الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • الدور الاستراتيجي للسعودية في العالم: من التأسيس للتوحيد إلى الريادة

الدور الاستراتيجي للسعودية في العالم: من التأسيس للتوحيد إلى الريادة
عيسى آل فايع

المملكة العربية السعودية اليوم تمر بمنعطف مهم استراتيجياً، حيث تقطف ثمار جهد الآباء والأجداد الذين أمضوا حياتهم في البناء بعد أن أسسوا الدولة منذ ثلاثة قرون على يد الإمام محمد بن سعود رحمه الله في (الدرعية) العاصمة الأولى للدولة السعودية، وفي ذات الوقت تتطلع لاستعادة دورها المحوري عربياً وإسلامياً ودولياً، على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية.

فعلى الصعيد السياسي تتمتع المملكة بثقل في القرارات السياسية المتعلقة بأمن منطقة الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط وإخماد الصراعات ومكافحة الإرهاب وتتمتع بقبول لدى الأطراف المتنازعة، وعلى ذلك أدلة سواءً على المستوى العربي أو في شمال وشرق أفريقيا أو حتى خارج المنطقة مثل التوسط في النزاع الروسي الأوكراني. وتضع المملكة ثقلها أيضاً في القضية الفلسطينية حيث فرضت على إسرائيل والقوى الغربية التي تدعمها، القبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب المبادرة العربية ٢٠٠٢م التي بدأت سعودية في الأصل، في إطار بحث عن حل شامل وعادل للقضية المحورية مما يسهم في إعادة الأمن والاستقرار والازدهار للمنطقة. كما برز دور المملكة في إعادة الأمن والاستقرار للدول التي تعرضت لثورات "الربيع العربي" مثل تونس ومصر والبحرين وسوريا واليمن، والإسهام في استقرار العراق من خلال التواصل الدبلوماسي والثقافي والرياضي والدعم الاقتصادي.

وعلى الصعيد الاقتصادي تدير المملكة اليوم ملف الطاقة عالمياً بكل اقتدار بحكم مسؤوليتها في منظمة أوبك بلَسْ، مما يسهم في استقرار أسواق الطاقة. كما بدأت المملكة بتصدير تقنيات جديدة في صناعة الطاقة النظيفة، تماشياً مع مبادرة (السعودية الخضراء) و (الشرق الأوسط الأخضر)، حيث تتكامل هذه المبادرات مع مبادرات رؤية السعودية ٢٠٣٠ التي تشكل البرامج الاقتصادية معظم برامجها. وقد بدأت تتشكل معالم مشاريع كبرى مثل (نيوم) و (مشاريع البحر الأحمر) و (أوكساجون) و (القدية) و (المربع) وغيرها، إضافة إلى المدن الاقتصادية وأكثر من (٥٤) مركزاً لوجستياً في مناطق المملكة، لتكون المملكة محطة لوجستية تربط الشرق بالغرب من خلال موقعها الجيواستراتيجي الذي يتوسط قارات العالم القديم الثلاث. وتتبوأ المملكة مكانة مهمة ضمن مجموعة العشرين وتطمح إلى أن تكون ضمن العشر الأوائل بحلول عام ٢٠٣٠م.

وعلى الصعيد الثقافي استطاعت المملكة اليوم أن تقود العالمين العربي والإسلامي إلى حالة من التضامن في المواقف والاعتدال في التعامل مع القضايا الثقافية المشتركة وخصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع الحضارات والثقافات الأخرى. وينطلق موقفها من كونها حاضنة الحرمين الشريفين ومنطلق الثقافة العربية والرسالة المحمدية. وتترأس المملكة منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، وتولي طباعة المصحف الشريف وتوزيعه مفسراً بلغات العالم وأبحاث السنة النبوية اهتماماً بالغاً. وتعمل على التعاون الثقافي الخليجي من خلال قيادة مجلس التعاون الخليجي، والتعاون العربي من خلال جامعة الدول العربية. وفي مجال مكافحة التطرف والإرهاب أنشأت المملكة عام ٢٠١٥م التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب ومركز (اعتدال) لمكافحة التطرف عالمياً. وتطمح المملكة إلى نشر ثقافة السلام والتسامح في الأوساط الدولية فضلاً عن المجتمعات المحيطة بها، وذلك عن طريق تعزيز التواصل الثقافي والمعلوماتي وتعزيز ثقافة الابتكار حيث تحتل المملكة اليوم المركز الأول عربياً، كما تحتل المركز الأول في الشرق الأوسط من حيث الحكومات الرقمية.

هذا مجمل ما يمكن تلخيصه من منظور استراتيجي حول ما حققته المملكة العربية السعودية منذ ثلاثة قرون من تأسيسها، وما تتمتع به من مقومات استراتيجية لتصنع مستقبل أجيالها بثقة وهمة عظيمتين بهمة جبل (طويق) كما وصفها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن سمو ولي العهد عندما سئل في أحد مقابلاته المتلفزة عن عتاده الذي يراهن عليه لتحقيق رؤية السعودية المستقبلية فأجاب: (الشعب السعودي).

ليفانت - اللواء المتقاعد/ عيسى آل فايع

متخصص في الشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!