الوضع المظلم
الأربعاء ٠١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
اكتشاف جديد يساعد في فهم كيفية بناء الأهرامات
صورة توضيحية

بنيت الأهرامات منذ حوالي 4500 عام دون تقنية حديثة وبدقة مذهلة. لكن المصريين احتاجوا إلى ما أكثر بكثير من بضع سلالم بدائية لنقل الكتل الحجرية الثقيلة إلى مواقعها.

تشير دراسة جديدة إلى أن الظروف البيئية المواتية مكنت من بناء أهرامات الجيزة، مع وجود ذراع قديم لنهر النيل يعمل كقناة ملاحية لنقل الحجارة ومواد البناء وما يلزم للعمل ورفع الحجارة.

وفق ما كتب عالم الجغرافيا الطبيعية "هادر شيشة" من جامعة إيكس مرسيليا في فرنسا وزملاؤه في ورقة بحثية أن بناء أهرامات ومقابر ومعابد الهضبة، يبدو الآن أن المهندسين المصريين القدماء استغلوا النيل وفيضاناته السنوية، مستخدمين نظاماً بارعاً من القنوات والأحواض التي شكلت مجمع موانئ عند سفح هضبة الجيزة.

وأضاف: "ومع ذلك، هناك ندرة في الأدلة البيئية بشأن متى وأين وكيف تطورت هذه المناظر الطبيعية القديمة."

اعتقد علماء الآثار لبعض الوقت أن بناة الأهرامات المصرية ربما قاموا بتجريف مجاري مائية من نهر النيل لتشكيل القنوات والموانئ، وتسخير الفيضانات السنوية التي من شأنها أن تكون بمنزلة رافعة هيدروليكية لنقل مواد البناء.

يقع مجمع الموانئ الذي افترض علماء الآثار أنه خدم أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع حالياً على بعد أكثر من 7 كيلومترات (أو 4.3 ميل) غرب نهر النيل الحالي. كما يجب أن تكون المداخل عميقة بما يكفي لإبقاء الصنادل المحملة بالحجارة طافية.

وأسفرت عمليات الحفر الأساسية التي أجريت خلال أعمال الهندسة الحضرية حول الجيزة الحديثة عن أدلة طبقية لطبقات صخرية تتوافق مع فرع قديم لنهر النيل يمتد نحو قاعدة الأهرامات.

لكن الأسئلة ما تزال قائمة حول الكيفية التي صمم بها المصريون وصول المياه إلى أهرامات الجيزة. في الوقت الذي كانت تبنى فيه، كان شمال مصر يعاني بعض التغيرات المناخية المتطرفة، حيث دمرت الفيضانات بشكل متكرر مدينة الأهرامات المفقودة، حيط الغراب، التي كان يسكنها عمال موسميون.

في هذه الدراسة، لجأ الباحثون إلى حبوب اللقاح المتحجرة لرسم صورة أكثر تفصيلاً لنظام النهر كما كان يجري منذ آلاف السنين. يمكن حفظ حبوب اللقاح في الرواسب القديمة، وفي دراسات أخرى، استخدمت لإعادة بناء المناخات السابقة والمناظر الطبيعية المزروعة التي تبدو مختلفة تمامًا اليوم.

استخرج الفريق حبوب اللقاح من خمسة نوى تم حفرها في سهل الجيزة الحالي شرق مجمع الهرم، وحدد وفرة من النباتات المزهرة التي تشبه الحشائش التي تصطف على ضفاف نهر النيل ونباتات المستنقعات التي تنمو في بيئات على حافة البحيرة.

ويقولون إن هذا يكشف عن وجود تجمع مائي دائم يخترق السهول الفيضية في الجيزة وتضخم منذ آلاف السنين. من هناك، تتبعوا ارتفاع وانخفاض منسوب المياه في فرع خوفو لنهر النيل على مدى 8000 عام من تاريخ السلالات المصرية، وربطوا نتائجهم بسجلات تاريخية أخرى.

كتب شيشة وزملاؤه: "إن إعادة بناء مستويات فرع خوفو على مدار 8000 عام يحسن فهم المناظر الطبيعية النهرية في وقت بناء مجمع أهرامات الجيزة". و"ظل فرع خوفو عند مستوى مرتفع من المياه ... في عهود خوفو وخفرع ومنقرع، مما سهل نقل مواد البناء إلى مجمع أهرامات الجيزة".

ولكن بعد عهد الملك توت عنخ آمون، الذي حكم  حوالي 1349 إلى 1338 قبل الميلاد، انخفض فرع خوفو من النيل تدريجياً حتى وصل إلى أدنى مستوياته الموثقة في آخر 8000 عام قرب نهاية فترة الأسرات.

يرتبط هذا الانخفاض  بالعلامات الكيميائية الموجودة في أسنان وعظام المومياوات المصرية التي تشير بالمثل إلى بيئة قاحلة، إلى جانب السجلات التاريخية الأخرى.

كما هو الحال مع جميع الدراسات الأثرية، ومع ذلك، فإن النطاقات الزمنية - لعهود الفراعنة والتغير البيئي - يمكن أن تختلف على نطاق واسع، لذلك يجب أن نتعامل مع هذه النتائج بحذر.

ولكن من خلال ربط البيانات البيئية والتاريخية، توفر الدراسة أدلة مباشرة هي أنماط رائعة تتكرر ذاتيًا توجد غالبًا في الطبيعة - لاستنتاج أن المصريين القدماء ربما يكونون قد حفروا قنوات نهرية عند بناء أهرامات دهشور جنوب الجيزة.

اقرأ المزيد: الأمم المتحدة تنوّه إلى خطر تجاهل تعقيم المرافق الصحية حول العالم

وقال عالم الجيولوجيا بجامعة إنسبروك ، آرني راميش، لمجلة نيو ساينتست في ذلك الوقت : "من الصعب تصديق الأثر الهائل الذي تركه المصريون".

ويقترح الباحثون وراء هذه الدراسة الأخيرة أنه يمكن استخدام مناهج مماثلة لإعادة بناء المناظر المائية القديمة التي غطت مجمعات الأهرامات المصرية الأخرى ، بما في ذلك مقبرة دهشور، عندما تم بناء هذه الصروح الضخمة.

 

ليفانت نيوز _ ساينس أليرت

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!