الوضع المظلم
الثلاثاء ١٦ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
المسرح في الأدب الإسلامي
معراج أحمد معراج الندوي (1)

تحتاج النفس البشرية إلى تهذيبٍ وترويحٍ كما يحتاج الجسد إلى الطعام والشراب، وما كان الدين الإسلامي ليبقى وينتشر ويستمر لو لم يفِ بكافة احتياجات الإنسان النفسية والجسدية، والأدب المسرحي بأنواعه قد اندمج في حياة الإنسان اليومية.

الفن المسرحي ملازم للإنسان في جميع أزمنته وأزماته، بل طال كثيراً من الفنون الأدبية والنثريّة، لأن المسرح الأدبي كما فهمه صورة تعبيريّة حيّة تمسّ الواقع بكل تفاصيله. تتميّز النصوص المسرحية عن غيرها من الكتابات بأسسها الجمالية وعناصرها الدرامية القائمة أساساً على بناء الشخصيات واختيار الفكرة وبناء بيئة العرض، مع القدرة على محاكاة الواقع الثقيل المأزوم الذي نحن نعانيه دون محاولة الذهاب إلى الماضي أو الهروب إلى المستقبل.

إنّ المسرح في الأدب الإسلامي وسيلة من وسائل التغير في المجتمعات، لعب المسرح الإسلامي في الماضي دوراً بارزاً في تثقيف الناس، كان له تأثير قوي في حثّ الأمة على مقاومة الاستعمار ومطاردة كل من يحاول أن ينال من دين الأمة وإسلامها.

والأدب المسرحي، ولا سيما المسرح الإسلامي، في أمسّ الحاجة إلى التطوير لمواكبة العصر بما فيه من مشكلات ثقافية واجتماعية وسياسية، والأدب المسرحي الإسلامي سلاح للدفاع عن التاريخ الإسلامي بأسلوب حضاري معاصر.

إنّ دور المسرحية في عصرنا الحاضر، ليس ترفيهياً كما يبدو، بل أصبح رسالة، وإنّ استخدام الفن وسيلة ناجعة لنشر الفضيلة، لما له من تأثير قوي في نفوس الناس. ويسهم بذلك في تحقيق بعض مقاصد الفنون التي تحدث عنها في الفرد والمجتمع والأمة.

إنّ الإسلام لا يناصب الفن أي نوع من العداء إذا كان ينبع من معنى طاهر حسبما يقرّه الإسلام عقيدة ومنهجاً، بل إنّ الدين والفن يلتقيان التقاء كاملاً في حس المسلم حتى يكون الفن قائماً على التصور الإيماني للوجود والمشاعر والأفكار والسلوك والوجدان، ويحقق مقاصد هذا التصور في الواقع الإنسان.

الإسلام يعانق الحضارة النافعة ويؤاخي المدنية الراشدة ويواكب التطور المفيد.. ولا شك أنّ المسرح من ثمرات الحضارة، أبدعها عقل الإنسان وأنتجها عباقرة البشر، فيقف الإسلام منه موقف الموجه الراشد والمصلح المتبصّر الواعي، فيأمر القائمين عليه بنشر العلم وتثبيت العقيدة وتدعيم الأخلاق وتوجيه الأمة لما يصلحها في دنياها عن طريق هذه الوسيلة التي سخرها الله لتكون أداة نافعة للإنسان.

الإسلام لم يضع حدوداً للإبداع الفني في التعبير عن المشاعر الإنسانية بكل أشكالها، وإنما وضع فقط معايير للارتقاء بها، وتهذيبها، وتحسين الأداء الإنساني كي لا يظلم بعضه بعضاً، أو يشوّه فطرته التي خلقه الله عليها. والمسرح قد يكون عوناً للمسلمين ودعاتهم في تحقيق رسالتهم وتبليغ دعوتهم وتربية النشء على معاني الإسلام الكبرى.

إنّ الأمة اليوم في أشد الحاجة للابتكار أكثر من أي وقت مضى في جميع المجالات الإنسانية، أدبياً وأخلاقياً وفلسفياً، في إطار منهجي لا يخرج عن حدود الدين الواسعة، والتي لم يضعها الشارع سبحانه لتقييد الإنسانية، وإنما للارتقاء بها وتطويرها لخدمة الإنسانية.

 

معراج أحمد معراج الندوي

ليفانت -  معراج أحمد معراج الندوي

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!