الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
جبهة النصرة للنظام السوري: المهمة تسير بالاتجاه الصحيح
جبهة النصرة للنظام السوري: المهمة تسير بالاتجاه الصحيح

ليفانت - خاص




سيطرت قوات النظام السوري، بدعم كبير من حلفائه الروس والإيرانيين، على مساحات واسعة من ريف إدلب الجنوبي الشرقي وريف حلب الغربي دون مقاومة تذكر من قبل الفصائل المسلحة في تلك المنطقة، خاصة وأن هيئة تحرير الشام التي تسيطر على المنطقة لا تبدي أي مقاومة تذكر أمام تقدم قوات النظام التي باتت تسيطر على هذه المناطق بحسب (سرعة المدرعة)، وهو تعبير عسكري يعني أن مقاومة الطرف الآخر معدومة، هذه الانسحابات المتكررة التي تقوم بها هيئة تحرير الشام أمام قوات النظام تختلف عن الهجمات التي نفذتها ذات الهيئة على مدن وبلدات محافظة إدلب لضرب وإنهاء فصائل الجيش الحر (جبهة ثوار سوريا، كتائب شهداء سوريا وحركة حزم)، والتي بدأت بشكل كبير بعد السيطرة على المحافظة في ربيع 2015، بالإضافة للانتهاكات والسجون والقتل تحت التعذيب.


إقرأ أيضاً: من موسكو إلى واشنطن: حان الوقت لمُغادرة شرق الفرات!




من هي جبهة النصرة عماد هيئة تحرير الشام؟





أعلن عن تأسيس جبهة النصرة في بدايات عام 2012 حيث التقى ابو محمد الجولاني مؤسس الجبهة مع بعض المفرج عنهم من سجن صيدنايا في أيار 2011 بموجب مرسوم العفو المثير للجدل الذي أصدره بشار الأسد مع بداية انطلاق الثورة السورية.

بحلول النصف الثاني من عام 2012؛ زادت قوّة جبهة النصرة بفضلِ ضمّها للعديد منَ الجماعات المسلحة الناشئة في سوريا، ما وفّر لها قوة قتالية فعّالة ومُنضبطة. رفضت النصرة في تشرين الأول/أكتوبر 2012 اتفاقًا لوقفِ إطلاق النٌار لمدة أربعة أيام في سوريا خلال عيد الأضحى وهذَا ما ما أعطاها مصداقية في الداخل السوري، وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2012؛ باتت جبهة النصرة لاعباً قوياً في المنطقة خاصة بعدما حصلت على مقاتلين أكثر خبرة من صفوف الثوار السوريين، وفقاً لمتحدث باسم الجيش السوري الحر، فإنّ عدد مُقاتلي الجبهة قد بلغَ في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ما بينَ 6000 حتّى 10000 مقاتل، وهو ما يمثل 7-9% من مجموع مقاتلي الجيش الحر. في ذات السياق نشرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً ذكرت فيه (من خلالِ التقارير التي نحصل عليها؛ فإنّ معظم المصابين والقتلى على يدِ جبهة النصرة هم من الجيش السوري الحر بسبب شجاعتهم ووقوفهم دائماً في الخط الأمامي). وبحلول العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2012 صنّفت الولايات المتحدة جبهة النصرة كمنظمة إرهابية واتهمتها بكونها امتداداً لتنظيم القاعدة في العراق، ثم سرعانَ ما صدر قرارٌ يحظر على الأمريكيين التعامل مالياً مع النصرة. ليسَ هذا فقط بل إنّ السفير الأمريكي إلى سوريا روبرت فورد قد حذّر من هذه الجماعة حيثُ قال (الجماعات المتطرفة مثل جبهة النصرة هي مشكلة تقفُ عائقًا أمام إيجاد حل سياسي في سوريا).




أبدلت جبهة النصرة لجبهة فتح الشام في تموز 2016 وادعت انها لا تتلقى أي دعم خارجي وانتهى العمل باسم جبهة النصرة نهائياً، وقطع صلاتها مع تنظيم القاعدة وعلى الرغم من أن الجولاني وهو زعيم الجماعة أعلن رسمياً أن الجبهة لن تكون تابعة لتنظيم القاعدة، لكن الولايات المتحدة اعتبرتها فرعاً من تنظيم القاعدة وصنفتها كإرهابية، وحتى أبريل 2013 كان الجولاني يتجنّب إعلان الولاء للقاعدة، حتى اضطر لذلك ردا على قرار البغدادي والقاضي بدمج دولة العراق الإسلامية وجبهة النصرة تحت اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" في ذلك الوقت، وقبل إعلان جبهة فتح الشام، إذ كان الظواهري وهو زعيم القاعدة قد أعلن في كلمة له منح جبهة النصرة حق الانفصال عن التنظيم للحفاظ على قوتها في مواجهة التحديات على الأراضي السورية.


