الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الأنفال.. جرح ما زال ينزف
 صبحي ساله يي

عندما كان الاعتداء على الكورد جزءاً رئيساً من سياسة الحكومة في بغداد، تم اقتراف الآلاف من الجرائم بحق الكوردستانيين، وحملات الأنفال التي اعتبرتهم أقلية أو مجموعة لادينية، أظهرت الوجه الحقيقي لسياسات النظام الشوفيني كأكثر أنظمة الحكم وحشية في العصر الجديد.

والحديث الذي يتجدد كل عام عن الأنفال والقتل الجماعي والإبادة المنظمة، حديث عن سلسلة من الجرائم المختلفة استخدمت فيها جميع انواع الأسلحة المحرمة دولياً، وخاصة السلاح الكيمياوي من نوع الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور، وبالاستفادة من الأوضاع الدولية في ذلك الوقت، وكان اختيار اسم الأنفال بهدف جذب عطف وتأييد العروبيين في العراق والعالم العربي ومنح الشرعية للجريمة، وتعريف الكورد بأنهم كفار لا دين لهم.

كانت حملات الأنفال التي بدأت يوم 22 شباط سنة 1988، واستمرت لغاية 6 أيلول من نفس العام البائس، من أخطر صفحات الإبادة الجماعية في تاريخ المنطقة، وربما في التاريخ الإنساني، إذ إن الوثائق المتوفرة تؤكد على أنها كانت حملة استراتيجية تم التخطيط والتحضير لها مسبقاً، من أجل محو الوجود الإنساني الكامل لقومية آمنة تعيش على أرضها، ومسح معارفها وخصوصياتها المادية والمعنوية وإذابتها في قومية أخرى، وذلك بممارسة عمليات عسكرية طويلة الأمد، واستخدام المدافع والطائرات والمروحيات وقتل أكبر عدد من سكان القرى والمدن الصغيرة، بالإضافة إلى إعدام الذين تبلغ أعمارهم بين (15-70) عاماً وتغييبهم في مقابر جماعية في الصحارى الجنوبية للعراق.

في اليوم الأول من الحملات، بدأت المؤسسات الإعلامية البعثية بالإعلان عن بداية النهاية للمعارضين، وفي يوم 19/3/1988، تم الإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى من الأنفال وفي ذات اليوم نشر برقية تهنئة من المجرم المقبور (سلطان هاشم) قائد حملات الأنفال الأولى إلى صدام حسين (علماً أنه لم يعاقب كما يجب رغم صدور الحكم عليه بالإعدام )، وبعد ذلك الإعلان لم تبق إجراءات البعث من القتل والحرق في كوردستان مخفية أو سرية، وأصبحوا يظهرون وحشية جرائمهم بفخر ويتحدثون عنها باعتزاز، جرائم نفذت في ثماني مراحل، تسببت في إبادة (182) ألف إنسان كوردي، وكانت المرحلة النهائية لحملات الأنفال في منطقة بادينان وأعلن في 6/9/1988عن انتهائها، وعرفت بخاتمة الأنفال.

وفي هذه الأيام ونحن نستذكر تلك الأيام  المأساوية المؤلمة، لا بد أن نؤكد على المسؤوليات التي تقع على عاتق مراكز القرار، ومنها معاقبة مجرمي تنفيذ حملات الإبادة الجماعية ضد شعب كوردستان، وضمان حقوق الضحايا المادية والمعنوية والقانونية، وتعويضهم وفقاً للمعايير العالمية في إطار عملية توفير العدالة الاجتماعية والأخلاقية، والعمل من أجل منع تكرار هذه الجرائم وتخفيف المخاوف من تكرار عمليات مماثلة (خاصة ونحن نرى ونلمس بقاء الميول الشوفينية في العراق)، وتخصيص مبالغ سنوية خاصة من الموازنة الوطنية لإعادة إعمار المناطق المتضررة، والعمل على إجبار الشركات والمراكز الدولية التي ساعدت نظام البعث في تنفيذ حملات الأنفال والقصف الكيمياوي بدفع تعويضات مادية لذوي الضحايا والمتضررين، والعمل على إرغام حكومة بغداد لتقديم اعتذار رسمي لذوي الضحايا والشعب الكوردستاني باعتبارها وريثة الحكومة السابقة، وتعريف الأجيال بهذه الأحداث لكي لا تنسى، وعدم إعفاء أو تخفيف الاحكام والعقوبات الصادرة والتي تصدر من المحاكم بحق المتهمين بجرائم الأنفال.

ليفانت -  صبحي ساله يي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!