الوضع المظلم
الإثنين ٠٦ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الاخوان المسلمون والخمينيّون - الشينيّون
وسيم أبازيد

باختصار يمكن لأي باحث بسهولة وبجهد بسيط ان يجد الأدلة على ان الحكم في إيران هو النسخة الشيعية لحكم الاخوان المسلمين السنّي الموعود، فالخميني باعترافه طبّق حرفيّاً وصفات حسن البنا وسيد قطب في "الحاكمية" وتكفير الحكومات والرغبة بترسيخ الحكم الاستبدادي المتشدد تحت ذريعة "تطبيق الشريعة"، وحيث أن المرشد الأعلى الحالي خامنئي هو من ترجم كتب سيد قطب "المستقبل لهذا الدين" و"الإسلام ومشكلات الحضارة"، وهي توزع مجاناً لحد اليوم على الإيرانيين، وتعد منهاج تعليم لدى الحرس الثوري الإيراني.




ليست القضية هي ارتباط أيديولوجي فحسب، بل إن حكم الملالي في إيران مرتبط بجماعة الإخوان تنظيميا وسياسياً أيضاً، وهذا ما يبرر العلاقات العضوية والعميقة بين أنظمة الحكم الاخوانية في تركيا وقطر ومصر- مرسي وقطر وكذلك إيران وكأنها تتلقى تعليماتها من مصدر واحد.




بدأت تلك العلاقة منذ عام 1938 عندما التقى حسن البنا بالخميني في مصر، ولاستحالة قبول انتساب الخميني لجماعة الاخوان المسلمين لأسباب مذهبية تم الاتفاق على ان يكون الخميني هو رأس الجماعة في إيران (ما يبرر تسميته لنفسه بـ "المرشد الأعلى" وليس "المرشد العام" كما عند الاخوان كي لا تتعارض مهامهما، مما يدل انهما في نفس التنظيم ولكنه من شقين: سني وشيعي ، أي "تنظيم شيني")، وتم الاتفاق على تأسيس دار التقريب ( المقصود التقريب بين السنّة والشيعة، ربما للتمهيد لدمج جناحي الاخوان )، وارسل الخميني في العام 1939 أحد أقطاب الشيعة في إيران تقي الدين القمي الى مصر لإنشاء الدار، واستقر في منطقة الزمالك في القاهرة وأقام فيها واصطحبه حسن البنا لشيوخ الأزهر لمناقشة التقريب بين المذاهب، ولكن الفكرة توقفت لظروف بداية الحرب العالمية الثانية، إلا أن تقي الدين القمي عاد لمصر مرة أخرى في العام 1947 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، والتقى حسن البنا لبدء تنفيذ دار التقريب، ولكن قوبلت الفكرة بمعارضة شديدة من محب الدين الخطيب، أحد أساتذة حسن البنا وأحد أقطاب جماعة الإخوان، والذي اتهم البنا بالخيانة والعمالة والتآمر وقال إن حسن البنا تلقى تمويلا كبيرا من إيران.




واستمر التنسيق بين "شقيّ الإخوان" في إيران وفي المقابل في باقي الدول العربية مروراً بالعام 1979 عندما قامت الثورة الإيرانية، واستطاع الخمينيّون التسلّق على الثورة الشعبية والوصول للحكم، وتأييد الاخوان المسلمين لهم، باعتبارها نصراً لجناحهم الشيعي في التنظيم، وبدأوا بترويج أن الخميني هو المثل والنموذج. وبعد الثورة رُوِّج للعلاقة على أنها تحالف استراتيجي، حين بدأت إيران تدعم الحركات السنية لغرض فرض مشروعها في المنطقة وتقويته، واستنسخت تيارات شيعية كثيرة هيكلة تنظيم الإخوان لتأسيس أحزابٍ أصولية، كما أن وفداً من الإخوان التقى بالخميني في مقر إقامته فرنسا قبل عودته لطهران، واتفقوا معه على أن تكون هناك جماعة سنية في إيران تابعة لجماعة الإخوان، وهذا ما تم فعلاً بعد حيث تأسست جماعة الدعوة والإصلاح مباشرة بعد الثورة في عام 1979، وهي اليوم الجماعة الوحيدة في ايران المسموح لها بالعمل والنشاط ( يتزعمها عبد الرحمن بيراني الأمين العام الحالي للجماعة وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. – بزعامة القرضاوي- ولو تغير رئيسها شكلياً).


وفي هذا السياق أيضاً قام تنظيم الاخوان بدعم إنشاء حزب الله في لبنان والحوثي في اليمن والأحزاب الموالية لإيران في العراق، وتم دعم جماعة الاخوان – الشق السنّي من أشقائهم في إيران للاستمرار في استراتيجيتهم للوصول للحكم في الدول العربية وغير العربية "السنيّة" كما حدث في مصر وليبيا وتونس والسودان وتركيا وقطر وغيرها.




وصل الامر ببعض قادة الاخوان في مصر وسوريا بعد الثورة الايرانية أنهم طلبوا من الخميني أن يعلن نفسه خليفة للمسلمين، وأنهم يستطيعون أن يجمعوا له البيعة من فروع الجماعة في العالم، لكن الخميني قال لهم وقتها إنها خطوة متعجلة، وأن إعلان نفسه خليفة المسلمين قد يلقى معارضة من المسلمين السنة، واتفقوا على ضم عدد من الدول السنية تحت قيادة إيران، حتى يتنسى لهم إعلان تلك الخطوة لاحقا.




وهذا ما يشرح بوضوح دعم إيران المباشر لحماس في غزة، ودعم اردوغان وقطر بمباركة إيرانية للمعارضة السورية الاخوانية حصراً كبديل (من أهل البيت) للنظام السوري في حال سقوطه، وغيرها الكثير من المواقف المتبادلة التي تبدو عصيّة على الفهم بدون هذه الرؤية للمسألة من جانب انهم تنظيم واحد، وجسد بذراعين، (شينيّون).




لذلك كلَّه فإن الخمينيّة الحاكمة في إيران اليوم ما هي إلا الشق الشيعي من تنظيم الاخوان، وبالمقابل فإن سيطرة تنظيم الاخوان في أي بلد هو وصول الخمينيّة السنّية للحكم فيها.

إن تحرير أي دولة من فكر وهيمنة تنظيم الاخوان المسلمين هو تحرير لها من الاحتلال الإيراني الخميني، والعكس صحيح.




  ليفانت- وسيم أبازيد

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!