الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • البارزانية نبتة غرسها الأب الروحي وسقاها الابن المقدام

البارزانية نبتة غرسها الأب الروحي وسقاها الابن المقدام
عز الدين ملا

نستغرب كثيراً عندما نرى نبتة تتحدى قسوة الحياة تنمو وتخرج من جوف شق من شقوق صخرة ضخمة، ونشاهد كيف أن النبتة تتألق اخضراراً وجمالاً. وما يزيد من دهشتنا أن النبتة وبهذا الرونق تحتاج إلى تربة وماء وهي في مكان لا تتوفر هذه الظروف، ومع ذلك تكبر وقد تصبح شجرة وتعمّر لسنوات وقرون، وهذا الاستغراب يتلاشى ويضمحل عندما يتواجد الأمل والاصرار عندها، وتقاوم الجفاف وصلابة الصخرة، دون أن ننسى إلى حكمة وقدرة ربانية.

البارزانية رائحة الإنسانية

البارزانية تشبه كثيراً هذه النبتة، حيث يلاحظ في منطقة تشبه إلى حدٍ كبير صحراء جرداء قاسية تحمل في طياتها مختلف السياسات اللاإنسانية من الاستبداد والتعصب والظلم وانعدام الضمير والقهر والذل، وكذلك الصلابة في العقلية الشرقية المتعطشة إلى الإقصاء وعدم تقبل الآخر، في وسط هذا الصحراء البشعة والصلابة العقلية تتلألأ نبتة تفوح منها رائحة الإنسانية والمحبة والتسامح، نبتة البارزانية، التي غرسها الأب الروحي للكورد الملا مصطفى البارزاني، وسقاها وجذّرها القائد مسعود البارزاني.

البارزانية ونصرة الإنسانية

وفي المقابل هناك عبارة تُقال، إن من سمع ليس كـ من رأى، هذه العبارة يُسقَط على من فعل خيراً أو حدث كبير أو من قام بشيء عظيم، وسماع الأفعال الخيّرة يتناقله الإنسان جيل بعد جيل، والأهم عندما تكون تلك الأفعال عن طريق المشاهدة بالعين المجردة ليس في منطقة محدودة بل على مرأى العالم أجمع، تُعتبر توثيقاً وتأكيداً على مصداقية تلك الأفعال، أمّا الأفعال الشريرة دائماً وأبداً تتهاوى وتسقط في مزبلة التاريخ.

ومن هنا نلقي نظرة إعجاب ليس فقط الكورد بل العالم أجمع على اللهفة الإنسانية لدى البارزانيين إلى مساعدة ومناصرة المظلوم والملهوف في كل حدث أو مأساة، ومن السباقين وأينما كان دون التفريق في المذهب أو العرق. كما ويرى البارزاني أنه من الواجب عليه تحمل مسؤولية الكورد أينما كانوا، ومن هذا المنطلق سارع البارزاني إلى تأدية المسؤولية والواجب الملقى على عاتقه تجاه أبنائه وإخوته الكورد في شمال وغرب كوردستان -هم الآن أحوج أكثر من أي وقت مضى إلى حضنه الدافئ- بتوجيه إيعاز إلى مؤسسة بارزاني الخيرية للقيام بالمهام الإنسانية الموكلة إليها، فكانت قوافلها تتلاحق تباعاً لتقديم الدعم المادي والمعنوي، السرعة في اتخاذ القرار وتلبية النداء أحد صفات البارزاني الكثيرة، فكان نسيم البارزاني الدواء والبلسم الشافي لجميع جروح الكورد في طرفي الحدود التركية والسورية وبالأخص الكورد العفرينيين. 

ذرات تراب كوردستان تهلهل فرحاً لسماع اسم البارزانية

صور كثيرة تتكلم عن البارزنية وتُعبِر عما يجول في عقل وقلب كل إنسان يعيش في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة أجزاء كوردستان الأربعة، والصورة الأحدث كان مشهد ذاك المسن العفريني الذي استقبل قافلة مؤسسة بارزاني الخيرية وهو يصرخ شوقاً ودموع الفرح تنهمر على وجنتيه، والغصة والحسرة التي اعتصرت قلبه لبقائه وحيداً دون سند سنوات عديدة، هذا المشهد له معاني ورسائل كثيرة، منها ما يتعلق بمصيره كـ عفريني الذي يعيش في حقل من ألغام ممارسات الفصائل المسيطرة على عفرين ضدهم وضد وجودهم، وتغيير ديمغرافيتهم. والذي يتعلق أيضا بالسياسة الكوردية السورية والمتمثلة بقواه السياسية وإدارة ظهورهم لكل ما جرى ويجري بحقهم. والأخرى تتعلق بـ اللهفة البارزانية التي فعلت المستحيل لغرس وجودها في عفرين وحضن أهلها لتخفيف معاناتهم، وما حصل دليل قاطع وبجدارة على أن البارزانية ليست حزباً أو كياناً نشأ في البقعة الجنوبية من كوردستان، بل روح الكوردايتية والإنسانية التي تتنقل من ذرة تراب إلى أخرى في أقصى كوردستان إلى أقصاه، وعند رؤية أو سماع اسم البارزانية ليس فقط مشاعر الكورد تتحرك، بل كل ذرة من تراب الوطن تهلهل فرحاً وابتهاجاً، فتخرج الأرض من جوفها أجمل الثمار والأزهار.

