الوضع المظلم
الأربعاء ٠١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط 2023.. مُسبباتٌ وآراء (1-2)

الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط 2023.. مُسبباتٌ وآراء (1-2)
سامي خاطر

الفوضى الخلاقة هي مصطلح سياسي يُقصد به تكوُّن حالة سياسية بعد مرحلة فوضى متعمدة الإحداث يقوم بها أشخاص معينون بدون الكشف عن هويتهم، وتعتبر الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط أمراً مسبباً للعديد من المشاكل والتحديات التي تؤثر على التوازن الاستراتيجي العالمي، ويشهد الشرق الأوسط منذ سنة 2023 حالة من الفوضى وعدم الاستقرار؛ جراء انتشار النزاعات المسلحة والخلافات السياسية في العديد من الدول مما تسبب في معاناة السكان من العنف والفقر والهجرة، وقد دفعت هذه الأوضاع العديد من الخبراء إلى الحديث عن مصطلح "الفوضى الخلاقة" كوصف لحالة الشرق الأوسط الحالية، وتعدد المُسببات التي أدت إلى إيجاد حالةٍ من الفوضى فيه، وفيما يلي بعض المسببات والآراء المتعلقة بالفوضى الخلاقة في هذه المنطقة.

المسببات:

التدخلات الخارجية: لعبت القوى الخارجية دوراً كبيراً في تعميق الأزمات في الشرق الأوسط حيث دعمت بعض الدول أطرافاً معينة في الصراعات مما أدى إلى استمرارها وعدم التوصل إلى حل، وبالتالي إلى زعزعة الاستقرار السياسي والأمني في تلك الدول.

الصراعات الداخلية: تعاني بعض الدول في الشرق الأوسط من صراعات داخلية مستمرة، من قبيل تلك الناجمة عن الفساد السياسي والاقتصادي مما أضعف قدرتها على إدارة الأزمات ومعالجة المشكلات، وأدى بالتالي إلى تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول.

العوامل الجيوسياسية: تلعب العوامل الجيوسياسية دوراً مهماً في الصراعات بالشرق الأوسط، حيث تتنافس القوى الكبرى على النفوذ في المنطقة الأمر الذي يساهم في تأجيج الأزمات.

الإرهاب: تُشكل صناعة وممارسة الإرهاب تهديداً كبيراً للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط إذ  يستهدف المدنيين والمؤسسات الحكومية والأمنية ويعمد إلى ضرب الاستقرار.

الآراء:

هناك آراء بين ما هو سلبي وما هو إيجابي تشير إلى أن الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط تعتبر نتيجة للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية وأن الحل يكمن في تحقيق الاستقلالية السياسية والاقتصادية لتلك الدول، وتختلف الآراء حول مفهوم "الفوضى الخلاقة" في الشرق الأوسط، فمنها من يرى أنه مصطلح سلبي يشير إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، ومنها من يرى أنه مصطلح إيجابي يشير إلى فرصة ودوافع للتغيير والتطور في الأفق.

الرأي السلبي

يرى أصحاب الرأي السلبي أن الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط تؤدي إلى مزيد من العنف والفقر والهجرة، حيث تتسبب في معاناة السكان من الأوضاع المعيشية الصعبة، كما أنها تؤدي إلى تأجيج الصراعات بين الدول مما يزيد من خطر اندلاع حروب جديدة.

وتشير بعض الآراء إلى أن الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط موجهة وتعود بالفائدة على بعض الدول الأجنبية التي تسعى لتحقيق مصالحها في المنطقة من خلال إحداث هذه الفوضى تحت مسميات عديدة.

وترى وجهات نظر أخرى أن الفوضى الخلاقة تعود بالضرر على الدول العربية حيث تؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في تلك الدول.

