-
الأكاديمي البدر الشاطري لـ"ليفانت": استقرار منطقة الخليج مهم لاستقرار أسواق الطاقة
اعتبر الدكتور البدر الشاطري، الأكاديمي الإماراتي، الأستاذ في كلية الدفاع الوطني في دولة الإمارات، أن الاعتداءات الحوثية على المنشآت المدنية في الإمارات "موجهة كردة فعل على ما تكبدته القوات الحوثية في مأرب وشبوة"، لافتاً في حواره مع "ليفانت" أنّ المفاوضات في فيينا تحتلّ أهمية كبيرة بالنسبة لإيران.
ومن المؤكد أنّ توظف طهران كل قدراتها للتأثير على المفاوضات وتطويعها لصالحها. ولكن الضربة لا تخدم إيران، بل إن إيران تخشى من تصنيف الحوثي كحركة إرهابية، كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي سيكون له تداعيات على وضع الحركة والدعم الإيراني للحركة. وتتجه الإدارة الأمريكية، وبسبب الضربة الموجهة للإمارات، لإعادة تقييم موقفها وتصنيف الحوثي كحركة إرهابية. بل قد يتعدّى الأمر الإدارة الأمريكية إلى تحرّك دولي عبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات ضد الحركة وداعميها.
ويردف الأكاديمي الإماراتي، الأستاذ في كلية الدفاع الوطني في دولة الإمارات لـ"ليفانت": "يحاول الحوثي القرصنة على سفن التحالف ولكن العلاقة مع هزائم شبوة ليست جلية، على الأقل بالنسبة لي. ولكن لن تنفك حركة الحوثيين من مواصلة الهجوم على قوات التحالف وعلى أراضي دول التحالف كما يحصل بشكل مستمر بالنسبة لجنوب المملكة العربية السعودية".
يأتي العدوان الحوثي على مواقع مدنية في أبو ظبي مؤخراً ليثير موجات متباينة من الآراء والتحليلات السياسية.. كيف ينبغي قراءة ما حدث على النحو الدقيق؟
هناك عدة تحليلات لما حدث من هجوم على أبو ظبي ومحاولات ضرب البنية التحتية في الإمارات. ومما لا شك فيه أن الضربة موجهة كردة فعل على ما تكبدته القوات الحوثية في مأرب وشبوة. وردة الفعل تكشف على أنّ الخسائر كانت فعلاً جسيمة. ولكن الاختلاف على البعد الاستراتيجي للضربة. فالبعض يعتقد أنها تأتي في سياق المفاوضات في فينا بين إيران والدول الغربية حول الملف النووي. والبعض يرجح إلى أن إيران تلوّح بإحدى أذرعها في المنطقة استعداداً لحرب قادمة ومتوقعة.
ولكن كل هذه التحليلات رغم وجاهتها، إلا أنّها تتناقض مع التوجه الجديد لإيران في المنطقة، والتي تحاول التقارب مع دول الخليج العربي. كما أنّ الإمارات وجهت دعوة إلى الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، بزيارة دولة الإمارات. فلا يتّسق منطقياً أن إيران أوعزت إلى الحوثي بالقيام بالضربة الجوية. وهناك احتمال أن تقهقر قوات الحوثي والتقارب العربي الإيراني؛ إضافة إلى سعي روسيا لعقد اجتماع بين الدول العربية المعنية وإيران لإيجاد مخرج من المواجهة التي يعاني منها الإقليم وحرب لا تحمد عقباها، كما حصل بعد الغزو الأمريكي للعراق، مما أقلق الحوثي وأراد أن يفسد هذا التقارب والذي قد يفضي إلى صفقة تأتي على حساب الحوثي في صنعاء. والحوثي يعلن أن إرادته السياسية مستقلة عن طهران وأن السلام يمر عبر صنعاء.
ثمّة تحركات عسكرية ضد تمركز وسيطرة القوات الحوثية في محافظة شبوة.. هل ينبغي ربط احتجاز السفينة "روابي" مع الاعتداء الأخير بما يحدث ميدانياً في اليمن من أزمة عسكرية تواجه الحوثي؟
من الطبيعي أن يحاول الحوثي القرصنة على سفن التحالف، ولكن العلاقة مع هزائم شبوة ليست جلية، على الأقل بالنسبة لي. ولكن لن تنفك حركة الحوثيين من مواصلة الهجوم على قوات التحالف وعلى أراضي دول التحالف، كما يحصل بشكل مستمر بالنسبة لجنوب المملكة العربية السعودية.
هناك من يذهب بتفسيره للتطورات الأخيرة نحو مدّ الصلة بمفاوضات إيران في فيينا وسياقات المباحثات الخليجية.. هل ترى ذلك دقيقاً؟
تحتلّ المفاوضات في فيينا أهمية كبيرة بالنسبة لإيران. ومن المؤكد أن توظف طهران كل قدراتها للتأثير على المفاوضات وتطويعها لصالحها. ولكن الضربة لا تخدم إيران، بل إن إيران تخشى من تصنيف الحوثي كحركة إرهابية، كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي سيكون له تداعيات على وضع الحركة والدعم الإيراني للحركة. وتتجه الإدارة الأمريكية، وبسبب الضربة الموجهة للإمارات، لإعادة تقييم موقفها وتصنيف الحوثي كحركة إرهابية. بل قد يتعدّى الأمر الإدارة الأمريكية إلى تحرك دولي عبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات ضد الحركة وداعميها.
