الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الأدوية السورية.. وتحكّم السلطة ومعامل الأدوية
إحدى الصيدليات في دمشق (متداول)
تتواصل معاناة السوريين في كل متطلبات حياتهم اليومية، لاسيما فيما يتعلّق بالحصول على الأدوية في حال المرض نظراً لأسعارها التي ارتفعت بنسبة 50% منذ بضعة أشهر، خلافاً لزياداتها المتتالية في السنوات السابقة، والتي وصلت لما يزيد عن 400%. فقد باتت شريحة كبيرة جداً من السكان تعتمد على الجمعيات الأهلية والخيرية لتأمين احتياجاتها من الأدوية لانعدام قدرتهم على شرائها.

وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في أسعار الأدوية إلا أنها لا ترضي أصحاب معامل الأدوية ويتجهون إلى رفع مضاعف لأسعارها، فلقد طالب رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية في سوريا، رشيد الفيصل، برفع أسعار الأدوية محلية الصنع بمقدار لا ينقص عن 70% عن سعرها الحالي كي تتابع المعامل ضخ منتجاتها في سوق الأدوية، مبيناً أنّ السعر الحالي للدواء يحدّد وفق سعر صرف 1630 ليرة، بينما يتم استيراد المواد الأولية لصناعته بسعر صرف 2500 ليرة. وأما ما تبقى من مستلزمات مكملة للإنتاج من كرتون وزجاج وغيرها فتستورد بسعر صرف 3460 ليرة حسب ما ذكر.

ومن المعوقات أيضاً، قرار وزارة الصحة استجرار الأدوية السورية للمشافي والمراكز الصحية بالنظام المركزي، أي عبر الوزارة فقط. وهذا الإجراء ساهم بخلق بيئة فساد كبيرة وذلك باحتكار شراء الدواء عبر شركات ومعامل محددة دون سواها، ما أجبر الشركات والمعامل الأخرى للتوجّه إلى خطوط التهريب لتصريف منتجاتها.



ومن هذه الشركات التي ترسو عليها المناقصات دائماً ولها الأفضلية حين فضّ العروض لبيع منتجاتها شركة (مياميد)، والتي تتولى رئاسة مجلس إدارتها، أسماء الأخرس، عقيلة الأسد.

ويترافق هذا مع كثرة الشكاوى من انقطاع الصيدليات من الأدوية بمختلف أنواعها، مثل الأدوية القلبية ومنظمة الضغط ومضادات الالتهاب المحلية وتوفر أدوية بديلة عنها ذات منشأ أجنبي، ولكن بأسعار أغلى بكثير، ما يخلق تحدياً أكبر لسوق الدواء، وبالتالي أرغمت الصيدليات على شراء نوعيات دوائيّة ذات تكلفة باهظة لكنها محدودة التسويق والطلب.

اقرأ المزيد: السويداء: القطاع الصحي الحكومي.. عجز مطلق

فالمستودعات المركزية تقوم بتقليص الكميات الدوائية حين استجرارها وطلبها من المعامل، ما يؤشر إلى منهجية بالاحتكار وتنشيط للسوق السوداء لغايات تصب في مصلحة أصحاب القرار في قطاع الأدوية، سيما وأنّ الأصناف الدوائيّة المسعرة في الصناعة السورية تفتقد لأكثر من 1240 صنفاً دوائياً، جميعها غير موجود ولم يعد ينتج محلياً.

اقرأ المزيد: السويداء.. تواطؤ متعدّد الجهات على مزارعي التفاح

فإذا ما تم اعتماد زيادة جديدة على أسعار الأدوية، كما يطالب أصحاب شركات ومعامل الأدوية، فإنّ شريحة كبيرة جداً ستلحق بسابقتها ممن لن يكون بمقدورهم شراء أبسط أنواع الأدوية الضرورية، كالمسكنات التي لابد منها لتحمل كل هذا العبث بحياتهم ومصائرهم.
مرة أخرى، وكما في الزراعة والمواد الغذائية والاتصالات وكافة شؤون الحياة، المواطن أو ما بقي اسمه هكذا، فريسة لاحتكار المتنفذين بالسلطة وجشع المزاودين من الوزراء التابعين، حتى في أدويتهم وعلاجاتهم.. ولليوم لا حلّ يرجى منهم كسلطة وحكومة.

ليفانت - سلامة خليل

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!