الوضع المظلم
الجمعة ٢٩ / مارس / ٢٠٢٤
Logo
حوار مع النّاشطة السياسيّة السوريّة لمى الأتاسي
حوار مع لمى الأتاسي

لمى الأتاسي من مواليد حمص ابنة معارضٍ سياسي يساري تعرّفت منذ نشأتها على المعارضة السورية وأحزابها ،دخلت السياسة مع الثورة السورية حيث كانت ناشطة وكانت الناطقة باسم الجيش الحرّ لعام في بدايات الثورة ،شكّلت مع زملائها الكتلة الوطنية ثم بعد ذلك الجبهة السورية. لمى الأتاسي


و كان لها مشاركات عديدة في أعمال المعارضة تقول لمى:  "بدأت آخذ مسافة من الائتلاف وقبله المجلس الوطني منذ عام ٢٠١٣ وأوجّه لهم النقد وأحمّلهم مسؤليات الفشل القادم"، ثمّ انعزلتْ عن العمل السياسي السوري للتوجّه للعمل الاجتماعي والحقوقي الدولي فشاركت بأعمال منظّمات نسائيّة عربيّة وأوروبيّة وشرق أوسطيّة. لم تجد في الإدارة الذاتيّة ضالّتها مما تطالب به لسوريا وانتقدت الأسلوب الذي لا يختلف عن أسلوب المعارضة في الائتلاف. وحالياً تقف على مسافة سياسياً. وتعمل في فرنسا على ملفّ الاندماج وتعدديّة الثقافات في إطار فرنسي أوروبي.


لمى الأتاسي اختصاصيّة في إدارة التغيير وكذلك مختصّة بالعلاقات ما بين الثقافات في مجال الموارد البشرية عملت كـمعيدة بجامعة باريس العاشرة، حالياً مديرة لمؤسّسة تعمل في مجال تقييم الكفاءات وإدارة التغيير والاستشارات كما لها نشاطات تطوعية، وأسّست بيت سوريا ومنظمات أخرى. حصلت على لقب رائدة السلام في الشرق الأوسط، حيث إنّها قدمت محاضرات وأبحاث عن مواضيع عديدة في باريس وفي الأمم المتحدة. وكان لنا هذا اللقاء معها.


س- سؤال تقليدي من هي لمى الأتاسي؟


_لمى هي امرأة من هذا الشّرق تؤمن بتعدديّة الانتماءات المتصالحة، تناضل من أجل أن تعمّ قيم الحريّة والمساواة والتآخي, وتعنيها سوريا وشعبها بوجه خاص، معارضة للنظام السوري، لأنّه لم يفي بمهمته تجاه الشعب السوري كقبله من الأنظمة التي تعاقبت على سوريا والتي حكمت البلاد دون أن تعي أهميّة حفظ السلام الاجتماعي والمساواة لتأسيس الهويّة السورية الوطنية. هناك أزمة هوية مسؤول عنها النظام الذي شرذم المجتمع حيث إن فشل المنظومة الاجتماعية أسّس لحالة فساد وديكتاتورية مدمرة لسوريا وللمجتمع . لمى الأتاسي


س- كيف تقرئين الاتفاق الروسي التركي الأخير في 5 آذار والذي تضمّن رفضاً قاطعاً لمطلب أردوغان من قبل روسيا والغرب بخصوص أي مبادلة بين غرب وشرق شمال سوريا؟


_الحقيقة أنا لا أرى رفضاً لمطلب أردوغان قط هنا، بل اتّفاق سابق ومحاصصة تمّت ووافق عليها الروس والإيرانيين وهي تنصّ على تسليم ٨٠ بالمئة من سوريا للنظام بانتداب روسي إيراني مع محاصصة صغيرة بوجود تركي وحفظ مصالح تركيا في المناطق التي تعني تركيا وكذلك لا ننسى حفاظ الأمريكان على وجودهم في مناطق النفط منطقة الإدارة الذاتيّة.


س- لماذا أمريكا وفرنسا استخدمتا الفيتو ضد توثيق اتّفاق بوتين وأردوغان بخصوص إدلب؟


_لقد عارضت فرنسا ومعها أميركا انحياز تركيا لحلف روسيا الذي يعتبر محور معادي للحلف الغربي "الناتو" الذي تنتمي له تركيا، لأن هذا الحلف الذي وقّع أردوغان الاتّفاق معه يضمّ إيران أيضا .وهناك حرب معلنة ليس فقط في سوريا بل في ليبيا و مناطق أخرى ما بين محور الحلفاء و محور روسيا الصين إيران. أردوغان يلعب على الخطين مما يقلق فرنسا، إذ إن الموقف التركي بنظر فرنسا يخرج عن محوره وكما نرى هناك أزمة في العلاقات ليس فقط بين تركيا وفرنسا والاتّحاد الأوروبي، لكن حتى ما بين دول الاتّحاد الأوروبي فيما بينها، موقف فرنسا ضدّ تركيا خاص لأنّه يعود لكون فرنسا اعتبرت أنها حليفة الكورد الذين تمّ قصفهم من قبل تركيا، وأدّى هذا التصعيد مع تركيا إلى أزمة اللاجئين الكبيرة كما تعلم حيث عند تهديد أوروبا بقطع المساعدات على تركيا كان الردّ فتح الحدود وإرسال اللاجئين لأوروبا، والمأساة التي شاهدناها مع الجيش اليوناني، الخ.


