الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الحرب الروسيّة على أوكرانيا وضريبة السوريين المضاعفة

الحرب الروسيّة على أوكرانيا وضريبة السوريين المضاعفة
روسيا- أوكرانيا

دفع المواطن السوري ضريبة مضاعفة لحرب مستمرة منذ عام 2011، ويدفعها اليوم في الحرب الروسية على أوكرانيا بوسائل كثيرة.

أنجلينا جولي، سفيرة النوايا الحسنة في الأمم المتحدة، قالت: بينما لم يلجأ مواطن أوكراني واحد، كان هناك 82 مليون لاجئ في العالم، منهم أكثر من ستة ملايين لاجئ سوريّ. داعيةً إلى التعاطي بمساواة وعدل على مستوى العالم، في إشارة واضحة لمن يدفعون الضريبة الأعلى للحروب؛ حتى وإن كانت بعيدةً عنهم.

يتابع السوريون دفع الفاتورة الأكبر لهذا العصر، وذلك سواء من خلال تعطيل القرارات الأممية بالحل السياسي من قبل روسيا أممياً، واليوم تستغل حاجة الشباب السوري لترسل به روسيا كمرتزقٍ إلى أوكرانيا وسط انعدام السُبل وتخبّط الأخلاق الذي خلّفته حربه الطويلة. وصولاً للأزمات الكبيرة المتلاحقة في الداخل السوري، وأزمة السلطة القائمة المؤيدة لحليفها الأكبر بحربه لتصحيح التاريخ حسب قوله. غبر آبهٍ بما يجرّ ذلك على المواطن الذي تعوّد على النزوح الداخلي تحت ضربات السلطة وحلفائها.

الآن بعد الانهيار المتسارع للاقتصاد، المعتمد أساساً على حلفائه روسيا وإيران، والانعكاس الضخم لأثره السلبي على المواطن لسدّ حاجاته الأساسية، فاعتماد سوريا على الأسمدة والزيت والقمح الروسي والأوكراني، يزيد من كوارث سوريي الداخل.

 لطالما برر النظام أزماته بالحصار الاقتصادي الطويل، وهنا تكمن المناوشات بين مبررات النظام وما هو واقع فعلاً، لكن النتيجة واحدة، وهي الضريبة الكبرى على المواطن. حيث شهدت الأسواق غلاءً إثر غلاء، بدءاً بالدواء الذي ارتفع لأكثر من 70%، والمستوردون يطالبون بالمزيد، بحجة تغطية نفقات إجازات الاستيراد بالعملة الصعبة، مرددين بأن النظام لا يلبي حاجتهم منها، خوفاً من تهريبها خارجاً. وصولاً لارتفاع كافة أسعار المواد الأساسية، كالسكر والحبوب والوقود واللحوم. فخلال أسبوع واحد انقطعت مادة الزيت من الأسواق وعليها يعتمد أغلب السوريين في طعامهم، أثناء ذلك ارتفعت الأصوات لتكشف عن الفساد في الجانب الحكومي، لاسيّما أهل الكار ذاته، حينما صرّح عضوٌ بغرفة تجارة دمشق بأن تجارة الزيت محتكرة لتجار المؤسسة السورية للتجارة الداخلية التي تباع عبر البطاقة الذكية لصالح زوجة رأس النظام.

ليطلّ وزير التجارة الداخلية نافياً ومعلّلاً بأن هناك تسعة معامل توزّع عليها الكميات المستوردة ومن خلال أرقامه، يظهر أنّ كلفة الليتر الواحد لا تتجاوز 4 آلاف ليرة، بينما يصل سعرها في الأسواق إلى 13 ألف أو تتجاوز ذلك.

يتساءل المواطن عن هذا الفارق الهائل بين التكلفة والمبيع، والذي يفوق أي تكلفة في العالم كلّه، ففي روسيا التي تحارب الآن لم يصل سعر الليتر إلى 3 آلاف ليرة، وفي أوكرانيا التي تقع عليها الحرب، ما زالت تصدّر الزيت.

كل هذا يثبت الميل لوجهة نظر المواطن السوري باحتكار هذه المادة وغيرها. فمن المعروف عبر عقود سابقة احتكار بعض المواد الأساسية لعدد من الأشخاص كواجهة للعائلة الحاكمة أو بشكل مباشر، فالدخان الأجنبي حكراً على ماهر شقيق رأس النظام، وتجارة الموز والحديد والبناء وغيرها. وتجارة المواد النفطية لقاطرجي، المعروف بولائه للعائلة الحاكمة.

ولا أدلّ على ذلك من احتكار توزيع السلع عبر البطاقة الذكية، ليكون النظام تاجراً وسمساراً بالوقت نفسه بين الأسواق الداخلية والأسواق الخارجية، متحكّماً بعيش المواطن، مدّعياً ضبط الأسواق وحركة التجارة وحماية المستهلك، مبرراً الغلاء أحياناً بارتفاع سعر الصرف العالمي، أو ارتفاع ثمن المواد عالمياً.

اقرأ المزيد: صعوبة في إجلاء مدنيي ماريوبول

وإذا ما قيل له ارفع الدعم ووزّعه على مستحقيه، يماطل ويلجأ إلى المعادلة الصفرية، حسب رأي بعض المحللين، فتبقى الخزينة والمواطن بحالة فقر، فقط من أجل الحفاظ على القوة الشرائية الهزيلة للمواطن. وإذا ما تمّ رفع الدعم فستحلّق الأسعار لمستويات عالمية لا يستطيع المواطن مواكبتها، ولا تستطيع الحكومة إمداد المواطن بالتعويض المالي المناسب. لكن من جهة ثانية تضيع فرصة الاحتكار والربح المضاعف على رؤوس النظام.

اقرأ المزيد: السعودية تضبط 1.27 مليون حبة كبتاغون في شحنة فواكه

يبقى أنّ المواطن السوري، حسب إحصائيات الأمم المتحدة، يحتاج إلى أكثر من 800 ألف ليرة سورية شهرياً لسدّ احتياجاته الأساسية، وهذا يفوق بعشرة أضعاف مستوى الدخل المتوسط لأيّ مواطن. فإلى أيّ حدّ سيبقى المواطن السوري (صامداً) كما يريده نظامه (الممانع) وهو الذي يصطف بالآلاف على أبواب الهجرة والجوازات؟ وإلى متى سيدفع فواتير الحرب، سواء من نظامه الحاكم أو حلفائه، مع العلم أننا ما زلنا في بداية الحرب التي تنذر بالمزيد من الخسائر والانهيارات على مستوى العالم، فكيف على مستوى اقتصاد هزيل ومواطن هشّ كالمواطن السوري؟ وهل سينعكس ذلك على حراك السوريين ومظاهراتهم كالتي شهدتها محافظة السويداء؟

أمّا حكاية القمح ورغيف الخبز فتبقى الحكاية الأمرّ التي تنتظر مَن يرويها ويروي حكاية المجاعة القادمة.

ليفانت - سالم المعروفي

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!