الوضع المظلم
الثلاثاء ١٩ / مارس / ٢٠٢٤
Logo
  • الانشقاق الليبي يتعمّق.. باشاغا يغادر طرابلس والدبيبة يتوّعد

  • مطالبات دولية بالتهدئة
الانشقاق الليبي يتعمّق.. باشاغا يغادر طرابلس والدبيبة يتوّعد
ليبيا

تعيش ليبيا انقساماً حاداً بين حكومتين موازيتين في الشرق والغرب منذ أن منح مجلس النواب الثقة لحكومة فتحي باشاغا لإدارة البلاد مارس الماضي، وتمكن من تسلم المقار الحكومية في الشرق والجنوب، إلا أن تعنت رئيس الحكومة منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة حال دون تسلم السلطة في طرابلس حينها.ومعه تحولت العاصمة الليبية من جديد إلى بؤرة مشتعلة بسبب التوترات الأمنية بين الكتائب المسلحة المتنازعة على النفوذ. 

تشهد العاصمة الليبية طرابلس حالياً توتراً جديداً على وقع الاشتباكات العنيفة التي حدثت مع دخول فتحي باشاغا طرابلس قبل أن يغادرها لاحقاً حقناً لدماء الليبين على حدّ تعبيره، فيما طالبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بضبط النفس والذهاب للتهدئة.

غرقت ليبيا في فوضى سياسية وأمنية منذ سقوط نظام معمر القذافي في أعقاب انتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011. وتشكّلت حكومة الدبيبة مطلع 2020 نتيجة عملية سياسية رعتها الأمم المتحدة، واعتُبرت مهمتها الأساسية تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية، كانت مقررة في ديسمبر الماضي قبل أن يتم تأجيلها من دون تحديد موعد جديد.

ويرى خصوم الدبيبة السياسيين بأن ولايته انتهت مع هذا التأجيل. وفي فبراير، عيّن البرلمان في شرق ليبيا وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيساً للوزراء، ويحظى البرلمان بدعم المشير خليفة حفتر الذي حاولت قواته السيطرة على العاصمة الليبية عام 2019، لكن الأخير فشل حتى الآن في إطاحة الحكومة التي تتخّذ من طرابلس مقراً برئاسة رجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة، الذي شدد مراراً على أنه لن يسلّم السلطة إلا لحكومة منتخبة.

باشاغا يغادر طرابلس بعد دخولها بساعات

أعلن مكتب رئيس الوزراء المعين من قبل البرلمان فتحي باشاغا أنه غادر طرابلس، اليوم الثلاثاء 17 مايو، بعد ساعات من دخوله العاصمة الليبية، عقب اندلاع اشتباكات بين فصائل متنافسة، وفق رويترز.

اقرأ أيضاً: اندلاع اشتباكات مسلحة بعد دخول حكومة باشاغا طرابلس

وأصدرت حكومة باشاغا بياناً صحافياً أوضحت فيه أن "رئيس الحكومة فتحي باشاغا وعدداً من أعضاء الحكومة قد غادروا العاصمة طرابلس، بعد وصولهم يوم الاثنين 10 مايو، حرصاً على سلامة وأمن المواطنين وحقناً للدماء"، وذلك بعد تعرض كتيبة "النواصي" التي استقبلته إلى هجوم مسلح من قبل الميليشيات الموالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.

وظهر باشاغا داخل مقر كتيبة "النواصي" بطرابلس، وهي من أكبر الميليشيات المسلحة بالعاصمة، قبل أن يظهر في مقطع فيديو وهو يخرج في رتل مسلح من طرابلس، تحت حماية الكتيبة 444 التابعة لوزارة دفاع حكومة الدبيبة مقابل وقف القتال، ووسط هتافات المواطنين الذين طالبوه بالرحيل.

وسبق أن أعلنت كتيبة "النواصي" التابعة لوزارة داخلية حكومة الوحدة ترحيبها بدخول باشاغا إلى العاصمة واستعدادها لتقديم كل الدعم لحكومته.

لكنّها أشارت إلى أن هذه الخطوة عرّضت مقرها لهجوم مسلح من ميليشيا 166 الموالية لحكومة الدبيبة وجهاز دعم الاستقرار، ما أجبر باشاغا على المغادرة، وسط احتفالات الميليشيات الموالية للدبيبة التي أطلقت النار في الهواء.

الدبيبة يتوّعد

في أول تعليق على عملية دخول رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا إلى العاصمة طرابلس، التي تسبّبت في اندلاع اشتباكات مسلّحة، دفعته إلى مغادرتها، توّعدّ رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، بـ"الضرب بيد من حديد" كل من تسوّل له نفسه المسّ بأمن المواطنين وسلامتهم.

جاء ذلك في بيان لوزارة الدفاع التي يقودها الدبيبة، أكدت فيه أن "الأجهزة العسكرية والأمنية تعاملت بإجراءات حازمة ومهنية مع مجموعة مسلحة خارجة عن القانون، قامت اليوم الثلاثاء، بمحاولة التسلل داخل العاصمة طرابلس لإثارة الفوضى باستخدام السلاح، وتمكنّت من منع هذه الفوضى وإعادة الاستقرار للعاصمة، ما أدى لفرار المجموعة المسلحة".

وأضافت الوزارة، أنّ هذه "العملية الصبيانية المدعومة بأجندة حزبية"، تسبّبت في أضرار مادية وبشرية ما زالت أجهزة الدولة تعمل على حصرها ومعالجتها، وتوّعدت بملاحقة كل المتورطين في هذا العمل، والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المس بأمن المواطنين وسلامتهم.

