الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • السياسة السعودية مواقف تحاصر التجارة بالقضية الفلسطينية

السياسة السعودية مواقف تحاصر التجارة بالقضية الفلسطينية
عبد العزيز مطر


إنّ الدعم السعودي للقضية الفلسطينية مستمر عبر التاريخ الحديث واتجاهاته يحتاج الكثير لتعدادها وشرحها، وأصداء هذا الدعم اللامحدود يتردّد حتى الآن ليلجم أبواق المتاجرين والمزايدين على موقف المملكة العربية السعودية من قضيتها الأم، والتي كانت وما زالت الهاجس الأكبر للسياسة السعودية، وهي الموجّه الأساس لسياستها وعلاقاتها على المستوى الدولي والإقليمي، بحيث يكون المعيار في علاقة المملكة مع محيطها الإقليمي والدولي هو موقف المحيط من القضايا العربية والإسلاميّة. السياسة السعودية


وعلى اعتبار أنّ القضية الفلسطينية هي أحد أهم القضايا السياسية السعودية، خارجياً وداخلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، ومنذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، فإنّ موقف المملكة العربية السعودية ينبع من سياسة ثابتة تقوم على تقديم الدعم الكامل للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، عن طريق تبنّيها من المملكة، قيادة وشعباً، في مسيرة طويلة ومتواصلة مليئة بالمبادرات والمساعدات وجميع أشكال الدعم والتضامن، هذه المسيرة من الدعم تفرضها عوامل كثيرة، أهمها الانتماء الواحد والتاريخ والدين.


وفي الخوض في التاريخ القريب لهذه السياسة من دفاع الساسة السعوديين المستميت عن القضية الفلسطينية، من أيام الملك الراحل فيصل، إلى الدعم الكبير واللامحدود للملك خالد، إبّان المحنة الفلسطينية أثناء الحرب اللبنانية، إلى المواقف المشرّفة للملك الراحل فهد من القضية الفلسطينية إبّان الانتفاضة الفلسطينية، وتقديمه الدعم الكامل لهذه القضية، ومنظمة التحرير الفلسطينية التي تمثلها، ولقيادتها المتمثلة بالزعيم الراحل ياسر عرفات، وإلى مبادرة الملك الراحل عبد الله عام ٢٠٠٣ حول السلام، التي استندت أساساً بكل تفاصيلها على جوهر واحد هو حقوق الشعب الفلسطيني، وجعلت من هذه الحقوق وتطبيقها سبيلاً لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط دفعة واحدة، وبشكل متكامل، بدون ارتهان أو تفريط بهذه الحقوق، بالإضافة لما قدمته المملكة من جهود وإمكانية لدعم توحيد القوى الفلسطينية، وتوحيد ممثلي الشعب الفلسطيني، والعمل على تقديم ممثلي الفلسطينيين للعالم كصفّ واحد، وبرؤية سياسية واحدة تجعل من تعاملهم وتعاطيهم مع المجتمع الدولي ومؤسساته الدولية أكثر قوة وفاعلية في طرح مطالبهم، ومطالبتهم بحقوقهم، وفق قرارات المؤسسات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.


إنّ الجهد الكبير الذي تبذله سياسة المملكة في عهد الملك سلمان، وولي العهد محمد بن سلمان، من أجل تحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني عن طريق استمرار الدعم لهذا الشعب وحكومته في المحافل الدولية والإقليمية، لما للمملكة من ثقل سياسي واقتصادي وعسكري في المنطقة، ولما لها من مكانة متقدمة على المستوى الدولي، في ظلّ زعامتها الشرعية والتاريخية للعالم الإسلامي، التي سخّرتها لخدمة القضايا العربية والإسلاميّة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بعيداً عن الاستعراض والضوضاء والشعارات الجوفاء.


إنّ السياسة السعودية في المنطقة العربية والإسلامية، تنطلق من توجّه ثابت، وهو الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية العادلة بدون تسيس هذا الدفاع لخدمة مصالحها على حساب المصلحة العامة للشعوب، التي ما زالت ترى في المملكة وسياستها الداعم الحقيقي لهذه الشعوب.


إنّ الدفاع عن القضية الفلسطينية لا يتطلب بروباجاندا إعلاميّة مثقلة بأهداف مريبة وأجندات مشكوك بها، وبعيدة عن التضامن الفعلي مع هذه القضية التي تاجر الكثيرون بها وسخروها خدمة لمصالحهم الضيقة، إن كانت حزبية، كما فعل الإخوان المسلمون، أو إقليميّة كما فعلت أطراف أخرى، تصدح ليلاً ونهاراً بدعم فارغ للقضية، وشعارات تضرّ بهذه القضية ولا تنفعها وتجعلها أسيرة طموحات ومشاريع إقليمية مشبوهة، كالمشروع الإيراني والأحزاب الإرهابية المرتبطة به، كحزب الله اللبناني والمشاريع الأخرى الحليفة لهذا المشروع.


