الوضع المظلم
الخميس ٠٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
السودان و
إبراهيم جلال فضلون (1)

إنها المرحلة الصفرية وإعلان الإفراط الأمني بآثاره الكبيرة على الشعب السوداني كافة، وسط مرحلة انتقالية مختلفة تشكل نقطة فاصلة لإجراء عملية سياسية بين بني الجنس الواحد والفصيل الحامي العسكري وميليشيا قوات الدعم السريع للنزول إلى ساحات أرض وطنهم، لتدور رحى القتال وبينهم أرواح المدنيين والوطن كافة.

فالوضع العسكري قادر على إدارة الدفة كونه القوة الوحيدة الموثوق بها، في الصراع السياسي، كما وثق الشعب المصري بقواته المسلحة، أما "حميدتي" وقوات الدعم السريع التي شاركت النظام السابق، وعملت على تهميش الجميع لأجندتها الخاصة كما فعل التنظيم الإخواني بمصر وليبيا، حتى وصلت إلى هذه الأعداد وهذه القدرات العسكرية، وزُين لهم أنه من الممكن أن يمتلكوا السُلطة، لكن لا يمكن أن يكون هنالك جيشان ينتشران في ساحة واحدة دون أن يكون القوة لأحدهما، ويبدو من الأحداث المُفاجئة التي حدثت أنه لا توجد أي عقلية عسكرية تأسست لدى قيادة الدعم السريع، لفشلها السيئ في إدارة العمليات التي كانت تديرها أثناء النظام السابق، في دارفور بدءاً من عام 2003 عندما حشد الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي توسع في استخدام هذه التشكيلات شبه العسكرية منذ عام 1994، مُستخدماً إياها لمحاربة مُتمردي دارفور 2003، لتكون ميليشيات "الجنجويد" مرادفاً لها والمأخوذة من اختصار عبارة "جن يركب جواد"، والتي اتهمت لاحقاً بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية والتطهير العرقي.

وبحلول 2010 لقيت هذه القوات دعماً مباشراً من البشير وصارت قوة عسكرية موازية مكونة من حوالي 40,000 مقاتل ومجهزة بالعتاد والسلاح، بل وكان لها دور في الإطاحة بنظام عمر البشير نفسه عام 2019، لتتحول من ميليشيا إلى جدل الدمج مع القوات المسلحة التي تعتمد بالمقابل في قيادتها وفي تخطيطها وفي تكتيكها وأجهزتها الأمنية والمخابراتية وفي تحركاتها وكل المعارك التي خاضتها في الفترات السابقة، على منهجية منظمة في الإدارة.

أجل هناك استهانة في المقابل بقدرات الجيش، حتى تتحرك قوات الدعم السريع وتُحاول السيطرة على أماكن حيوية بهذا الشكل الذي أشعل المشهد عسكرياً في البداية وهو الخروج من الثكنات وفقدانه الأعصاب وتوبيخ قائد الجيش "البرهان" مما يُنبئ بفشله وعدم مقدرته على الصمود لفترة طال أمدها أو قصُر هو الخاسر فيها، هذا التصريح يعني شيئاً من العدم يعني مدى جاهليته بالحرب وسوء مسألة التقديرات لها، خاصة أننا إذا نظرنا إلى البرهان فهو حاضر في مقدمة المشهد السياسي وهو عسكري منضبط.

غير أن الأحداث لم تنفصل عن مسارها الدولي الذي ندد بها، لا سيما من المحيط العربي الخليجي، حيث طلبت القاهرة والرياض اجتماعاً طارئاً للجامعة العربية حول اشتباكات السودان تأسيساً على فقرة بنظام الجامعة تنص على إمكانية انعقاد المجلس عند الضرورة في دورة غير عادية بناء على طلب دولتين من الأعضاء؛ لبحث سبل نزع فتيل الأزمة الراهنة، والعمل على استعادة الاستقرار إلى دولة السودان الشقيقة في أسرع وقت.

فلنترحم على الأرواح البريئة التي أزهقتها هذه المغامرة المُتهورة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، ودعواتنا للمصابين، وصبراً أهل السودان الشقيق فالوحدة خير رأي وبشراكم شعبنا الصابر الأبي في تلك الأيام المباركة.

ليفانت - إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!