسليم خطوط السكك الحديدية على أن تنفذ هذه البنود خلال أربعة أيام فقط وتمت الموافقة عليها ، إلا أن غورو تذرع بتأخير الرد  نصف ساعة ودخل دمشق وأطاح بالملك فيصل ونفيه يوم 24 تموز 1920وبقي الألشي في دمشق لتعينه السلطات الفرنسية وزيراً للحربية بعد استشهاد الوزير يوسف العظمة في معركة ميسلون الشهيرة التي شهدت خيانات عدة وفقاً للكثير من المصادر ابتداءَ من قطع الأسلاك لتعطيل الألغام المعدة لتفجير الجسر، إلى إعلام الفرنسيين عن نقاط الضعف في الجيش ، إلى قيام أحد المتطوعين من الفرسان مع مجموعة بمهاجمة الجيش من الخلف ونهب الأسلحة .  




ابتعد الألشي عن العمل السياسي بعد استقالته في 30 تشرين الثاني عام 1920ولم ينتمي إلى أي من الاحزاب التي تشكلت في تلك الفترة الحرجة كما لم يشارك في الثورة السورية الكبرى حتى عام 1928 حيث عينه تاج الدين الحسني وزيراً للمالية في حكومته التي اعتبرها الكثيرون بأنها انتدابية تتبع للاحتلال الفرنسي ولم يطل الأمر بها كثيراً لتقدم استقالتها للمفوضية الفرنسية في 30 آب 1930 نتيجة للأحداث التي شهدتها البلاد والمظاهرات المطالبة بإشهار الدستور الذي أعده المجلس التأسيسي في 24 نيسان لسنة 1928 وبقي حبيس الإدراج لتعنت السلطات الفرنسية  بالإضافة إلى اتهامها بالفساد المالي حيث تبنت هذه القضية جريدة القبس السورية التابعة للكتلة الوطنية .


نأى الألشي بنفسه بالمشاركة في أي عمل وابتعد عن الساحة السياسية حتى قام الجنرال شارل ديغول وبعد الخلاص من حكومة فيشي بتعيين تاج الدين الحسني رئيساً للجمهورية بعد تعليق الدستور وحل البرلمان متذرعاً بالحرب العالمية الثانية وكلف الأخير الألشي بتشكيل الحكومة  في 8 كانون الثاني لسنة 1943 وبقي على رأس عمله حتى الوفاة المفاجأة للحسني بعد مرور تسعة أيام فقط ليصبح الألشي رئيساً لفترة انتقالية .




فضل الألشي التعاون مع بعض الرموز الوطنية مثل خليل مردم بيك وفايز الخوري شقيق فارس الخوري ومنير العجلاني ومحمد العايش لما كان لهم دور في الحراك السياسي ولما يلاقوه من قبول شعبي .


واجه الألشي مشاكل كثيرة خلال فترة حكمه القصيرة نتيجة للحرب العالمية الثانية التي ألقت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية في البلاد فكانت  " ثورة الخبز" التي عمت البلاد نتيجة لارتفاع سعر الخبز من ثمانية قروش إلى ثمانية قروش وربع بطلب من فرنسا لدعم المجهود الحربي مما أدى إلى خروج مظاهرات في عموم البلاد بقيادة الكتلة الوطنية وأغلقت الأسواق وتعطلت الأعمال واستقال وزير المالية ولوح وزراء الكتلة بالاستقالة مما دفع الألشي إلى الاستقالة في 22 أذار لسنة 1943 و قد تزعم هذا الحراك شكري القوتلي الذي انتخب لاحقاً رئيساً للجمهورية بعد الدعم الكبير من الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي .


بقي الرئيس الألشي بعيداً عن العمل السياسي حتى وفاته في دمشق 1951 واعتبره غالبية المؤرخون أنه كان انتدابياً بامتياز وأن تقربه من الوطنيين إبان عهد رئاسته عبارة عن محالو لإضفاء شرعية وطنية على حكمه .






ليفانت-طه الرحبي 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!