الرأي الإيجابي

يرى أصحاب الرأي الإيجابي أن الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى تغييرات إيجابية، حيث قد تدفع الدول العربية إلى إصلاح أنظمتها السياسية والاقتصادية مما يساهم في تحقيق التنمية والرخاء، كما أنها قد تؤدي إلى ظهور قوى جديدة في المنطقة مما يساهم في تحقيق التوازن بين القوى الكبرى.

خلاصة القول

يظل مفهوم "الفوضى الخلاقة" في الشرق الأوسط أمراً مُثيراً للجدل حيث يختلف الخبراء حول تفسيره وتقييمه، إلا أن ما لا شك فيه هو أن حالة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة تتسبب في معاناة السكان، وتتطلب جهوداً دولية لمعالجتها، وبشكل عام تعتبر الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط عاملاً مسبباً للعديد من المشاكل والتحديات التي تؤثر على التوازن الاستراتيجي العالمي، ويجب على الدول العربية العمل على تحقيق الاستقلالية السياسية والاقتصادية والتصدي للتدخلات الخارجية والإرهاب من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.

ملالي إيران يتبنون تنفيذ مشاريع الفوضى الخلاقة نيابة عن الأمريكان

بداية يعرف الجميع أن فكر (الفوضى الخلاقة) هو من نتاج النمطية السياسية الغربية المُتبعة تجاه الخصوم؛ تلك النمطية التي باتت لها مخططاتٌ ومشاريع ولها مراحلها وأدواتها الخاصة كما أنها ليست بجديدة على منطقة الشرق الأوسط فهي قائمة منذ قرون، وكان آخرها معاهدة سايكس بيكو التي غيرت خريطة المنطقة وطبيعتها بل وعبثت بهويتها أيضاً، وكان أحدثها الحرب الإيرانية العراقية، واحتلال الكويت، والحصار الجائر على العراق لإهلاكه وشعبه ومن ثم احتلاله وإبادته كلياً ثم تركه ينهض متعثراً وإن بُنى يُبني بناءاً مشوهاً بسبب ما لحق به من إبادة وما يعيشه كبلد مسلوب الإرادة تنهشه الفوضى الخلاقة التي أقامها الأمريكان وتركوها قائمة في العراق الذي سلموه هدية على طبق من ذهب لنظام ولاية الفقيه الذي سيكمل بدوره مشروع الفوضى الخلاقة في العراق والمنطقة بالوكالة عن الأمريكان، وتشير بعض المصادر إلى أن ملالي إيران يتكفلون أيضاً بمشاريع الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط، ويعتبر هذا الأمر مسبباً للعديد من المشاكل والتحديات التي تؤثر على التوازن الاستراتيجي العالمي،  وقد أبدع حرس الملالي في إدارة ملف الفوضى الخلاقة هذه وخلق المشاريع والكيانات التي تدعم توسعاته ليتخطى الأمر العراق ويصل إلى اليمن وسوريا ولبنان، ولا يحتاج سوى إنجاح إدارة ملفه، ويتحمل العراق الذي يئن شعبه من الفقر وتبعات الحصار والحروب والإرهاب والفساد الإداري وغياب الأمن؛ جزءاً لا بأس به من التكاليف المالية لمشاريع الفوضى الخلاقة التي تكفل بها ملالي إيران نيابة عن الغرب، وبشكل عام يجب على الدول العمل على تحقيق الاستقلالية السياسية والاقتصادية والتصدي للتدخلات الخارجية والإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، كما يجب على الجميع العمل على تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتجنب الإنجرار وراء الأجندات السياسية والمصالح الشخصية.

لطالما اتُهمت الولايات المتحدة بتنفيذ مشاريع الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط بهدف زعزعة استقرار المنطقة وفرض سيطرتها عليها، وبدا مؤخراً أن ملالي إيران يتبنون تنفيذ هذه المشاريع نيابة عن الأمريكان، وذلك من خلال دعمهم للجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية في المنطقة.

