الوضع المظلم
الإثنين ٠٦ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • الاتحاد الأوروبي.. الدور المستقبلي في الشّرق الأوسط

الاتحاد الأوروبي.. الدور المستقبلي في الشّرق الأوسط
الاتحاد الأوروبي


تشهد دول المنطقة، الكثير من الصراعات والتطورات، ويعود ذلك إلى تدخل أطراف سياسية وقوى دولية وإقليمية، لعبت كثيرا بتغيير موازين القوى والخارطة الجيوبولتيك للمنطقة. وهذه الحروب والصراعات، تجعل دول المنطقة، تنظر إلى القوى الدولية، لأن تلعب دوراً في إسجاد الحلول السياسية لجملة القضايا، بدلاً من إشعال الحروب والنزاعات.


ويعتبر الاتحاد الأوروبي، واحداً من أطراف القوى الدولية، إلى جانب أمريكا وواشنطن والصين وقوى أخرى. أنظار دول المنطقة مازالت تتجه صوب الاتحاد الاوروبي، ربما كونه أكثر “وسطية” من موسكو وواشنطن، المعروفة بمصالحها القومية، أكثر من مصالح الشعوب، وهذا مايثير الكثير من التساؤلات، حول الدور الحالي والمستقبلي للاتحاد الأوروبي إزاء مجمل قضايا الشرق الاوسط، وهل هذا الاتحاد بالفعل قادر على أن يلعب دوراً فاعلاً في إيجاد الحلول السياسية لقضايا المنطقة؟


مواقف ودور الاتحاد الأوروبي من قضايا الشرق الأوسط


القضية الفلسطينية


أعلنت دول أوروبية يوم 11 يونيو 2020 رفضها الصريح لمساعي إسرائيل من أجل بسط سيادتها على غور الأردن، وكافة الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، مدفوعة بخطة السلام الأميركية.


وتشمل الخطة الإسرائيلية، ضم غور الأردن وجميع المستوطنات، والضم سيصل إلى أكثر من 30% من مساحة الضفة المحتله. وكان نتنياهو، قد أعلن أنّ عملية الضم ستبدأ في الأول من يوليو الجاري، ولكن خلافات إسرائيلية داخلية، وعدم التوصل إلى اتفاقيات مع الإدارة الأمريكية، حال دون ذلك، وإن إقدام إسرائيل على الضم يعني أنّها اختارت الصراع بدل السلام.


يعتبر الاتحاد الأوروبي المنطقة (ج) جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد تم التعبير عن هذا الموقف لسنوات عديدة، ولن يعترف بأي تغييرات في حدود ما قبل عام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، ولا يعترف بسيادة “إسرائيل” على الأراضي المحتلة منذ عام 1967. وما زال الاتحاد ملتزم بحل عادل ومتفاوض عليه يقوم على وجود دولتين، وهو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والتنمية والأمن والأمان.


وطالب ممثل الاتحاد الأوروبي إسرائيل بالامتثال للقانون الدولي، وأن تعمل على إنهاء كافة الأنشطة الاستيطانية في الأرض المحتلة، وكافة الانتهاكات، من هدم بيوت وترحيل قسري وتقييد حرية الحركة والوصول وتدمير حتى مشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي.


سوريا


دخل النّزاع سنته العاشرة، وما زال الوضع في سوريا، وفي المنطقة، يعتبر حرجاً للغاية، بالإضافة إلى الوضع الإنسانيّ الصّعب. وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 2.3 مليار يورو عبر مؤسساته للعام الجاري 2020 والمقبل، دعماً لسوريا ضمن مؤتمر بروكسل الرابع، لدعم مستقبل البلاد إنسانياً وسياسياً.


عقوبات الاتحاد الأوروبي على النظام السوري


بدأت العقوبات منذ ديسمبر/ كانون الأول 2011، وفي كل عام يعيد الاتحاد نظره في تلك العقوبات، وشدّد الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، على أنّ هذه العقوبات موجهة ضد المسؤولين عن معاناة الشعب السوري خلال سنوات النزاع، بمن فيهم أفراد في الحكومة السورية وداعموها ورجال الأعمال، الذين يقدمون دعماً إلى الحكومة ويستفيدون من اقتصاد الحرب.


وأفاد بيان صادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي، أنّ لائحة العقوبات تضم 273 شخصاً، بسبب مسؤوليتهم عن القمع العنيف الذي يمارس ضد المدنيين في سوريا، ويتم فرض حظر السفر على الأشخاص المدرجين على لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي، وأيضاً يتم تجميد أصولهم داخل الاتحاد.


كما يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 70 مؤسسة سورية، بينها البنك المركزي، حيث يتم تجميد أصول هذه المؤسسات، وتشمل عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد سوريا تقييد الاستثمارات، وحظر تصدير المعدات التقنية والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها لممارسة ضغوط ضد السكان، وحظر النفط.


ليبيا


تشهد الأزمة الليبية تعقيداً وتصاعداً، والنزاع سوف يستغرق وقتاً أطول، طالما هناك أطراف إقليمية متعدده ودولية تتقاطع مصالحها على الأرض الليبية، مما يزيد من تعقيد الأزمة، وهذا يجعل الوضع في ليبيا مرتبطاً بأجندات هذه الأطراف، ويهدّد بنزاع طويل الأمد. إنّ التدخل التركي في الحرب لدعم حكومة الوفاق الوطني أسفر عن تصعيد القتال، وأشارت إلى أنّ تصعيد أنقرة للدعم العسكري للسراج منذ يناير 2020، يكمن وراءه مصالح إستراتيجية وسياسية واقتصادية.


