-
الهند وتحالفات الشيطان.. ماذا جرى لفلسطين؟
لطالما كان استخدام التطرف وخطاب الكراهية أحد أبرز أدوات الحزب الحاكم بالهند، لكسب أصوات انتخابية، وأدوات تطبيعية بين الهندوس والصهاينة، ولطالما دمر الهند حضاريا واجتماعيا، بسياساته الحزبوية، ليكون السبب الرئيس في تدمير جمال الفضاء الفريد للتعددية الثقافية في بلاد الهند، التي كانت امتدادا ثريا بينها وبين شبه الجزيرة العربية خصوصًا، والعالمين العربي والإسلامي بشكل شمولي، بل وقد كانت الهند ذات يوم حليفا قويا لفلسطين.. تقف معها وتُساند قضيتها، فما الذي تغير في نهجها واعتراضها على قرار الأمم المتحدة لوقف المجازر الإسرائيلية؟
لقد انقلب الأمر من التأييد القوي للحق الفلسطيني إلى تأييد قوى لإسرائيل، والسر.. تاريخياً أن "الهند قد صوتت في 1947 ضد تقسيم فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكانت أول دولة غير عربية تعترف بـ منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدا وشرعيا للشعب الفلسطيني في 1974، كما كانت من أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين في 1988، وعندما اعترفت الهند بإنشاء إسرائيل في 1950، فإنها لم تقم علاقات دبلوماسية معها حتى 1992، وحافظت الحكومات الهندية السابقة في الغالب على علاقات هادئة مع إسرائيل".. ليأتي اليوم المشؤوم بتأييد الاحتلال في 27 أكتوبر الماضي، ليكون صوت المبحوح الهندوسي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي من أوائل زعماء العالم الذين أدانوا "طوفان الأقصى"، وتراهُ وكأن حرب إسرائيل هي لمكافحة الإرهاب، وينبغي ألا تتوقف من أجل الهدن الإنسانية، متناسياً ما يحدث للمسلمين العُزل في بلاد الإسلام من الهند على يد مجرميه من الهندوس، ممن قابلوا التضامن الفلسطيني بحملات قمع، مع استهداف الحكومة للمحتجين المؤيدين لفلسطين كذلك، وإشاعة الأخبار المزيفة عبر حسابات تدعم اليهود؛ مثل: أنستغرام وفيسبوك، وإغلاق حسابات كثيرة.
إن الظهور الهندوسي والهدف المُعلن للقوميين منهم، وهو تأسيس سيادة هندوسية دائمة على المسلمين، نفس ما تفعلهُ إسرائيل بوصايتها على الأراضي المحتلة، فعندما أرادت نيودلهي الانضمام إلى الاقتصاد العالمي والتقرب من الأمريكان، تقربت من إسرائيل، معتقداً "مودي" أن ذلك سيُساعد الهند على العودة إلى دولة هندوسية وتحويلها إلى قوة عالمية، بالغباء السياسي، دون النظر للحضارة الهندية العميقة وتراثها الإنساني في دعم العدالة وتقرير المصير للفلسطينيين، وتبني خطاب أكثر عدائية تجاه فلسطين وإدانة حماس، التي تعدّها فرصة لزيادة تأجيج "الإسلام فوبيا" داخل المجتمع الهندي وتصوير حماس "ممثلة للإرهاب الإسلامي"، متضامنة مع الغرب رغم علاقاتها الوثيقة بروسيا فيما يتعلق بحرب أوكرانيا. وتدهور العلاقات مع كندا، بسبب مقتل انفصالي من السيخ على الأراضي الكندية.
إنها القواسم المشتركة بين "الأيديولوجيتين" الصهيونية والقومية الهندوسية، لا سيما أهدافهما التوسعية والإقصائية، للفلسطينيين في الأراضي المحتلة والمسلمين في الهند على يد الهندوس، حيثُ يرى الدمويين (إسرائيل والقومية الهندوسية) أنهما كانتا في الأصل حضارتين هندوسية ويهودية، قد "لُوثتا" من الدخلاء أي المسلمين، لذا يجب القضاء عليهم بأي طريقة كانت مهما حدث، وهو ما يحدث حالياً في كلا البلدين اللذين يتباهى قادته بأنهما أكبر البلدان ديمقراطية في حقوق الإنسان غير الآدمي.
فما إسرائيل ببعيدة عن المجازر التي تحدث في هندوتفا واستراتيجيات حكومة ناريندرا مودي في التطهير العرقي ضد مسلمي (شعبه)، علامات للعرقية العنصرية لرأس السلطة الفانية، وكأن لسان الحال يتكرر للغزاويين عند مسلمي الهند (لا حياة لكم بيننا) كما حدث في الحادث المؤلم في تاريخ الهند الحديث الذي جرى في نهاية يناير 1958، حينما قتل الإرهابي ناثورام غودسي، أحد الأعضاء الفاعلين في «منظمة راشتريا سوايا مسيفاك» الهندوسية المتطرفة، والمنبع الأيديولوجي لـ «حزب بهاراتيا جاناتا» الحاكم الذي يقوده اليوم رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ليقتل بتطرفه المشبع بالإحمرار الإرهابي هندوسيا آخر كان رمزا بل وأبا روحيا للهند الحديثة «المهاتما غاندي»، وكذلك أزمة الهجمة الهندوسية الشرسة التي اشتدت أواخر عام 2019، ليقود "مودي حالياً اللاوطنيين من الدمويين المنتفعين، ممن حولوا الهند إلى مرجل للعنف والتخويف ضد المسلمين من قبل العصابات المتطرفة الهندوسية وصولا إلى قمة السلطة السياسية، حينما صرخ "مودي" عام 2009 في وجه المسلمين قائلاً: «إما باكستان أو قبرستان»، في خطاب عنصري لطردهم، وفق تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في العالم إلى أن الهجمات على الأقلية المسلمة، بما في ذلك القتل والاعتداء والتخويف، استمرت في الهند خلال عام 2021..
يكفينا الآن أيها العالم العربي والإسلامي أن قرارات القمتين بالرياض كانت رائعة وفريدة، لكن على الأقل بجوار الدعاء مقاطعة المنتجات اليهودية والغربية والأمريكية بل والهندية وكل من يُعادي الإسلام في كل مكان، فقد خسرت الشركات وبدأ أثر المقاطعات يؤتي ثماره، فما لنا إلا الله ووحدة القلب الواحد، كي نُردع على الأقل أعداءنا وليعرفوا كم أننا قوة لا يُستهانُ بها، وحتي لا تتسع الأمور في بلداننا، فهُما لا يعرفان التعايس وحدود الجوار، بل لا يعرفون إلا لغة الدم والتهجير، بل لا ولن يكفي أية اعتذارات منهم، عن سب خاتم الأنبياء والمرسلين.. فهل تدرك إسرائيل والهند ومن معهم ذلك قبل خلعهما من الجذور؟
ليفانت - إبراهيم جلال فضلون
قد تحب أيضا
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!