ولا بدّ من الإشاره أنّ الضرر بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الذي تسببت به هذه المشاريع كان كبيراً، وساهمت به أطراف فلسطينية ارتمت بأحضان هذه المشاريع، وأوغلت في التماهي معها، بعيداً عن القضية المركزية وبعيداً عما نادت به هذه الأطراف منذ نشأتها، والشرح يطول عن هذه الأطراف التي فضّلت التحالف مع المشروع الإيراني وأنظمة الحكم الاستبدادي، رافعة شعارات فارغة عن المقاومة، وعن استعادة الحقوق التي ضيعتها بسبب التحالف مع هذه الأطراف، وبدؤوا منذ فترة بالهجوم على موقف المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية، في حين بقيت السياسة السعودية ثابتة من هذه القضية، وتسعى دوماً للبحث الجدّي عن حلول جذرية ترفع من معاناة الشعب الفلسطيني ولا تتعارض مع متطلبات الدفاع عن القضية، هذا المبدأ في السياسة الذي لا يتجزّأ بالنسبة لسياسة المملكة، التي كانت وما زالت في واجهة كل عمل لنصرة فلسطين والشعب الفلسطيني، دون جلبة مفتعلة وزوبعة مصطنعة وغبار هنا وهناك، هذا جميعه ما صنع الفرق بين سياسة المملكة الثابتة، وبين آخرين تاجروا بهذه القضية منذ عقود، وجعل الجميع، العدو قبل الصديق، ينظر باحترام كبير لسياسات المملكة العربية السعودية في المنطقة، بشكل عام، والقضية الفلسطينية، بشكل خاص.


إنّ جميع اللاعبين الفاعلين في المنطقة يدركون تماماً الثقل التي تتمتّع به السياسة السعودية ووزنه، والقدر الكبير من التأثير في القضية الفلسطينية، وقدرة هذه السياسة في التعاطي مع المجتمع الدولي والتأثير في المؤسسات الدولية خدمة للقضية الفلسطينية، مهما حاول الكثيرون النيل من هذا الموقف ووصمه بالصمت التطبيعي، وغيره من هذه الادعاءات الكاذبة والاتهامات الباطلة والمزيفة التي تصدر عن أطراف ومشاريع مشبوهة، كالإخوان وإيران، والفلك المحيط بهما من سياسات إقليمية قام بتعريتها وفضحها الواقع الحالي والسابق.


إنّ المواقف الأخيرة للسياسة السعودية تأتي في إطار النأي بالقضية الفلسطينية عن المزايدات السياسية والاستعراضات المجانية الهزيلة، والبحث بحرص شديد عن السبل الكفيلة باتخاذ خطوات سياسيّة دبلوماسية ملموسة للمضي في تحقيق أهداف وطموحات الشعب الفلسطيني، في العيش على ترابه وفق قرارات الشرعيّة الدولية، وتفعيل هذه الخطوات ضمن الإطار العام لمسألة السلام في الشرق الأوسط، وهذا الحرص جعل من السياسة السعودية لا تغيب عن أيّ فعالية سياسية دولية أو إقليمية تطرح من خلالها قضيه الشعب الفلسطيني، وتؤكد على دعمه من أجل نيل حقوقه المشروعة، وصولاً لخارطة طريق تؤدّي في النهاية لتحقيق السلام العادل والشامل وفق قرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة.


ومن الإجحاف الكبير بحق هذه السياسة هو انتقادها وانتقاد ماقدمته المملكة العربية السعودية من دعم مادي ومعنوي كبير للشعب الفلسطيني، منذ بدايه هذه القضية السياسة التي كانت سنداً قوياً للفلسطينيين بجميع توجهاتهم، دون التمييز بين مكون أو اتجاه أو حزب فلسطيني.


مسار تضامني طويل خالٍ من المزايدات ومن حسابات الربح والخسارة، التي حوّلت القضية لدى العديد من البلدان الإقليمية إلى ملف مساومة ومزايدة، هذا المسار الذي ينطلق ويستمد قوّته من المكانة الكبيرة للمملكة العربية السعودية وزعامتها التاريخية، بلا منازع، للعالم الإسلامي، ومكانتها الروحية في قلوب مسلمي العالم، وثقلها العربي وإمكانياتها الاقتصادية الكبيرة التي ما زالت الداعم الحقيقي لقضايا الشعوب العربية والإسلامية. السياسة السعودية


ليفانت – عبد العزيز مطر  








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!