س- هل تعتقدين بأنّ خيار الحرب لازال قائماً في إدلب؟ وهل يمكن لبوتين وأردوغان احتواءه إن حصلت الحرب وخاصة بعد الاتفاقيّة الملغومة؟


_لا أظنّ أنّ هناك حرب ستقوم ما بين روسيا و تركيا، الموضوع تمّ احتواءه باتفاق ينصّ على قبول تركيا بعدم معاداة نظام الأسد مقابل أن تأخذ السيطرة على مناطقها الحدودية بشكل أو بأخر. هذا الوضع سيبقى إلى أن تستقرّ الأوضاع السياسيّة في سوريا. أي هذا وضعٌ سيدوم. لمى الأتاسي


س- هل ستجعل اتّفاقيّة صواريخ أس 400 إن تمّت في بداية نيسان القادم تركيا معدومة مثلاً الطلاق الأمريكي أو إعلان روسيا الحرب عليها؟


ليس بمؤكّد أن تتمّ الصفقة بطريقة معادية للناتو أو ممكن دون أن يتمّ استعمال أس 400، حيث إنّ الولايات المتحدة الأميركية قرّرت شراء راحتها وقدّمت عرضاً، مقابل بديل أميركي عن أس 400 مرضي لروسيا التي ستبيع لتركيا سلاحاً لن تستعمله، بحيث إن تمّ هذا تكون تركيا تقاتل بسلاح أميركي مع استحواذها على سلاح روسي احتياطي. ولإرضاء روسيا حاليّاً هناك أزمة بين تركيا وأوروبا ولكن أميركا تقف مع تركيا وكما إنّ الموقف الأوروبي غير موحّد وهناك خلافات بين فرنسا وألمانيا هذا دون أن ننسى خروج إنجلترا من الاتّحاد الأوروبي. هذا يضع فرنسا وحيدة بموقفها ضدّ تركيا ولن يكفي لإخراج تركيا من الناتو. عداءُ تركيا ثمنه فادح على أوروبا هذا ما تثبته أزمة اللاجئين حاليّاً. هناك نقطة جديدة تضاف وتمنع أيّ موقف ضدّ أو مع تركيا وهو حالة التجميد التي ستدخل فيها أوروبا والغرب نتيجة أزمة الكورونا التي ستضعنا في أزمة اقتصادية وسياسية لمدة طويلة هذه الأزمة ستغير لاحقًا مواقف كثيرة .


س- برأيك ماذا يعني حسم معركة أرياف إدلب، هل يعني هذا الربح الروسيّ بالملّف السوريّ كما يدّعيه حليفه أردوغان على رقعة جغرافيّة إضافيّة؟


_نعم وللأسف هذا هو الواقع: بوتين حاليّاً مع إيران منتصران لأنّ لا أحد معني بألّا ينتصرا في سوريا، الأميركي لم يرَ ضرورة للقتال على سوريا فتنازل عنها.سوريا يبدو أنّها ليست ضمن مطامع أحد غيرهم لهذا تمّ التخلّي عنها لهم لدرجة أنّنا نتسائل لماذا تظاهرت أميركا بدعم الثورة؟ وأردوغان قرّر من خلال مصالحه المؤقّتة ضمن حصّته في المعادلة الجديدة الى أن يتمّ إما استقرار ما في سوريا وإما تغيير ما في موقف الحلفاء أي أميركا تجاه النفوذ الروسي الإيراني في سوريا. ولكن تركيا تمضي بضوء أخضر أميركي أي إنها ليست متفرّدة بقرارها .


سن سيطر النظام ضمن اتفاقيّات دولية على إدلب هل هذا يعني انتهاء الثورة السورية تماماً؟


_نعم ربما كما تتفضّل هناك إعلان انتهاءٍ لحالة الثورة وانتصار لنظام الأسد. نعم هو مسألة أشهر، مسألة وقت ولا مفاوضات ممكنة مع المنتصر. لكنّنا وصلنا لآخر المطاف وسندخل مرحلة جديدة لا أحد يعلم نهايتها لكن يجب ألّا ننسى إنّ العقوبات الاميركية والحصار الاقتصادي السياسي الذي سيتشدّد على سوريا سيضعف النظام من الداخل وسيكون على محور إيران روسيا الصين تسديد نفقات وفواتير كبيرة حاليّاً لا يفكّرون بتسديدها وليست من أولوياتهم. الحالة الفوضويّة والانهيار الاقتصادي سيكون سيّد الموقف دون حرب أو معارضة.