أطلق الاتحاد الأوروبي “مهمة إيريني” مطلع شهر مايو 2020، لمراقبة حظر الأسلحة على ليبيا، وتهدف المهمة، التي يوجد مقرّ قيادتها حالياً في روما، إلى وقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا، وتعمل المهمة في شرق المتوسط لمراقبة السفن التي يشتبه في نقلها أسلحة ومقاتلين إلى ليبيا ووقف تهريب النفط والإتجار بالبشر.


جدّد الاتحاد الأوروبي مطالبته بوضع حد للقتال في ليبيا، وأبدى تصميمه على تطبيق حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا. وأكد الاتحاد على ضرورة بذل مزيد من الجهود من أجل “ضمان التطبيق الكامل والفاعل” للحظر في ليبيا، بخاصة عبر البر والجو، في 12 مايو 2020. وأكد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، “جوزيب بوريل”، أنّ الاتحاد الأوروبي يرفض الخطط التركية لإرسال عسكريين إلى ليبيا، ودعا بوريل إلى إنهاء فوري للعنف والتدخل الأجنبي في ليبيا.


الملف النووي الإيراني


اكتسب الملفّ النووي بالنسبة للطرفين، الأوروبي والإيراني، أهميةً كبيرة منذ توقيعه، حتى غدا المؤثِّر الأهمّ على مُجمل العلاقات؛ لأنّه عُدَّ بمثابة مصلحة أمنية وإستراتيجية حيوية، بل ربّما مصيرية للجانبين. وقد كان ذلك سبباً في تمسُّك كلّ طرف بالحفاظ على الاتفاق، على الرغم من الانسحاب الأمريكي منه، منذ 07 من مايو 2018، واستمرارية الضغوط الكبيرة التي مارستها إدارة الرئيس ترامب على الجانبين لدفعهما للانسحاب منه.


إنّ الاتفاقَ النووي يمثِّل لأوروبا مصلحةً حيوية، ولا يرقى إلى كونه مصلحةً مصيرية لا يُمكن الاستغناء عنه، وقد ظلَّت الأطرافُ الأوروبية مُصرَّةً على التمسُّك به رغم الانسحاب الأمريكي منه؛ لأنّه كان يحقِّقُ أهدافهُ الأساسية، على وجه الدقة، ما يتعلَّقُ بمعالجةِ المسألة النووية لإيران تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرِّية، وتحت إشراف مجموعة 5+1.


تحرص أوروبا تجنّب خلافاتها مع واشنطن حول الملف النووي الايراني، رغم اختلاف الرؤى والمصالح مابين ضفتي الأطلسي، التقديرات تشير الى أنّ دول أوروبا لا تريد أن تفرّط بمصالحها مع الولايات المتحدة، رغم تلك الخلافات، وبدأت دول أوروبا بالتقارب أو الاتجاه نحو الموقف الامريكي ضد إيران، في أعقاب إعلان إيران التخلي عن التزامها في اتفاق الملف النووي. أعلنت إيران، مطلع شهر يناير 2020، أنّها لم تعد مُلزمة بآخر قيود “عملياتية” في الاتفاق النووي بشأن تخصيب اليورانيوم، وذلك بموجب اتخاذها الخطوة الخامسة والأخيرة في تقليص التزامها بالاتفاق.


الخلاصة


يعاني الاتحاد الأوروبي، الكثير من المشاكل والتحديات التي تعصف في هذا الاتحاد من الداخل، وتضعف أيضاً جدار الاتحاد الأوروبي الخارجي، الذي يعاني كثيراً من الثغرات الأمنية، أمام تحديات تدفق موجات الهجرة غير الشرعية، وتسلل عناصر الجماعات المتطرّفة، وتحديات داخلية، تزايد التطرّف من قبل الجماعات الإسلاموية المتطرفة واليمين المتطرف، وكذلك اليسار المتطرّف، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. هذه التحديات جميعها، تجعله ضعيفاً من الداخل ومتراخياً في اتخاذ السياسات الأكثر شدة إزاء التهديدات الخارجية.


وهذا يعني، بات التعويل على أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً قوياً وفاعلاً إزاء جملة قضايا الشرق الأوسط، ضعيفاً، وربما يعود ذلك الى إمكانيات وقدرة الاتحاد الأوروبي العسكرية والسياسية في دول المنطقة، فهنالك إجماع، بأنّه لايمكن أن يكون هناك دور سياسي فاعل للأطراف السياسية، دولياً وإقليمياً، بدون وجود قوة عسكرية تسند تلك السياسات، من أجل إيجاد حلول سياسية للنزاعات والقضايا والملفات، على مستوى دولي واقليمي.


بات من المتوقع أن يكون دور الاتحاد الأوروبي ضعيفاً خلال هذه المرحلة، وربما في المستقبل القريب، وهذا يعني أنّ دول المنطقة تحتاج النهوض بمسؤوليتها في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، أكثر من الاعتماد على أطراف دولية، مثل الاتحاد الاوروبي.


 علا بياض 








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!