-
بنية نظام الأسد ودوره في تدمير وتفكيك المجتمع السوري
عماد غليون - كاتب و إعلامي سوري
تخضع سورية تحت سلطة نظام الأسد منذ انقلاب حافظ الأسد قبل نصف قرن، الذي فرض النظام
هيمنة مطلقة متواصلة على كافة مقدرات الدولة والمجتمع ؛ وبات اسم سورية مقروناً" بالأسد سواء في معرض الذم أو المديح؛ حيث فرض الأسد نفسه قائداً وحيداً ملهماً في نظام شمولي مزيج من إيديولوجيا يسارية اشتراكية قومية تلفيقية مع براغماتية مفرطة.
خلال عقود لم تتبدل الملامح الأساسية لنظام الأسد وبقي يحمل نفس الصفات ويعمل بنفس الوسائل ولذات الأهداف والغايات؛ دون أن تؤثر فيه تعديلات شكلية أجراها بشار الأسد لمجاراة التطورات المتسارعة في البنى الاجتماعية والاقتصادية التي رافقت الانفتاح مع دخول الانترنت.
أحدثت الثورة السورية عام 2011 هزة ضخمة في تركيبة نظام الأسد، الأمر الذي اضطره لإعادة إنتاج تحالفاته الداخلية والخارجية من جديد.
لا يزال مصير السوريين وبلادهم غامضاً ومفتوحاً على احتمالات تبدو متناقضة، تتراوح بين عودة الدولة المركزية أو الانتقال للفيدرالية وربما التقسيم، ومع استمرارالنظام في حربه الشرسة ضد السوريين لم تجري تقييمات شاملة لحجم الأضرار البالغة التي ضربت البنية المجتمعية في العمق، وفي سبيل ذلك لا بد من دراسة بنية نظام الأسد ودوره في تدمير وتفكيك المجتمع السوري.
بدأت الانقلابات العسكرية في سورية والصراعات الدامية على السلطة مع انقلاب حسني الزعيم عام 1949، وأحدث انقلاب حزب البعث في أذار 1963 تحولاً جذرياً بفرض نظام شمولي على البلاد، واستغل حافظ الأسد بعد ذلك الصراعات الدامية بين أجنحة الحزب المتناحرة إيديولوجياً بدعم من قوى في الجيش، وقام بانقلاب عام 1970 معلناً نفسه مخلصاً للبلاد من حالة الفوضى وعدم الاستقرار جراء الانقلابات السابقة، وهو ما أكسبه موجة تعاطف شعبي واسع مع بداية ظهوره.
قام حافظ الأسد بإزاحة وتصفية كل من يقف ضد مشروعه الديكتاتوري بما فيهم رفاق الحزب أو اللجنة العسكرية الذين تشارك معهم مسبقاً في التخطيط للانقلاب على السلطة، ثم شرع في بناء نظام معقد احتار كثير من الباحثين في فهمه وتفكيكه خاصة عند مقارنته بدول وأنظمة حكم معروفة، حيث استطاع الجمع تحت مظلة نظامه بين تناقضات تحفل بها المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعرقية والدينية، وقام بتغذيتها وتشجيعها وتأجيج الصراعات فيما بينها لصالحه ؛ الأمر الذي مكنه من السيطرة عليها والتحكم بها ؛ قام بترحيل الصراعات الداخلية بينها إلى دوائر النظام وتحت إشرافه، وجعلها تتحول للتنافس على إبداء شدة الولاء للنظام وقائده.
أصدر حافظ الأسد عام 1973 دستور للبلاد سماه بالدائم للدلالة على استمراريته وعدم النية في تغييره أو تعديله، وتجاوز احتجاجات شعبية واسعة ضد بعض مواد الدستور ثم انطلق في بناء دولة على مقاسه الشخصي، ومنحته المادة الثامنة من الدستور إمكانية السيطرة على كافة مؤسسات ومفاصل الدولة من خلال حزب البعث الذي يترأس جبهة وطنية تقدمية ويقود الدولة والمجتمع.
تألفت الجبهة الوطنية عند تأسيسها إضافة لحزب البعث الذي مُنح حق الأغلبية فيها، من أربعة أحزاب هي : الحزب الشيوعي السوري، الاتحاد الاشتراكي العربي، حركة الوحدويين الاشتراكيين، وحركة الاشتراكيين العرب، واعترض العديد من أعضاء تلك الأحزاب على تلك المشاركة كون ميثاق الجبهة يجعلها تابعة للبعث وتعمل تحت إشراف الأجهزة الأمنية، ولم تكن الجبهة بالفعل سوى محاولة لتلميع صورة النظام أمام الخارج، وطيلة وجودها لم تحظى الجبهة بأي أهمية اجتماعية أو فعالية سياسية، ولم تكن سوى منصة استغلها الأمناء العامون وبعض قياديي الأحزاب في تحقيق مكاسب شخصية ومناصب ووظائف حكومية أو سيادية.