س- مع مخرّجات الصراع ما بين تركيا وروسيا والغرب هل سيتمّ تحديد الحلّ للمشكلة السورية؟ في المقابل ما فائدة وجود الإدارة الذاتيّة لشمال وشرقي سوريا المدعومة بالاستثمارات والمشاريع وهي معزولة عن محيطها؟


 المشكلة السوريّة كانت وستبقى مشكلة داخليّةَ الصراعات الخارجية إن حُسمت لن تَحسم الأزمة الاجتماعية السياسية الداخلية. لن يتمّ تحديد أيّ حلّ حيث النظام يعتبر بنظر الروس منتصراً وسيعاد انتخاب بشار في عام ٢٠٢١ دون أيّ تغيير سياسي أي دون إيجاد حلّ عميق وحقيقي للكارثة الاجتماعية التي مزّقت سوريا، لا يعني الروسي المصالحة الوطنيّة أو عودة النازحين أو السلام الاجتماعي أو المصالحة الوطنية أو ملف المعتقلين أو حتى سوريا كدولة. روسيا والصين وإيران يعتبرون بأنّ سوريا أرض للصراعات فقط. نعم الإدارة الذاتية تعتبر منعزلة عن محيطها السوري وهذا ما حذّرتُ منه القائمين عليها لدى إعلانها اذ قلت لهم حينها الفيدرالية قرار جامع مركزي وإعلان حالة فردية دون شركاء من كل البلد يقبلون بها خطر على من يقوم بها لكنّهم صمّموا الانعزال. والمكوّن الكوردي في سوريا لم يشأ قطّ أن ينفصل عن سوريّته وبقي مرتبطاً بالحراك الشعبي وملتصقاً به لأن مطالبه هي ضمن مطالبنا، شاءت قيادات المعارضة أم أبت. الواقع لا تغيّره الشعارات والكلمات ولكنّ المكوّن الكوردي موجود بأصالة في سوريا ولا يمكن عزله نعم تجربة الإدارة الذاتية تجربة سطحيّة بطرحها وكنت أتمنّى من القائمين عليها ألّا ينساقوا كما فعلوا لطرقٍ كانت عواقبها وخيمة عليهم وعلى سوريا. تجربة الإدارة الذاتية فعلاً كانت فخاً وعزلت منطقة بأكملها وهذا من ضمن المأزق السوري الحالي. لمى الأتاسي


س- هل استطاع التناغم الغربيّ الروسيّ فصل ملف اللاجئين عن ملف إدلب وإخراجه من نطاق دائرة الابتزاز التركي أم كيف؟


لا، هناك أزمة لم تحسم و يصعب حلّها رغم أنّ كارثة الكورونا أتت لتضعف موقف تركيا وضغطها حيث إنّ أوروبا تغلق حدودها بحجّة قانونيّة .


س- ما هو وضع عين العرب-كوباني في كل هذه المعمعة الحاصلة وخاصّة إبّان تصريحات شركائهم الأمريكان حول مناطق نفوذهم الذي يقتصر على مناطق تواجد النفط في الحسكة ودير الزور وإنّهم غير معنيين بالكرد أو بالقضية الكردية وكأنّهم يعطون الضوء الأخضر لأردوغان لبدء عملية عسكرية في كوباني؟ ليفانت


_كوباني عين العرب وضعها كوضع سوريا فكما سوريا تقع تحت انتدابٍ روسي غير معني بحياة السوريين وفقرهم ومعاناتهم هي تقع تحت سيطرة أميركية دون أن تعني قضية سكانها وأزماتهم الإدارة الأميركية، الجميع يستبيح أرضنا دون أن يهتمّ بالجانب الإنساني، الجميع يعتبر سوريا معبراً لحروبه في المنطقة. كما وضّحتُ القضيّة الكورديّة تعتبر قضيّة سورية بامتياز وأكرّر إنّ الأزمة السوريّة لا تحلّ إلّا داخليّاً بين مكوّنات الشعب السوري وتوجّهاته الاجتماعيّة المتناقضة والمختلفة. الحلّ قبل أن يكون اتّفاقات دول يجب أن يكون بيننا وهو بالنهاية كفيل بأن يضع حدّاً للانتدابات الحاصلة على أرضنا واسترجاع القرار السوري لأبناء البلد يتمّ عبر توافقهم وهنا الأزمة الحقيقيّة والتحدّي الذي ينتظرنا وإن بحثنا لوجدنا أنّنا لو كنا متفاهمين بحدّ أدنى لما وصلنا لهذه الكارثة الإنسانيّة التي لم يشهدها شعب منذ الحرب العالمية الثانية . لمى الأتاسي


خاص ليفانت : حسين أحمد

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!