الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الليرة لا تعزّ و لا تعزّي
الليرة لا تعزّ و لا تعزّي

بدأت حملة (ليرتنا عزتنا) منذ أيام قليلة وانتهت خلال يومين، مرّا بسرعة كبيرة على الفقراء وبخسائر كبيرة لآخرين، وابتسامة ماكرة عند أزلام سلطة الأسد. الأوضاع الاقتصاديّة في مناطق سيطرة الأسد تزداد سوءاً، في ظل الجنون المستمر للدولار وانهيار الليرة السورية لتهوي معها الكثير من "عقائد" سلطة الأسد التي نشأ عليها وتحوّل معها لسلطة أمر واقع فقدت آخر مظاهر الدولة مع انهيار العملة المحليّة وأفول قدراتها على حماية الأهالي من الفقر وتأمين الخبز اليومي لموظفيه وعسكره، لتتحوّل الحياة في مناطق سيطرة سلطة الأسد لما يشبه تراجيديا تسير بثبات نحو الهاوية، يعيش فيها الناس همّهم اليومي في تأمين الطعام والدفء بأي وسيلة، ولتختفي معها آخر شعارات "النصر المزعوم من قبل هذه السلطة.


لماذا الآن؟

تسارع انهيار الليرة السوريّة في الأسابيع الأخيرة لينتقل سعر الصرف من 650 ليرة للدولار الواحد ليلامس الـ 1200 ليرة سوريّة ومن ثم ليعاود التذبذب صعوداً وهبوطاً بين (1100 إلى 1200) ما أدى لانطلاق موجة احتجاجات من محافظة السويداء ورفع شعار (بدنا نعيش) وصعود شعور عام في جميع مناطق سيطرة سلطة الأسد بالإحباط الشديد والخوف من المستقبل مما أرعب سلطة الأسد من نشوب احتجاجات مماثلة (1) في الساحل السوري أو مناطق الأقليات في سلميّة أو دمشق وريفها، مادفعه لإحداث بلبلة في صفوف الأهالي لتشتيت غضبهم ورشوتهم بالنذر القليل الذي لا يشبع من جوع ولا يقي من برد، لكنّها تجعلهم يشعرون بالقليل من القوّة والقدرة وتعطيهم بريقاً واهماً بغدٍ أفضل، يقول (ف. س.) من محافظة طرطوس: (ماذا ستفعل لي علبة متّة أو علبة سجائر؟، هل ستكفيني مدى الحياة أو لسنة أو ليومين؟!، مالذي استفدته من هذه العروض التي ملأت أسواق طرطوس بازدحام شديد والمدة محدودة، لنتدافع كالقوم الهمجيين على أشياء لن تفيدنا لليوم التالي، هذه الحالة تجعلني أتذكر أن الغريق يتعلّق بقشة، وأن الكرامة تذهب مع المال، ومع الفقر والجوع، إنّ أهل طرطوس اليوم أشبه بشحّادين على أبواب المحلات).


كما انتشرت العديد من الأقاويل التي تعبّر عن اليأس في الشارع وعلى صفحات الفيس كتلك التي تتحدى الحكومة بأن تجعل الدولار بليرة، أو جرّة الغاز بليرة، حيث تشهد جميع مناطق سيطرة الأسد أزمة طاقة مركبة أسهمت في غياب الثقة من قبل الأهالي بهذه السلطة.


كيف تمت الحملة وعلى حساب من؟

استطاعت (ليفانت) الحصول على معلومات مؤكّدة من أنّ رجال أعمال مقرّبين من النظام قاموا بتغطية جزء كبير من الحملة، حيث يقومون بشراء البضائع من المحال التجاريّة ومن ثم يقوم صاحب المحل عن الإعلان بأن ثمن هذه البضاعة ليرة واحدة ولكميّة محدودة، وبذلك يسري الخبر، كما صرّح لنا صاحب محل الألبسة (ح,ع.) من سوق طرطوس أنّه لم يكن يعلم أنّ هذه العروض ممولة من قبل بعض رجال الأعمال، وأنّه ظنّ أنها خطوات قام بها التجّار لدعم الاقتصاد المحلي، ولإعادة الثقة بالليرة، وبأنّه أحسّ أنّه سيتعرض للتقريع ربما من المزاودين أو ربما للتخوين من بعضهم الآخر، لذا أعلن عن تضامنه مع الحملة بمئة قطعة ثياب بليرة واحد لكل قطعة، وتكبّد بذلك خسائر لا تقل عن 500000 ليرة سوريّة، وفوجئ عندما علم انّ أصحاب محال كثيرة قد تلقوا ثمن بضائعهم قبيل الحملة، وعندما حاول الوصول للداعمين تلقى تهديدات أمنية مباشرة بإغلاق محلّه واعتقاله فوراً.


كما سألنا (ح.ع.) عن عدد التجار الذين قد تورطوا بهذه العروض دون دعم فأجاب: (لا اعرف بالضبط، وأعتقد أن عددهم قليل، لكني أعرف أنّ الخسائر في هذه الايام لا تحتمل فالقدرة الشرائيّة منخفضة جداً والبضائع تتكسد، والدولة تزيد من ضرائبها يوماً بعد يوم)


هذا وبالرغم من اعتراف هيئات تابعة لسلطة الأسد بأنّ هذه الحملة لا تقدّم أي شيء للاقتصاد الوطني، وأنها فقط لرفع المعنويات لدى الأهالي، إلا أنّ قنواته الإعلاميّة ماتزال مستمرّة بتغطية هذه النشاطات وماتزال تحاول بث أفكار وهميّة حول دعم الاقتصاد بهذه الطريقة.

تبقى هذه الألاعيب هي البقية الباقية من قدرات سلطة الأسد في التحكّم بمجريات الأحداث، إذ إنّها تفقد كسلطات أمر واقع قدراتها الاقتصاديّة يوماً بعد يوم، وليس بعيداً ذاك اليوم الذي سترفع يدها عن دعم المحروقات والخبز، لتتحوّل لسلطة تلاحق الناس وتجمع الضرائب مقابل عدم الأذيّة كأي عصابة حكمت بقعةً من التراب يوماً.


أليمار لاذقاني 




مراجع


<1> احتجاجات الساحل السوري دوافع التأجيج وعوامل الإخماد- أليمار لاذقاني- جسور للدراسات – 7/6/2017/

https://jusoor.co/details/احتجاجات-الساحل-السوري-دوافع-التأجيج-وعوامل-الإخماد/291/ar


<1> https://www.facebook.com/baladinetwork2/videos/607404443157581/

شبكة بلدي الإعلاميّة- تصريح صحفي لرئيس هيئة الأسواق والأوراق الماليّة دز عابد فضليّة لراديو المدينة إف إم


 



 

العلامات

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!