تكرّس طهران أذرعها الإقليمية في المنطقة العربية لربط مصالحها الاستراتيجية فيها، اقتصادياً وسياسياً، سواء كان ذلك في اليمن أو العراق أو لبنان أو سوريا وتهديد العواصم العربية المتاخمة لتلك البلدان.. ما أثر تلك العمليات على الأمن الإقليمي؟
لا تستطيع إيران الدخول في حرب تقليدية مع الدول العظمى ودول المنطقة بسبب ميزان القوة العسكرية. لذا فإنّ المليشيات التابعة لإيران تلعب دوراً مهماً في العقيدة العسكرية الإيرانية. وإذا ما قامت الولايات المتحدة أو إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران، فإنّ طهران ستستخدم أذرعها في المنطقة لاستهداف المصالح الغربية وإسرائيل.
كما أن هذه التنظيمات تشكل أوراقاً مهمة في يد طهران للمساومة عليها. وتستطيع إيران الضغط على هذه التنظيمات لتغيير سلوكها أو مواقفها السياسية، كما فعلت ذات مرة في دعم حزب الله تشكيل حكومة في لبنان مقابل موافقة الولايات المتحدة لتولي نوري المالكي رئاسة الحكومة في بغداد رغم أن إياد علاوي حصل على أصوات أكبر من المالكي في انتخابات 2010.
في ضوء تباين الأهداف الأمريكية في المنطقة مع تبدل أدوارها وتوجهاتها.. كيف يمكن النظر إلى توجهات إدارة بايدن نحو الحوثيين وطهران؟
الواضح أنّ واشنطن تريد تقليل التزاماتها في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن الولايات المتحدة وصلت إلى اكتفاء ذاتي من النفط، بل أصبحت دولة مصدّرة لهذه السلعة الاستراتيجية. ولدى الولايات المتحدة ما يشغلها في منطقة الباسفيك لمواجهة صعود الصين كقوة عالمية قد تهدد موقع أمريكا في المنطقة والعالم. ولكن ستظل منطقة الخليج منطقة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. لعدة أسباب، وأهم هذه الأسباب اعتماد الصين على منطقة الخليج كمصدر للطاقة. ولا شك أن الولايات المتحدة ترى في منطقة الخليج رافعة مهمّة في مواجهتها مع الصين.
إضافة إلى ذلك، فإنّ استقرار منطقة الخليج مهم لاستقرار أسواق الطاقة. وعلى الرغم من الاكتفاء الذاتي للولايات المتحدة من الطاقة، تبقى أسواق الطاقة متداخلة، وأي ارتفاع لأسعار النفط بسبب الاضطرابات في منطقة الخليج سيكون له تأثير على الأسعار في الولايات المتحدة. وإنّ أي ارتفاع حاد في أسعار النفط سيؤدّي بالضرورة إلى نتائج سلبية على الاقتصاد العالمي. وليس المهم أين ينتَج النفط، بل هل يتدفق النفط إلى الأسواق العالمية من دون انقطاع؟ وما الذي سيحدد أسعاره؟
ويجدر الإشارة إلى أن إسرائيل وأمنها من ثوابت السياسة الخارجية تجاه المنطقة، ولا يبدو أن ذلك سيتغير قريباً. وستكون مكافحة الإرهاب دائماً وأبداً محط اهتمام واشنطن على اختلاف أطيافها السياسية.
هل يمكن تأسيس قاعدة لفهم ما جرى على فرضية تحالف إيران مع الحوثيين في تلك الهجمات استناداً لكون وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يؤمن بدبلوماسية القوة؟
سبق وأن ذكرت، أن احتمال لعب الحوثي دوراً مفسداً للعلاقات العربية-الإيرانية الناشئة احتمال وارد ويجب أن يُؤخذ في عين الاعتبار. ومن المنطقي أن يرى الحوثي في التحركات الإيرانية تهديداً لموقعه الاستراتيجي؛ وقد يفرض عليه حلولاً لا تتماشى مع توجهات ومصالح الحركة. وكما هو معروف في العلاقات الدولية، فإن أية علاقة بين طرفين، قوي وضعيف، يشوبها توجس من الطرفين. فالطرف الضعيف يخشى أن يتخلّى عنه الحليف في مقابل صفقة معينة، والطرف الأقوى يخشى أن حليفه الأصغر يسعى إلى زيادة تورّطه في مشاكله.
ما هي أهم السيناريوهات المرجّحة كنتيجة مباشرة لذلك الحادث، من ناحية الجانب الإماراتي، ومن ناحية الولايات المتحدة الامريكية، وناحية إيران والحوثيين؟
تكشفت في الأسبوع الماضي عن إجراءات اتخذتها الإمارات ودول التحالف باستهداف الحركة عبر قصف جوي. ولكن الأهم ما تسعى له أبو ظبي لحشد دولي دبلوماسي ضد الحركة قد تؤدي إلى نتائج وخيمة على الحوثي. وفعلاً استطاعت الإمارات إحداث اصطفاف إقليمي ودولي خلفها مما يعكس قوة نفوذها الإقليمي والدولي. وقد يكتب المؤرخون في المستقبل أن الضربة الذي وجهها الحوثي كانت منعطفاً مهماً في تاريخ الحركة أو بداية نهايتها.
وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فإنّ هذه الضربة قد تزيل أي اعتراض من داخل الإدارة لتصنيف الحوثي كحركة إرهابية، وتتزايد الضغوط الدولية على الحوثي وعلى داعميه في طهران. ولن يسعى الحوثي وإيران إلا للتقدم في مفاوضات بين الحكومة الشرعية ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. وقد تشهد العلاقات بين طهران وصنعاء توتراً إذا ما أصرّ الحوثي على المضي في تعنته والمواجهة العسكرية من الأطراف اليمينة ودول التحالف.
ليفانت - رامي شفيق
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!