الوضع المظلم
الثلاثاء ٣٠ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
العرب المُتحدة أم الأُمم المُتحدة
خالد الجاسر

مُعجمياً وقف العرب بدفتيه، أصلاً أصيلاً، كالماءُ شديد الصفاء وشديد الجريان، فكانت الفصاحة لسانهم المُبين، حتى صارت بعربيتهم من أقوى اللغات تعبيراً محفوظاً من قبل الخالق -عز وجل- حتى يومنا هذا، لتظل الروابط الأصيلة متأصلة في أعماق الأشقاء لتكون أكبر من أية خلافات بينية، تطفو بآلامها، لتتلاشى بمواقف رجولية عند الشدائد وخطوب الأيام التي تمر بها منطقتنا العربية وشرق أوسطه الكبير، فكم بدت الأصالة بحرب أكتوبر 1973م، وثورة يناير 2011 عبر القدرات السعودية وإخوانها العرب، لتكون كلمات الرئيس المصري معبرة عن ذلك ومُحذرةً من "أقلام وأفكار مغرضة" تسعى لإثارة الفرقة بين الأشقاء العرب. اللذين تضامنوا مع لبنان في حريق مرفأ بيروت 2020 المُدمر، لترتسم بأصالتها وقوفاً بزلزال الأيام الحزينة فبراير 2023 (شرق تركيا وجنوبها وشمال سوريا وغربها)، بخسائر فادحة، تلاشت أمامها المسافات والخلافات لنجدة الأشقاء في سوريا وتركيا، بهمة عربية كبيرة وغير عربية ضعيفة بقيادة الأمم المُتحدة، تندفع لأسباب إنسانية داخلها أهداف سياسية أو مصالح آنية، عكس ما حدث بزلزال مصر المفجع عام 1992، الذي وُجد فيه المنطق السياسي لا الإنساني من بعض هيئات الإغاثة.

لقد ضربت الحروب مناطق الصراع، والكل أمام شبح الموت سواء، وكأننا نُشاهد رسالة إلهية على الجميع الوقوف أمامها للاتعاظ وترك السلاح، فالحياة ليست مضمونة، فكم هلكت العراق وهلك معها شعبها، وخُربت لبنان وتشرد اقتصادها وأبنائها، وتلك ليبيا واليمن بفعل حروب لا تُبقي ولا تذر، فالإنسانية كلها تمخر عباب الحياة في قارب واحد وتجمع بين كل من عليه وحدة القدر والمصير، لذلك فالكوارث الطبيعية تجعل من الإغاثة بل وإغاثة الملهوف فيها مسألة عامة على العرب واجبة وعلى الغريب وادعة.

فمنذ وقوع المأساة السورية التركية، أعلنت 16 دولة عربية رسمياً إنشاء جسور جوية وتقديم مساعدات إغاثية وطبية عاجلة وللآن مستمرة ولا تقف، فالسعودية بتوجيه الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بذلك، بادرت بل وقامت حملات التبرعات الشعبية لإغاثة الأشقاء، إلى 1.4 مليون شخص، بحصيلة أولية تجاوزت 304 ملايين ريال (نحو 81.2 مليون دولار).. وسخرت مصر طاقاتها، وتبرعت قطر بـ50 مليون ريال قطري (14 مليون دولار)، وقبلها الجزائر بـ45 مليون دولار.

إنها العروبة لا غير والشهامة العربية ونخوتها لا يعلوها رجولة وكرامة وغيرة، للوقوف يد بيد مهما وقعنا بكوارث الحياة ونزغ الشيطان بيننا، فنحن المسلمون، ولا سوانا.

 

ليفانت - خالد الجاسر
 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!