وتشمل مشاريع الفوضى الخلاقة التي ينفذها ملالي إيران ما يلي:

-التدخل في شؤون الدول العربية: يدعم ملالي إيران الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية في الدول العربية بهدف زعزعة استقرارها ونشر الفوضى فيها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك دعمهم لحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وميليشيات الحشد الشعبي في العراق.

-نشر السلاح في المنطقة: يوفر ملالي إيران الدعم اللوجستي والعسكري للجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية في المنطقة بهدف نشر السلاح والفوضى والنزاعات فيها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك تهريبهم للأسلحة إلى حزب الله والحوثيين وميليشيات الحشد الشعبي.

-تمويل الإرهاب: يمول ملالي إيران أيضاً الجماعات الإرهابية في المنطقة بهدف نشر الفوضى والاضطرابات فيها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك تمويلهم لتنظيم داعش وحركة طالبان.

-دعم حزب الله في لبنان: يدعم ملالي إيران حزب الله، وهو جماعة مسلحة شيعية تسيطر على جزء كبير من لبنان، ويسعى الحزب إلى خلق هيمنة لنظام الملالي شيعي في لبنان، وهو أمر يعارضه المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة.

-دعم الحوثيين في اليمن: يدعم ملالي إيران الحوثيون، وهم جماعة مسلحة زيدية تسيطر على جزء كبير من اليمن، ويسعى الحوثيون إلى الإطاحة بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وذلك أمرٌ يعارضه المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة.

-دعم ميليشيا الحشد الشعبي في العراق: يدعم ملالي إيران ميليشيات الحشد الشعبي، وهي ميليشيا شيعية تشكلت سنة 2014 بحجة مكافحة تنظيم داعش، ورغم أن الولايات المتحدة دعمت ميليشيا الحشد الشعبي في البداية إلا أنها تراجعت عن ذلك بعد أن أصبحت الميليشيا أكثر قوة ونفوذاً.

والجدير بالذكر أن ملالي إيران يسعون من خلال تنفيذ هذه المشاريع إلى تحقيق عدة أهداف منها:

-توسيع نفوذ إيران في المنطقة: يسعى ملالي إيران إلى توسيع نفوذهم في المنطقة من خلال دعم الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية.

-زعزعة استقرار الدول العربية: يتطلع ملالي إيران إلى زعزعة استقرار الدول العربية بهدف إضعافها وإرضاخها أمام النفوذ الإيراني.

-تعزيز مصالح إيران في المنطقة: الشغل الشاغل لملالي إيران هو تعزيز مصالحهم في المنطقة من خلال دعم الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية التي تسعى طائعة إلى تحقيق أهدافم الشيطانية.

-زعزعة استقرار الدول العربية: تسعى الولايات المتحدة إلى زعزعة استقرار الدول العربية بهدف إضعافها وجعلها أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة، ويُعد ملالي إيران إحدى الوسائل المتبعة في هذا المسعى.

-تعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة: تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال دعم الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية التي تسعى إلى تحقيق أهداف أمريكية.

-رفع العقوبات الأمريكية: تسعى الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران مقابل التزام ملالي إيران بشروط أمريكية منها ظاهرياً وقف برنامجها النووي، وما خفي كان أعظم.

-الحصول على ضمانات أمنية: يسعى ملالي إيران إلى الحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة مقابل التزامهم بشروط أمريكية.

-توسيع نفوذ إيران في المنطقة: يسعى ملالي إيران إلى توسيع نفوذهم في المنطقة.

إن مشاريع الفوضى الخلاقة التي ينفذها ملالي إيران نيابة عن الأمريكان تؤدي بالضرورة إلى زعزعة أمن  واستقرار المنطقة ونشر العنف فيها، كما أنها تؤدي إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية في المنطقة مما يُصعِّب من حلها وهو ما قد يقود إلى تركيع المنطقة ما لم تواجه نظام الملالي وتقضي عليه وعلى توجهاته من خلال دعم ثورة الشعب الإيراني ومقاومته.

ليفانت - د. سامي خاطر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!