رفض الأسد توسيع أحزاب الجبهة ودفع الأجهزة الأمنية لنشر وتوسيع الخلافات والانقسامات في صفوف أحزابها، وتضاعف عدد أحزاب الجبهة مع تراجع متزايد في أعضاءها المتواضع أصلاً.
قامت أحزاب الجبهة بدور سيء لصالح نظام الأسد، وتحول حزب البعث الحاكم نفسه للعبة بيد السلطة والنظام ، وتحولت مبادئه لعقيدة دوغمائية يسيطر عليها أسلوب براغماتي في العمل.
كرّس حافظ الأسد إجراءات انقلاب أذار 1963 التعسفية، وأسوأها قانون الطوارئ الذي يصادر الحريات والإعلام ويمنع تشكيل الأحزاب والجمعيات، ودفع ذلك تنظيمات إسلامية وماركسية للعمل بشكل سري مما أدى لحصول مواجهات دامية وحملات اعتقال وتنكيل مستمرة ضد منتسبيها، وقامت أجهزة النظام بقمع وإسكات أي عمل سياسي أو توجه فكري مخالف، وجرت مواجهات عنيفة على خلفية احتجاج الإخوان المسلمين على بعض مواد دستور 1973، وفي مواجهة انتفاضة الثمانينات الواسعة ارتكب النظام العديد من المجازر في حماة وسجن تدمر وغيرها، كما شن حملات اعتقال وتنكيل واسعة شملت كوادر الإخوان المسلمين وهيئة العمل الشيوعي بشكل رئيسي، ثم استغل محاربة الإخوان المسلمين لفرض ترهيب سياسي وفكري شامل، وتؤكد دراسات أن النظام استدرج الإخوان المسلمين لمعارك غير متكافئة خاصة في حماة للحصول على مبرر استخدام العنف المفرط في مواجهة الإرهاب.
حصلت انقسامات واسعة في قيادات أحزاب الجبهة على خلفية المشاركة في الجبهة بشروط مجحفة تحت وصاية حزب البعث، وظهرت أحزاب تعمل بدون ترخيص من خارج الجبهة بما يشبه معارضة ناعمة، كان تعامل النظام معها يتراوح بين التضييق الشديد والتسامح حسب نوع النشاط ومدى اقترابه من خطوط النظام الحمراء .
استغل بشار الأسد من جديد تركيبة الجبهة الوطنية في مواجهة ربيع دمشق الناهض، واتخذ إجراءات لتطوير عملها والتعبير عن ميوله الإصلاحية للتغطية على طبيعة النظام، وجرى السماح لأحزاب الجبهة العمل في صفوف الطلبة وإفتتاح مقرات لها وإصدار صحف خاصة بها، كما جرى إطلاق اجتماع سنوي موسّع لقيادات أحزاب الجبهة يجري سنوياً في مجمع صحارى بحضور كبار مسؤولي الدولة والحزب.
تساهل بشار الأسد مع ربيع دمشق لكنه أراد حصره في إطار دعائي محدود يساعده في التخلص من تبعات ومساوئ حكم والده، والعمل على تشكيل انطباع إيجابي حوله لدى الرأي العام يكسبه الشرعية، وتحركت أجهزة المخابرات عندما شعرت بخطورة الحراك وتجاوزه الخطوط الحمراء مع ازدياد أعداد المنتديات واتساع نشاطها في دمشق والمحافظات .
ولكن مجموعة من القوى والشخصيات الوطنية استطاعت التلاقي على إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي عام 2005 وتجاوزت سطوة أجهزة المخابرات لتعمل على أول تجمع معارض واسع في الداخل يتبنى مطالب السوريين في تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي.
جاء توقيت المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث عام 2005 في سياق الأزمة التي كان يمر بها النظام وتعرضه لأخطار داخلية وإقليمية تهدد استمرار الأسد في السلطة، ولذلك جاءت توصيات المؤتمر تطالب بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة، لكن دائرة الحكم الضيقة وقفت ضد تنفيذ أي إصلاح سياسي حقيقي، وعملت على تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي بهدف احتواء الحراك السياسي عبر إصلاح اقتصادي، وجرى تحرير الاقتصاد والسماح وافتتاح منشأت خاصة في مجال البنوك والمال والتعليم ووسائل الإعلام، لكن الانفتاح الاقتصادي الواسع والسريع أدى لتقليص الدعم الحكومي استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي وشروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي، وأدى ذلك لزيادة معدلات الفقر والبطالة والأمية وتشكيل عوامل احتجاج إضافية ضد سياسات النظام .