إقرأ أيضاً: ما مدى جدية الغرب في حظر “الإخوان المسلمين”؟


تسليم المناطق من حلب إلى إدلب





أعلن جيش الفتح، وهو تشكيل عسكري يجمع عدة فصائل عسكرية، وتمكّن في عام 2015 من السيطرة على كامل محافظة إدلب؛ أعلن عن معركة فك الحصار عن مدينة حلب، إثر إعلان قوات النظام السوري بدعم من القوات الروسية حصار مدينة حلب بالكامل وفتح معابر إنسانية لعبور المدنيين.. حيث نجح جيش الفتح في بداية المعركة في فكّ الحصار عن المدينة خلال 7 أيام فقط، وهو ما جعلت قيادة الجيش تتحدث عن معركة السيطرة على كامل المدينة، إلا أن الإعلان جاء على لسان (عبد الله المحيسني) شرعي جبهة تحرير الشام (جبهة النصرة) المصنفّة على قوائم الإرهاب؛ هذا الإعلان أعطى القوات الروسية التي تساند قوات النظام السوري مبرراً دولياً لاستخدام القوة المفرطة لانهاء سيطرة المعارضة المسلحة على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، حيث باتت الآلة العسكرية تقصف بطريقة وحشية وفقدت التعاطف الدولي مع المدنيين والمقاتلين السوريين الذين لا تربطهم اي علاقة بتنظيم القاعدة، هذا التصعيد الكبير جداً أعطى بالمقابل الذريعة لجيش الفتح للانسحاب من مدينة حلب أمام التغول العسكري الروسي، ما مهّد لتسليم المنطقة عبر صفقات (المصالحة) التي كانت تجريها القوات الروسية مع قوات المعارضة، والتي بدورها باتت غير قادرة على وقف هذه الهجمات الوحشية.


إقرأ أيضاً: أردوغان.. تصفية الحلفاء للتفرد بالسلطة.. البداية من غولن




أصبح هذا السيناريو هو الأكثر استخداماً من قبل جبهة النصرة في كل المناطق التي تسيطر عليها، كان آخرها الانسحابات من ريف حماه الشمالي وتسليم الجبهات لفصائل المناطق التي كانت قد نزعت أسلحتها الثقلية والمتوسطة بالقوة قبل عدة سنوات، ما أجبر مقاتلي المناطق المحليين على الانسحاب أو عقد مصالحات والخروج الآمن، إذ بدأت جبهة النصرة هجوماً محدوداً على قوات النظام في المنطقة منزوعة السلاح، ليعطي تبريراً دولياً للقوات الروسية للهجوم على المنطقة لقتال العناصر الإرهابية وهو ما قامت به.




جبهة النصرة تحت المظلة التركية لتنفيذ أجندتها





نشر موقع نورديك مونيتور الإخباري تقريران أشار فيهما إلى أنّ وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية في تقرير سرّي لها تقول إن تركيا وقطر دعمتا جبهة النصرة، وكشفت فيه التنسيق المتبادل بين المخابرات التركية والجماعات المتطرّفة في سوريا، وبخاصة تنظيم داعش، وتنظيم جبهة النصرة، كما أشار إلى تقديم كلّ من أنقرة والدوحة الدعم لجبهة النصرة وداعش، بحسب ما خلصت إليه وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية في عام 2016. وبعد وضع نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد الرابعة بحسب الاتفاقات التركية الروسية، تناقلت بعض وسائل الإعلام معلومات مسرّبة عن إرسال القوات التركية دفعات من الأسلحة والذخيرة والعتاد إلى تنظيم جبهة النصرة والمجموعات التابعة له في إدلب وريف حماة الشمالي، حيث نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر مقرّبة من النصرة أن تركيا أرسلت إمدادات جديدة من الأسلحة إلى التنظيم، لمساعدتهم في وقف انهياراتهم وخسائرهم المتلاحقة في ريفي حماة وإدلب.




ولفتت المصادر إلى أن قافلة عسكرية تركية وصلت خلال الأيام القليلة الماضية إلى التنظيمات الإرهابية قرب جبل الزاوية بريف إدلب، تضم العشرات من العربات المدرعة وقاذفات صواريخ غراد وصواريخ "تاو" الموجهة المضادة للدبابات.وتنتشر في منطقة خفض التصعيد في إدلب مجموعات جهادية تنتمي إلى تنظيم جبهة النصرة المدرج على لائحة الإرهاب الدولية، إضافة إلى مجموعات متشددة أخرى متحالفة، بينهم جهاديون أجانب دخلوا عبر الحدود التركية بدعم وتسهيل من تركيا التي قدمت لهم مختلف أنواع الدعم بالأسلحة النوعية التي يستخدمها هؤلاء الإرهابيون في الاعتداء على نقاط الجيش العربي السوري والقرى والبلدات الآمنة.




لم يغب عن ذهن أيٍّ من الأهالي في المناطق التي تقع تحت سيطرة جبهة النصرة أن هذا الفصيل الذي صدّر إلى الأرااضي السورية لا يختلف شكلاً ومضموناً عن النظام، تمّ ذلك بتعاون مريب بين أجهزة السلطات التركية التي تركت الحبل على الغارب للمتطرفين من كل أنحاء الدنيا كي يدخلوا إلى الأراضي السورية بذريعة الجهاد، قادمين من الأراضي التركية وعبر مطاراتها، وبين الفصائل المتشدّدة المحلية التي كانت منبوذة من قبل أبناء المنطقة، ولم يكن لها أي ثقل على أرض الواقع؛ كل هذا أسهم في التضييق على الأهالي وإسكات الأصوات الحرة، لتتم المهمة بنجاح، من خلال إسكات صرخات الحرية التي ما زالت حتى الساعة، تواجه النظام والنصرة في آن معاً.

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!