وعاد الهدوء إلى العاصمة طرابلس، عقب اندلاع اشتباكات مسلّحة بين مليشيات مؤيدة لحكومة الدبيبة، وأخرى داعمة لباشاغا، بعد انتهاء الاشتباكات، ظهر رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة وهو يقوم بجولة ميدانية في المنطقة التي شهدت المعارك وشوارع العاصمة طرابلس.

مطالبات بالتهدئة

دعت الأمم المتحدة ودول غربية وعربية إلى ضبط النفس وضرورة الحفاظ على التهدئة بعد أن ارتفعت وتيرة التوتر في العاصمة الليبية.

وحثّت المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز ضبط النفس والحرص كضرورة مطلقة على الامتناع عن الأعمال الاستفزازية، بما في ذلك الكف عن الخطاب التحريضي والمشاركة في الاشتباكات وحشد القوات.

اقرأ أيضاً: ليبيا.. حكومة باشاغا تباشر عملها من سرت

وقالت وليامز في تغريدة لها على حسابها في تويتر "على في ضوء المستجدات الجارية في طرابلس، أودُ أن أُشدد على الحاجة الملحة للحفاظ على الهدوء على الأرض وحماية المدنيين".

وأضافت: "لا يمكن حل النزاع بالعنف، ولكن بالحوار والتفاوض، ومن أجل ذلك، تظل المساعي الحميدة للأمم المتحدة متاحة لجميع الأطراف التي تؤمن بمساعدة ليبيا على إيجاد طريق حقيقي وتوافقي للمضي قدمًا نحو الاستقرار والانتخابات".

من جانبها، أكدت الخارجية المصرية على حسابها في فيسبوك، اليوم الثلاثاء، متابعة القاهرة بـ"قلق" التطورات الجارية في العاصمة الليبية طرابلس.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد حافظ: "نؤكد مرة أخرى ضرورة الحفاظ على الهدوء في ليبيا، والحفاظ علي الأرواح والممتلكات، ومقدرات الشعب الليبي".

 

بيان صحفي —— صرَّح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ بأن مصر تتابع بقلق التطورات الجارية في طرابلس،...

Posted by ‎الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية‎ on Tuesday, May 17, 2022


وحثت مصر جميع الأطراف الليبية على ضبط النفس والامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها تأجيج العنف، مشددة على حتمية الحوار بهدف الوصول إلى عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا بالتزامن وبدون تأخير.

اقرأ أيضاً: ليبيا.. باشاغا يطلق مبادرة للحوار

ولفتت إلى أهمية حوار المسار الدستوري الجاري الآن في القاهرة وبما يحقق طموحات وآمال الشعب الليبي الشقيق في الانطلاق نحو المستقبل بخطى ثابتة.

إلى ذلك أعربت الولايات المتحدة عن قلقها للغاية من أنباء عن اشتباكات مسلحة في طرابلس.

وحثّت السفارة الأمريكية في ليبيا في تغريدة على تويتر جميع الجماعات المسلحة على الامتناع عن العنف وأضافت: "على القادة السياسيين أن يدركوا أن الاستيلاء على السلطة أو الاحتفاظ بها من خلال العنف سيؤذي فقط شعب، والسبيل الوحيد القابل للتطبيق للوصول إلى قيادة شرعية هو السماح لليبيين باختيار قادتهم. والمحادثات الدستورية الجارية الآن في القاهرة تكتسي أهمية أكثر من اي وقت مضى".

وفي تغريدة أخرى، قالت السفارة: "ينبغي أن يدرك أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة المجتمعين هناك أنّ استمرار عدم وجود قاعدة دستورية تُفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في إطار زمني واقعي ولكن حازم قد يحرم الليبيين من الاستقرار والازدهار الذي يستحقونه". 

كما دعت سفارة المملكة المتحدة في ليبيا عبر موقعا على تويتر جميع الأطراف على نزع فتيل التوتر والعمل في حوار هادف نحو الاستقرار وإجراء انتخابات ناجحة.

بدورها، حثّت السفارة الإيطالية في ليبيا جميع الجهات الفاعلة على الالتزام بعهودها بالامتناع عن العنف، ودعت إلى بذل جهود فورية وصادقة من أجل مسار توافقي نحو الانتخابات الوطنية يتم الوصول إليها عبر الوساطة التي ترعاها الأمم المتحدة الجارية في القاهرة. 

فيما ناشد الأمين العام لجامعة الدول جميع الأطراف بضبط النفس وعدم تأجيج الصراع مجدداً، وتغليب لغة الحوار وصولاً إلى تهيئة الأرضية المناسبة لإجراء انتخابات وطنية في أقرب فرصة ممكنة، كونها السبيل الوحيد لإنهاء المراحل الانتقالية التي طال أمدها، ولتجديد شرعية المؤسسات بالشكل الذي يضمن وضع ليبيا على طريق الاستقرار والبناء.


ودفعت الخلافات السياسية بين الفرقاء، لا سيما على القانون الانتخابي، إلى تأجيل الانتخابات وعدم تحديد موعد جديد، رغم أن المجتمع الدولي كان يعلّق عليها آمالاً كبيرة لتحقيق الاستقرار أخيراً في البلد الغارق في الفوضى.

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير: عبير صارم

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!