تغزو منظمات البعث عقول السوريين منذ نعومة أظفارهم مع طلائع البعث ثم اتحادات الشبيبة والطلبة، وتستمر سطوة هيئات البعث وأجهزة المخابرات وترافق السوريين طوال حياتهم وفي كافة نشاطاتهم وفعالياتهم، حيث يسيطر البعث على كافة الاتحادات والنقابات والهيئات والجمعيات والمؤسسات والشركات والمراكز والمناصب والوظائف العامة، ولا بد من تحقيق شرطي الانتساب للحزب وموافقة المخابرات قبل الحصول على أي وظيفة في الدولة.
هيمن نظام الأسد على المجتمع السوري بشكل مطلق وفرض عليه سيطرة غامضة دفع الباحثة ليزا وادين وضع ذلك عنواناً لدراستها حول طبيعة النظام، حيث تناولت الممارسات التعبيرية التي تشكل ظاهرة تعظيم الأسد، وتساعد في تأكيد الطاعة الاعتيادية للناس وتحدد شروط إمتثال المواطنين في تعبيرهم عن النفاق العام والمبالغات اللغوية عبر فرض استخدام الرموز وتمجيدها ولغة المديح والإطراء والشعارات الطنانة ومسيرات التأييد العفوية التي تدفع الجماهير لتبني خطاب سياسي شمولي استبدادي ضد مصالحهم وحرياتهم، وفوق ذلك الدفاع عن النظام بكل شراسة.
إضافة لأسلوب السيطرة الغامضة تضيف البراغماتية المفرطة التي يتحلى بها نظام الأسد من صعوبة فهمه وطريقة تلاقي البراغماتية بشكل غريب مع فكر استبدادي شمولي، وكان من العسير فهم أو توقع مواقف وتوجهات النظام التي تأتي في كثير من المفاصل الحاسمة مناقضة تماماً لمواقف سبق أن أعلن أنها غير قابلة للتفاوض أو التراجع وقد يصل تراجع النظام للتعامل مع أعداء سابقين أو محتملين.
لترسيخ شخصيته رمزاً وحيداً في البلاد أزاح الأسد من الواجهة كافة الشخصيات القوية سياسيا"ً واجتماعياً وخاصة تلك التي تتمتع بنفوذ وشعبية واسعة، وقام بتهميش وإقصاء وجهاء الأحياء وأعيان المدن، ورغم أن مبادئ الحزب تتعارض مع العشائرية إلا أن الأسد دعم زعماء عشائر وقدم لهم الدعم ومنحهم النفوذ والمصالح مقابل الولاء للنظام.
كرّس نظام الأسد تحالفاً وثيقاً مع طبقة كبار التجار في دمشق وحلب بشكل خاص الذين أثبتوا ولاءهم للنظام في أحداث الثمانينات بشكل خاص، لكن تركيبة النظام فتحت الباب أمام ظهور طبقة اقتصادية جديدة من كبار العسكريين ورجال المخابرات والأمن وشخصيات مهمة في الحزب والدولة، وأضاف بشار الأسد في فترة حكمه عائلة الأسد والأقارب بشكل أكبر وأوضح.
خلافاً لمبادئ وأهداف البعث القومية تحالف الأسد مع إيران في حربها ضد العراق، وعكس مواقف النظام في الدفاع عن القضية الفلسطينية قام بارتكاب العديد من المجازر بحق الفلسطينيين وعمل على تأجيج صراعات مستمرة بين الفصائل الفلسطينية، ومع موقف رافض للعرقية والقومية ضمن الإطار الوطني تحالف النظام ودعم قوى كردية تحارب حكومتي تركيا والعراق، واخترق صفوف قوى سياسية كردية سورية وشجع الخلافات فيما بينها.
تأسس حزب البعث على مبادئ يسارية اشتراكية اقتربت من توجهات ماركسية في مراحل عديدة من صراعات أجنحة الحزب الداخلية على السلطة، ومع ذلك فقد اندفع حافظ الأسد للتحالف مع مشايخ وتيارات دينية صوفية وسمح لهم بافتتاح مدارس ومراكز دينية، وفي وقت حربه ضد تنظيم الإخوان المسلمين أسس معاهد الأسد لتحفيظ القرأن، وأرسل بعثات داخلية من أعضاء الحزب للدراسة في كلية الشريعة، والغريب أن أعضاء من هيئة العمل الشيوعي كانوا يتعرضون للاعتقال والتنكيل رغم قربهم إيديولوجياً من البعث.