كل هذا الاندفاع الكوردي نتيجة الإخلاص والتفاني والنبل والوفاء والتضحية والحنكة السياسية والخبرة العسكرية الذي يرافق اسم البارزاني، كل ذلك لم يأتِ من فراغ فقد اُثبتت هذه المدرسة جدارتها في تحمّل المسؤولية والأمانة وتحمّل القضية الكوردية ورايتها منذ نضال الأب الروحي للكورد الملا مصطفي البارزاني، هذه الأمانة التي انتقلت إلى القائد مسعود البارزاني، الذي لا يغفل له جفن حينما يتعرض أي كوردي أو أي منطقة كوردية إلى تهديد أو كارثة، كما يحدث الآن في المناطق الكوردية التي تعرضت للزلزال.

البارزانية بلسم الجروح الكوردية

منذ الكارثة الزلزالية التي تعرضت لها المنطقة في طرفي الحدود السورية والتركية، وأودت بحياة عشرات الآلاف وجرح مئات الآلاف من المدنيين والقائد مسعود البارزاني في استنفار كامل، ويعطي تعليماته وتوجيهاته، وكذلك تواصل شخصه الكريم بشكل مباشر مع طاقم مؤسسة بارزاني الخيرية لمعرفة سير العمل في تقديم الدعم المادي والمعنوي، كما ويرسل تطميناته إلى العفرنيين بعدم التخلي عنهم، وزاد من معنويات العفرينيين فتح مقر رسمي للمؤسسة فيها، مما رفع من سعادة الكورد ليس فقط في عفرين، بل في كافة مناطق تواجدهم، كل هذه الأعمال ضمّد جراح كورد كورداغي وجيايي كورمانج الذي نزف في الزلزال وكان ينزف خلال السنوات الماضية.

لذا، المدرسة البارزانية غنية عن التعريف بوفائها وإخلاصها وتضحياتها في سبيل شعبهم، وليعلم كل كوردي أنّ من يحمل أمانة هذه المدرسة البارزانية على عاتقه في الدفاع عن قضيته وشعبه يجب أن يكون على قدر تحمّلها، وان لا يتوانى ولا يتخاذل لحظة واحدة في استغلال الفرص لتحقيق الآماني الكوردية بالحوار وشرح القضية الكوردية للآخرين بالطرق الديمقراطية والسلمية، وإن حصل اعتداء، عليه ألا يجبن ولا يُفرّط بالحقوق الكوردية، بل أن يفعل كما فعل البارزاني، بأن أي شيء يساوم عليه إلا كوردستان وقضية شعبه المظلوم.

البارزانية رمز التسامح والمحبة

إن انفتاح البارزاني على العالم من خلال بناء أقوى العلاقات مع الدول المتحكمة في العالم على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لإدراكه انه بوجود الأصدقاء فقط تكون ديمومة المكتسبات. والآن نرى النتائج حيث قدرته على دعم الكورد في المناطق المتضررة بالزلزال، وإرساله مؤسسة بارزاني الخيرية وبكامل طاقتها عبر الحدود التركية إلى أبنائه الكورد في كوردستان الشمالية ومنها أدخلها إلى كوردستان الغربية في وقت لم يجرؤ العالم بالدخول إليها لوجود فصائل وميليشيات مصنفة لديهم بالإرهابية، كـ هيئة تحرير الشام وغيرها.

كرر البارزاني هذا العمل البطولي في السابق، عندما أرسل البيشمركة إلى كوباني مع الأخذ بعين الاعتبار تجاوز الحكومة المركزية العراقية ومرور قوات كوردية مع رفع أعلام إقليم كوردستان في دولة لا ترحب بالوجود الكوردي وتجاوز الحدود السورية والتي تعتبر المحور الإيراني المعادي للكورد، لمساعدة مدينة كوردية من الهجمة الداعشية الإرهابية وأمام أنظار العالم.

ومن هنا اعتبرت شخصية البارزاني رمزاً للإنسانية والتسامح، واكتسبت شعبية كبيرة في الأوساط المحلية والإقليمية والدولية، هذه المدرسة استطاعت فرض نفسها على الأعداء قبل الأصدقاء، وأصبحت لاعباً فعّالاً في العراق ومنطقة الشرق الأوسط ومصدر أمن لدول إقليمية وعالمية كبيرة.

البارزاني ولملمة البيت الكوردي

ما أعطى البارزاني الجدارة في فرض كارزميته واحترامه وحبه في قلوب الكورد هو تحمّله للمسؤولية في الدفاع عن أي جزء من كوردستان دون أن يفرق بينها، وقدرته على احتواء البيت الكوردي ومحاولاته الحثيثة على لملمة البيت الكوردي ومنعهم من الاقتتال الداخلي. وكما أثبت للجميع أنه لاعب فعَّال ويستطيع اللعب وأخذ القرارات وتنفيذها دون خوف.

وعليه، أعتقد أن مثل هكذا شخصية وهكذا صفات من النادر ان تجده بين شعوب أو أقوام، وفي العراق ومنطقة الشرق الأوسط يعتبر شخصية البارزاني من الشخصيات الفريدة التي يحتذى بها ومحل تقدير واحترام، وهذا محل فخر وعز للكورد وللشعوب المتعايشة معها، فمن واجب الكورد في أجزاء كوردستان الأربعة الاقتداء به، وخاصة الكورد في غرب كوردستان، والسير على نهجه نهج الكوردايتي نهج البارزاني الخالد إن أرادوا الخلاص من سنوات الظلم والقهر وتحقيق الأماني الكوردية في كوردستان سوريا.

 

ليفانت - عز الدين ملا

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!