الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • خريف إيران في الشّرق الأوسط.. نهاية نفوذ دولة الملالي “قاب قوسين أو أدنى”

خريف إيران في الشّرق الأوسط.. نهاية نفوذ دولة الملالي “قاب قوسين أو أدنى”
إيران

منذ أن نجحت الثورة الخيمينية المؤدلجة حتى النخاع من الوصول إلى سدّة الحكم عام 1979، سعت إيران بكل قوتها لبسط نفوذها وسيطرتها خارج حدودها الجغرافية، وتحديداً بمنطقة الشرق الأوسط، وبالرغم من التصادم المباشر والقوي بين المشروعين، الإيراني والأمريكي، إلا أنّ طهران نجحت في استغلال التيارات المتطرّفة وكميات لا نهائيّة من المال والسلاح لتحقيق أجندتها، حتى إنّها تحالفت مع قوى في الشرق الأوسط بدت بعيدة عن أيديولوجيتها، لكنها صاحبة مصالح تتلاقى مع مشروعها، كان في مقدمتها تركيا والتنظيم الدولي للإخوان. دولة الملالي


النفوذ الإيراني في المنطقة بلغ عتيه مع أحداث الثورات العربية التي اندلعت بالتزامن في عدة عواصم، ما جعل مراقبون يطلقون عليها “الربيع الفارسي” لأنّ حسابات الواقع تؤكد أنّ إيران كانت من أكثر المستفيدين منه.


واعتمد مشروع إيران في الشرق الأوسط على الوكلاء، أو الميليشيات التي تحارب نيابة عنها، حزب الله في لبنان، جماعة الحوثي في اليمن، الحشد الشعبي في العراق، فضلاً عن عملائها في سوريا.


وبالرغم من نجاح إيران عبر سنوات في اختراق النظم العربية وتجنيد مواطنيها لخدمة المشروع المغلّف بغطاء المقاومة والدين، إلا أنّ ذلك النفوذ بدأ في الانكماش تدريجياً منذ عام 2013 وما تبعه من صحوة وانتباه لدى الشعوب العربية للدور الذي تلعبه القوى الإقليمية في المنطقة، ومدى الخراب الذي خلّفه في بلادهم. دولة الملالي


ويتوقّع مراقبون انتهاء النفوذ الإيراني في المنطقة نهائياً خلال سنوات قليلة، وضعف بل وهشاشة نظام الملالي داخلياً، استناداً على مجموعة من العوامل، أبرزها الانهيار الاقتصادي، وقطع أذرعها في الشرق الأوسط، ومقتل واحد من أهم قادتها، وهو قاسم سليماني، فضلاً عن توقعات بتشديد العقوبات عليها نتيجة عدم الالتزام بتعهداتها حيال مشروعها النووي.


انهيار الاتفاق النووي


يرى الباحث المختصّ في الشأن الإيراني، حسن راضي، أنّ انهيار الاتفاق النووي كانت له عواقب وخيمة أثّرت بدورها في تقليص النفوذ في المنطقة العربية، وضعف نظام الملالي داخياً إللى حدّ كبير، خاصة أنّه أثّر بدوره على زيادة حدّة الأزمة الاقتصادية نتيجة العقوبات الأمريكية التي شملت عدة قطاعات، مثل بيع النفط والنقل والتأمين والتحويلات المالية.


ويقول “راضي” لـ”ليفانت”: “إنّ طهران كانت تعلّق آمالاً كبيرة على هذا الاتفاق لأنّه سيخفف من حدّة العقوبات المفروضة عليها من المجتمع الدولي، وخاصة الأوروبي، مما سيجعل لها متنفساً للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها، موضحاً أنّ النظام الإيراني اعتمد على نظرية “الصبر الإستراتيجي” أملاً في فوز الديموقراطيين في الانتخابات الأمريكية المقبلة، لكن ذلك لم يجدِ نفعاً أمام الاحتجاجات الشعبية الغاضبة من الأزمة الاقتصادية المتزايدة، وانعكاستها على حياة المواطنين.


ويتوقّع راضي أن تضطر إيران لخفض برنامجها النووي لتلاشي العقوبات المستقبلية، خاصة أنّ النظام داخلياً يتآكل وشعبيته تنحسر بشكل غير مسبوق ومهدّد بالانهيار كلياً.


وفي 14تموز/ يوليو عام 2015 تم الإعلان عن الاتفاق النووي الإيراني، الذى توصّلت إليه إيران والدول الكبرى المعروفة بمجموعة (5+1) متمثّلة فى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، وذلك بعد خلافات حادّة استمرّت أكثر من 10سنوات، حيث نصّ الاتفاق على تقليص إيران لبرنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.