بنى الأسد تحالفاً وثيقاً مع الأقليات الدينية بدعوى تقديم الحماية لهم وأصبحت أجهزة المخابرات تتدخل في اختيار وتعيين رؤساء الطوائف لضمان ولائهم للنظام، وكان واضحاً الدور الأساسي الذي لعبته شخصيات علوية في الجيش والمخابرات والاقتصاد وتسيير دفة الحكم، إلا أنه لم يظهر للعلن ما قيل عن دور مجلس الطائفة العلوية وبقي ذلك لغزاً غامضاً.
سيطر البعث من خلال اتحادات العمال والفلاحين والمهنيين على الشرائح الواسعة من اليد العاملة، ومنع العمال من حقوق التظاهر والإضراب والنضال المطلبي، بينما جرى توظيف اتحادات الصحفيين والكتّاب والفنانين في تطويع النخب الثقافية والفنية والفكرية.
يمارس نظام الأسد ما يسمى التقية السياسية المشتقة عن التقية الدينية لدى الطوائف الباطنية، حيث تمنع كافة أجهزة النظام الاقتراب من ثلاثي النظام المقدس الأسد والجيش والطائفية أو حتى مجرد الإشارة إليه أو الغمز منه ويتم تجريم من يفعل ذلك، بينما تظهر الوقائع تحكم ذلك الثلاثي بمصير البلاد .
حوّل نظام الأسد الجيش السوري من جيش وطني إلى جيش عقائدي هدفه حماية الحزب والسلطة، وجرى وضع ضوابط صعبة ومعقدة للقبول في عداد متطوعي الجيش، بينما تمسك دائرة الحكم الضيقة وتتحكم بالترقيات العسكرية التي تعتمد على مقاييس لا وطنية من الولاء للنظام والانتماء للطائفة أو العائلة، وتم تشكيل فرق عسكرية خاصة مزودة بأفضل العتاد العسكري وبقيادة أفراد من عائلة الأسد من سرايا دفاع ووحدات خاصة وفرقة رابعة وحرس جمهوري وغيرها، لم تكن لها مهام وطنية لأن هدفها الأساسي مواجهة أي تمرد أو عصيان أو انقلاب أو ثورة.
كانت أجهزة المخابرات الذراع المباشر لفرض سياسات النظام عن طريق نشر الخوف والرعب، وقام النظام بزيادة كبيرة في عدد أفرع المخابرات، حيث انتشرت في كل المناطق السورية، وجرى منحها صلاحيات مطلقة في الاعتقال والتعذيب وحتى القتل بدون تحمل أي مسؤولية جنائية، وشكلت تلك الأجهزة مصدراً لترهيب جمعي من الصعب تجاوز تأثيراته السلبية.
حكم الأسد سورية بالحديد والنار من خلال نظام معقد استطاع الإمساك بكافة أطراف القوة والنفوذ والتأثير في جميع المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والعرقية والثقافية وتحريكها لخدمته بعد زرع خلافات بينية بينها وربط تحقيق مصالحها بالولاء للنظام وقائده.
حكم النظام سورية لعقود من خلال أساليب السيطرة الغامضة وبراغماتية مفرطة وسياسة حافة الهاوية في التعامل مع الخارج، ونشر ثقافة الفساد والإفساد وسطوة الدولة الأمنية.
ينتشر النظام على شكل هرم قاعدته عريضة جداً، بينما تمثل قمة الهرم الدائرة الضيقة الحاكمة والتي تجري توازنات ضمنها للحفاظ على بقائها من خلال الدفاع عن بقاء الأسد في رأس الهرم.
يبدو المجتمع السوري مستقراً للمراقب من الخارج، وفي الواقع يحفل بعوامل التناقض والصراع الخفية بين كافة مكوناته، وعندما ظهرت بوادر الربيع العربي اعتقد كثيرون أن سورية خارج المعادلة، وأعلن بشار الأسد نفسه الذي كان يتمثل وهم استقرار النظام وقوته، أن الوضع السوري مختلف لعدم وجود خلاف بين الشعب والقيادة في سورية، جمهورية الخوف.
أثبت الشعب السوري قدرته على تجاوز عقود من جمهورية الخوف الأسدية، واستطاع القيام بثورة عاصفة لا تزال وقائعها مستمرة.
خلال الثورة ظهر الجسد السوري الجميل مدمراً من الداخل بفعل السوس الذي زرعه نظام الأسد خلال عقود، وللحديث عن ذلك التدمير الأسدي الممنهج ، وكيف وهل يمكن تجاوزه مجال قادم .
بنية نظام الأسد ودوره في تدمير وتفكيك المجتمع السوري
بنية نظام الأسد ودوره في تدمير وتفكيك المجتمع السوري
بنية نظام الأسد ودوره في تدمير وتفكيك المجتمع السوري
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!