الوضع المظلم
الأربعاء ٠٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الإعلام الثوري
صبحي الدسوقي

النظام الأسدي الديكتاتوري صنع نظاماً إعلامياً متفرغاً لتمجيده، الإذاعات ومحطات التلفزة والصحف والمجلات السورية تكرس صفحاتها وأوقاتها للحديث عن القائد الأوحد والإعلامي والفنان والكاتب والفلاح والعامل الأول الذي هو بالضرورة قائد البلاد، وحتى سرقته لمقدرات وثروات البلاد يلقى مدحاً وتمجيداً له، والهزائم تغدو انتصارات.


في ظل السيطرة الإعلامية للنظام السوري على وسائل الاعلام، كان لا بد من وجود نشاط إعلامي ينقل أحداث الثورة السورية بحقيقتها للعالم، فولد الإعلام الثوري الذي حقق نجاحاً محدوداً في استقطاب المناصرين للقضية السورية بوصفها ثورة شعب مظلوم يريد حريته.


 خلًّد الإعلاميون والناشطون السوريون بعدساتهم وكلماتهم الحرة نضال شعب ثار على جلاده، لقد بذلوا الكثير لنقل صورة ما يجري في سورية للعالم أجمع، فقُتِل منهم عدد كبير وتعرضوا للخطف والاعتقال.


نظام الأسد المجرم دفع ملايين الدولارات لجمعيات ووسائل إعلام وشخصيات أمريكية وأوربية لتلميع صورته ونظامه، والترويج بأنه يخوض حرباً ضد الإسلام المتشدد والإرهاب، وقد نجح النظام المجرم بتوظيف سياسيين وإعلاميين للدفاع عنه وتلميع صورته أمام الرأي العام الغربي.


وتم الترويج للنظام وتلميع صورته وبث صور إيجابية عنه، ونفي ارتكابه للمجازر واستخدامه الكيماوي، كما دفع النظام ملايين الدولارات لشركات عامة لتكوين صور إيجابية للنظام لدى المتلقي الأوربي، والتأكيد وفق زعمهم أن النظام يحارب الإرهاب.


تحسين وتلميع صورة النظام تركت أثراً لدى المتلقين من خلال التقارير المعدة بمهنية إعلامية وبذكاء لتكذيب مجازر الكيماوي وتكذيب مصداقية صور قيصر، ومن خلال دعم وجهات نظر النظام وإقامة حملات ضد منظمة (القبعات البيضاء) التي تعمل على إسعاف الجرحى وإنقاذ المصابين من تحت الأبنية التي يدمرها عبر طائراته وعبر طائرات المحتل الروسي.


نجح النظام في استثمار سلاح الاعلام وهذا ما أدى إلى تحييد الأوربيين من الخروج بمظاهرات تدين النظام وتعم الثورة السورية ومطالب الشعب السوري المحقة بالحياة الكريمة، وكذلك اليمين المتطرف انساق وراء الاعلام الذي يقف إلى جانب النظام ودعمه.


نجح الاعلام الأسدي ومناصروه لعدم وجود إعلام سوري ثوري بديل يستطيع الوصول للمجتمعات الأوربية وتصحيح نظرتهم ومواقفهم من الثورة السورية، وبسبب عدم توحيد الجهود والنجاح بإنشاء لوبي ثوري في أماكن تواجد السوريين في العالم هو ما أضعف قدرة الأحرار على التأثير على الأوربيين وإيصال صورة الثورة بوجهها الطاهر التي نادت بالحرية والكرامة والديمقراطية.


وللأسف أن التمويل الذي وصل إلى المعارضة السورية من أجل تكوين وسائل إعلام ثورية تمت سرقته من قبل أشخاص في المعارضة همهم الكسب المالي.


 الإعلام البديل هو صوت الشارع السوري، واستطاع جذب عيون العالم إلى ما يحدث في سوريا، ولكنه لم ينجح رغم بعض التجارب القوية الفردية أن يكون بديلاً عن وسائل إعلامية عالمية أو عربية تدعم النظام المجرم، ولم يرتق لأن يكون بين مصافِّ تلك الوسائل المؤثرة.


ورغم كل العقبات والمطبات التي مرَّ بها الإعلام الثوري، فإنه أوجد تكاتف وتفاعل جماعي سُخِّر نحو حدث بعينه، كتنفيذ حملات المناصرة للقضية السّورية (يوم المعتقل - يوم اللاجئ) وكان آخرها ذكرى الثورة، حيث برزت وحدة الخطاب والشعارات المرفوعة في كل المناطق، بما في ذلك التّوافق على توقيت المظاهرات والهتافات، وتفاعل المحافظات والمناطق السورية مع بعضها من خلال هتافات المتظاهرين وأهازيجهم، والتي ترافقت معه على وسائل التّواصل الاجتماعي يشكل نموذجاً يمكن أن يحتذى به في ذلك.


مبادرات شخصية للسوريين نجحت في تقريب نظرة الأوربيين للثورة السورية، من خلال جهودهم الفردية في إيصال المعلومات الصحيحة عن جرائم النظام عبر اصدار إعلانات وعلاقات عامة ولقاءات مع سياسيين تدين النظام، والجالية السورية في أمريكا وأوربا على ضعف امكانياتها نجحت في تعرية أدوات النظام، وهذا ما لمسناه من تجاوب للدعوات التي أطلقت مؤخراً في العديد من الدول الأوربية لمحاكمة مجرمي الحرب الذين استغلوا المأساة السورية ولجأوا إلى أوربا ضمن اللاجئين.


الثورة تحتاج إلى إعلام ثوري منظم، تقوده طليعة وطنية واعية ومخلصة ومنزّهة عن الأهواء والمطامع يندفع الشعب خلفه.


وللأسف هذا ما ينقص الثورة بسبب تكاثف العالم ضدها، وإجماع الدول على إفشالها، ودعم نظام الأسد وتوريث حكم البلاد له ولعائلته المجرمة.


صبحي دسوقي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!