لكن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وبمجرد تقلّده منصبه في حكم البلاد أعلن الانسحاب بشكل كامل من الاتفاق في 8 تموز/يوليو 2018 واصفاً إياه بالكارثي، والأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، الذي لم يكن رادعاً لطهران في طموحها لصنع القنبلة النووية وتجارب الصواريخ الباليستية فحسب، بل أطلق يد الحرس الثوري الإيراني في دعم الإرهاب والجرائم المنظمة وزعزعة أمن واستقرار المنطقة. دولة الملالي


بينما عبرت الدول الأوروبية الكبيرة (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) عن قلقها بشأن مخاطر عدم التزام طهران بالاتفاق واستمرارها في برنامجها النووي، بما يشكل خطراً على المنطقة.


موت قاسم سليماني وقطع الأذرع المسلّحة


مطلع العام الجاري، قتل قائد فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني والمصنّف إرهابياً، في استهداف أمريكي لموكبة بالعراق.


ولم تكن نهاية “سليماني” الرجل صاحب النفوذ الكبير في الشرق الأوسط، سوى فصل هام من فصول “الخريف الإيراني” في المنطقة، كما وصفها مراقبون، لأنّه كان الرجل الأهم والأبرز في تجنيد الوكلاء بالخارج وهندسة العمليات وتصفية الخصوم لصالح مشروع الملالي، كما أنّه كان رمزاً للثورة والمقاومة في بلاده، وبالتالي فإنّ ضعف إيران في توجيه ردّ على استهدافه ساعد بشكل كبير في إسقاط النفوذ الداخلي وفك القبضة الحديدة التي ظلّت مسيطرة على الإيرانيين لسنوات طويلة بدعوى الحماية.


أكبر أزمة في تاريخ طهران



ووفق تقرير صادر عن المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية، في لندن، فإنّ طهران تواجه أكبر تحدّ لها منذ سنوات نتيجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في كل من العراق ولبنان، اختارت طهران الدفاع عن حلفائها من الجماعات الوكيلة لها في البلدين، وكررت خطاب المقاومة القديم، حيث إنّ التخلّي عن “شبكات النفوذ” هذه لا يعني خسارة نفوذ إيران وقدرتها على التأثير فحسب، بل يعني أيضاً خسارة هوية هذه الشبكات والجماعات الوكيلة.


ويقول الكاتب والباحث المصري، إميل أمين، إنّ أفضل صوت عبر عن واقع حال إيران، في الوقت الحاضر، هو المؤرخ الأميركي “ديفيد روزنبرغ” الذي اعتبر أنّ ما يحدث في العراق ولبنان ليس ربيعاً عربياً، وإنما هو خريف فارسي، يقود إمبراطورية الفوضى الإيرانية المزعومة إلى زوال.


ويوضّح في مقاله المنشور في الشرق الأوسط، تحت عنوان “خريف فارسي وحروب إلكترونية”، أنّ واقع حال إيران يشير إلى أنّ مشروع همينة الملالي يتحلّل ويتفكك في بغداد وبيروت، وباتت باقي المواقع الاستيطانية الأخرى للهيمنة الإيرانية، كما الحال في اليمن وسوريا، في حال الخطر من اضمحلال النفوذ الإيراني بعد تغير ملامح الخريطة الجيوبولتيكية الدولية. دول ة الملالي


الكابوس الإيراني بدأ من الدول العربية


ويرى تقرير صادر عن مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أنّ الشعوب في لبنان وسوريا والعراق وداخل إيران نفسها، الدول التي تقع على طول “الهلال الشيعي”، قد أدركت أنّ العدو موجود في الداخل، فالأيديولوجيات وخطابات المقاومة والهويات الطائفية ونظريات المؤامرة التي جسّدت الهويات والآراء الجماعية للمجتمعات الشيعية في جميع أنحاء المنطقة، تتفكك ببطء بل بثبات وتحلّ محلها مخاوف اقتصادية وتطلعات كبيرة باتجاه المواطنة والهويات الوطنية. 


ويقول التقرير إنّ “الهلال الشيعي”، الذي كانت إيران تستثمر فيه لعقود من الزمن، ينقلب على النظام الإيراني ووكلائه، فمن بيروت إلى بغداد، وصولاً إلى طهران، تواجه إيران خصمها الأكثر تعقيداً منذ سنوات، المتمثل بالمتظاهرين الشيعة. 


ويؤكد، أنّ أسوأ كابوس بدأ في إيران عندما بدأ العراقيون، معظمهم في البلدات والمدن الشيعية، يرددون هتافات على غرار “إيران برا برا، بغداد حرة حرة”، وحين نزل اللبنانيون إلى الشوارع وهم يحملون شعاراً موحداً: “كلن يعني كلن”. وتحوّل هذا الكابوس إلى تحدٍّ خطير عندما أضرم المحتجّون العراقيون النار بقنصليات إيرانية، وحين شمل المحتجّون اللبنانيون الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، واعتبروه من بين الشخصيات السياسية اللبنانية الفاشلة، وحمّلوا الحزب مسؤولية المصائب التي يعيشها لبنان.


 رشا عمار 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!