-
تنسيق انتخابي بين "حزب بوتين" و"حزب الأسد"
في الوقت الذي تواصل فيها دفاعها عن النظام السوري في المؤسسات الدولية، ضمن محاولاتها لإعادة تأهيله، ودفع قوى إقليمية ودولية للتطبيع معه، والقبول ببقاء الأسد على رأسه، تتجه روسيا على ما يبدو نحو تعزيز نشاطها "الداخلي"، وتسعى بصورة خاصة إلى مساعدة "حزب البعث" على تحسين الأداء، إن جاز التعبير، وتدرك على الأرجح طبيعة العلاقة بين "الأب القائد" و"الحزب القائد" وفق عقلية البعث، والتي تحتم تسويق كلاهما معاً. وأعلن حزب "روسيا الوحدة"، الذي يقوده رئيس الحكومة دميتري مدفيديف، ويتزعمه فعلياً الرئيس فلاديمير بوتين، عن اتفاق على تبادل الخبرات في مجال "الحملات الانتخابية" مع "حزب البعث"، أداة النظام السوري في الهيمنة على مختلف مجالات الحياة في سوريا، وذلك مع اقتراب الانتخابات التشريعية في البلدين.
وقال دميتري سابلين، العضو في البرلمان الروسي، والرئيس المشترك لمجموعة العمل الخاصة بتنفيذ الاتفاقات بين الحزبين، إن حزب "روسيا الموحدة" و "حزب البعث" سيتبادلان الخبرات في تنفيذ الحملات الانتحابية، مع اقتراب الانتخابات التشريعية في البلدين. وجاءت تصريحاته في أعقاب محادثات في موسكو أمس بين أندريه تورتشاك، سكرتير الأمانة العامة لحزب "روسيا الموحدة"، وهلال هلال، الأمين العام المساعد في "حزب البعث". وكشف سابلين في أعقاب المحادثات عن خطة "تدريبات مشتركة، وتبادل خبرات" بين الجانين، مع اقتراب الحملات الانتخابية في البلدين.
وبينما يواجه حزب "روسيا الموحدة" أزمة على خلفية خسارته 20 بالمائة من شعبيته منذ الانتخابات الرئاسية ربيع العام الماضي، وتدنيها حتى 31 بالمائة (وفق معطيات استطلاع للرأي في 17 تشرين الثاني أجراه مركز عموم روسيا لاستطلاع الرأي)، فإنه يريد في الوقت ذاته "تدريب" قيادات البعث لخوض الانتخابات. وقال سابلين بهذا الصدد: "أعتقد أن قيادات سورية (من البعث) سيأتون قريباً للدراسة في مدرستنا السياسية"، ولم يستبعد إيفاد مدرسين من المدرسة السياسية "الحزبية العليا" التي أسسها "روسيا الموحدة" إلى سوريا لتدريب القيادات الحزبية السورية هناك.
ويبدو أن سابلن إما يجهل حقيقة عدم وجود انتخابات فعلية في سوريا، وأن الانتخابات تجري بقرار أمني-سياسي تحدد قيادات البعث بموجبه مسبقاً، قبل العملية الانتخابية، قائمة أعضاء مجلس الشعب، أو أنه تعمد تجاهل تلك الحقيقة، حين ذهب إلى التعبير عن قناعته بأن "حزب البعث لديه فرصة 100 بالمائة" للفوز في انتخابات مجلس الشعب التي ستجري عام 2020. ولم تتغير نتائج الانتخابات في سوريا منذ تأسيس مجلس الشعب، إذ يحتفط حزب البعث دوماً بالأغلبية المطلقة من المقاعد، وتحصل الجبهة الوطنية التقدمية الخاضعة أحزابها لقراراته وإرادته على جزء من المقاعد، مع جزء شكلي للمستقلين.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك "الحزبي البرلماني" الروسي، ربما يرمي إلى خلق أرضية تسمح للمشرعين الروس لاحقاً الدفاع عن حزب البعث، وتسويقه محلياً وخارجياً على أنه "فاز في انتخابات نزيهة". ومن جانب آخر قد يكون تحسين موقف "البعث" ضمن ترتيبات المرحلة المقبلة واحداً من أهداف هذا التعاون والتننسيق "الانتخابي" بين الحزبين. ويبقى أكيداً أن محاولات تحسين صورة "الحزب القائد" في سوريا، لا تنفصل عن الجهود الروسية الرامية إلى إعادة تأهيل "القائد" نفسه محلياً وإقليمياً ودولياً.
طه عبد الواحد
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!