الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
المؤتمر الوطني وإعادة تدوير المعارضة السورية
كمال اللبواني

يشبه ما تقوم به الدول، كطفل يلعب بمجموعة حصى أو بالرمال على شاطئ البحر، عبثاً يحاول أن يبني بيوتاً لا تجرفها الأمواج، وعبثاً يحاول إعادة تنصيب الأكياس الفارغة والتي لا تكفي موازنات بملايين الدولارات لكي تبقيها واقفة ولو لثوانٍ، سرعان ما يكتشف أنّه لا يملك سوى مجموعة أكياس فارغة لا تصلح إلا أن تكون ممسحة ترمى في سلّة النفايات، لا يمكن تدويرها إلا لتعود أكياساً أو علباً فارغة مرة أخرى. 


فبعد أن تم اقتصار تمثيل الشعب والثورة بعدد من الانتهازيين المنتفعين، صبيان مخابرات هذه الدولة أو تلك، وحصر العمل بعدد لا يتجاوز مئة صوص مرتزق، يتوزّعون على معالف هذه الدولة أو تلك، ويسمّون بالمنصّات، بدءاً بمنصّة النظام (منصّة التنسيق القومي عملاء المخابرات السورية)، ومنصّة القاهرة، ومنصّة موسكو، ومنصّة قسد، ومنصّة الرياض، والذين يسعون اليوم لعقد مؤتمر وطني لا يمثّل الشعب السوري، بل يمثّل تحالف مخابرات هذه الدول، في مواجهة تغوّل منصّة صبيان إسطنبول على القرار في جنيف.


تحت شعار تجديد المعارضة والهياكل، تعود الدول التي تدّعي أنّها شقيقة وصديقة لتكرار ذات الخديعة والكذبة التي سرقت من خلالها قرار الشعب السوري، وباعته عبداً ذليلاً، أي الشعب، في سوق النخاسة الدولي لهذه القوة وتلك، وكل ذلك كان خوفاً من التعرّض لرياح الديموقراطية، حتى لو أدّى ذلك لإبادته وتشريده وتسليم سوريا لقمة سائغة للاحتلال الإيراني، كما فعلت سابقاً مع العراق ولبنان، وغداً مع اليمن.  


إنّ تجاهل الدول النافذة المتعمد لأبسط مبادئ التمثيل وشرعيته، وإصرارها دوماً على استبعاد الشعب والتنكر لأي آلية ديموقراطية، يعكس مدى خوفها من انتقال هذه الكورونا الديموقراطية لشعوبها، مما سيجعلها تحت سيف الرقابة والمحاسبة، وهو ما سيكشف عوراتها.


لا نستغرب إصرار هذه الدول على بناء هياكل من رمل عند تصاعد الأمواج، بل نستغرب من يقبل أن يكون دمية وكيس قمامة يستعمله الآخرون ويضعون فيه ما يريدون التخلص من رائحته ومنظره.. المصيبة ليست في دول ديكتاتورية تخاف على نظمها، بل في ثوار طلاب حرية يصبحون حفاضات لهذه الدول يستوعبون مفرزاتها.


كمال البواني


ليفانت - د. كمال اللبواني

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!